رأي

 محمد تاج السر علي الشيخ تلحين وغناء عوض جاد الرب في أبادماك منذ 55 عاماً

“غيبوبة” من شعر (الخليفة ليومنا)

 

بروف: عبد الله علي إبراهيم

 

نشأ أبادماك للكتاب والفنانين التقدميين حول مذكرة للرأي العام في شتاء 1968 استنكرنا فيها اعتداء الاتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم على حفل جماعة الثقافة الوطنية. وهي الحادثة المعروفة بواقعة العجكو. والعجكو رقصة من غرب السودان. فما أن صعدت راقصاتها الطالبات على المسرح حتى أفسد الإخوان الحفل وفرتقوه. ومات طالب في المعركة.

في اجتماعنا الأول العاشر من يناير 1969 أجزنا قرارين. واحد يشجب اعتداء الإخوان المسلمين على حفل جمعية الثقافة الوطنية. أما القرار الآخر فقد شجبنا فيه حكم الردة الذي صدر بحق المرحوم محمود محمد طه. وهذا نصه:

يستنكر اجتماع الكتاب والفنانين التقدميين التضييق الذي تمارسه بعض الجهات على العقل باسم الدين. إن الحرج الذي تعرض له العقل والوجدان بوقوف فكر ومنهج الأستاذ محمود محمد طه أمام القضاء الشرعي لهو حرج في افئدة كل الذين يريدون لبلادنا أن تستظل بالحوار، وأن تسترشد بالحجة والبيان، وأن يصان العقل من الاستعلاء والاستعداء. وإننا لنؤكد بالقطع مسؤولية الفكر في خلق سودان معاصر في التاريخ والزمان والمكان. لن ننثني أمام محاكم الردة وما أشبه .. ففي عمق رؤانا يعيش شعبنا وتراثه وباسمه نستشرف آفاق المعاصرة والبهاء.

وفي اجتماع لأبادماك شنّف عوض جاد الرب أسماعنا بأغنية “غيبوبة” لمحمد تاج السر. كان الاجتماع بدار جمعية الصداقة الألمانية (جهة سينما كلوزيوم) في 10 يناير 1969 (أو أنقص أو زد عليه قليلا). كان ذلك أول اجتماعاتنا لإجازة المانفستو المقدم للاجتماع. وزيناه ببرنامج فني جاذب. فقد استمعنا إلى أغنية من مريم ماكيبا بلغة التوسا من جنوب أفريقيا التي تخرج بموسيقاها الخاصة من بين أسنان نشطة زخارة (click song). أما المفاجأة فكانت أغنية للأستاذ عوض جاد الرب من كلمات المهندس محمد تاج السر إسمها “غيبوبة”. وأشجانا أنها خرجت منا بمصطلحنا ومن زملاء تلمس الواحد منهم لمساً لو مددت يدك. ومما يؤسف له أن ليس بيدنا أرشيفاً للأغنية وهي التي أسكرت (واقعاً ومجازاً) الجيل. وكان عوض مغنياً مجيداً وكان محمد تاج السر شاعراً مجيداً. ولا تزال طلاوة الأغنية مما أذكر كالندى في خاطري. كانت محاولة لإشهار غناء جديد. فهل تكرم من له سجل بها كأغنية أو قصيدة بنشرها علينا.. يكسب ثواب.

وأسعفني محمد تاج السر مؤخراً بالنص. ووعد باستعادة غناءه من وسط أسرته وفيها الفنان المعروف أحمد جلاب بأمريكا حتى يبلغ الخبر عوض ويتحفنا.

 

غيبوبة (1968)

بعد أن أزهر في القلب وأثمر

ذلك الطيب أغفى

بعد أن نور بيتي

بالسنا بالبشر بالبهجة يوما

لملم النور وأدبر

في هدوء قاتل مر وخلى

بعده في الدار خوفاً

وارتعاشات وظلمة

***

كان حلماً عابراً

لولا خيال في فؤادي

كان نبضاً في سهادي

كيف أنساه الذي

رش الندى يوماً عليا

بلل النار التي

كانت جحيماً أبديا

في جبيني

كيف والشوق الذي أحيا عيوني

بالحنان البكر بالليل الحزين

كان من طلعته الحبلى بطاقات الجلال

***

ليس لي بد

لقد كان بقربي

ثم أدبر

الجلال القطرة الشهد

العذاب الحلم

ما استقريته يوماً نديا

لم يفسر

كان يمرح

في شراييني وأعصابي تفرح

وينام الليل في حضني فأبكي

رقة خوفاً عليه

وشمه في باحة القلب أبيد

النقوش العذبة الإيقاع

تبدي لا تعيد

ويدوي صائح

إن حبي كان حلماً

من خرافات الزمان

 

أدناه رابط لمادة عن أبادماك

عبدالله علي إبراهيم – يوميات أبادماك (1968-1969): مريم ماكبا تظللنا | الأنطولوجيا (alantologia.com)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button