مراجعات نقدية غربية لرواية ليلى أبو العلا “روح النهر River Spirit”
ترجمة/ بدر الدين حامد الهاشمي
هذه محاولات لترجمة بعض ما نُشِرَ في صحف ومواقع إسفيرية غربية من مراجعات نقدية لرواية الأستاذة ليلى أبو العلا الأخيرة المعنونة “روح النهر River Spirit”، التي صدرت في مارس من هذا العام، والتي آثر الدكتور خالد فرح في مراجعته القيمة لها أن يترجم عنوانها بـ “مُناجاة النهر”.
1/ المراجعة الأولى بقلم ميغا ماجومدار Megha Majumdar : نشرت هذه الروائية الهندية التي تعيش الآن في نيويورك هذه المراجعة النقدية في صحيفة نيويورك تايمز New York Times الصادرة في السابع من مارس 2023م.
مع أفول نجم الإمبراطورية العثمانية في سودان القرن التاسع عشر، ونيل البريطانيين لنفوذ متزايد في المنطقة، أعلن زعيم ديني (سوداني) عن أنه هو “المهدي”، وأنه يهدف لإزالة ظلم الحكام الأجانب وإقامة العدل، خاصة فيما يتعلق بالضرائب الباهظة التي فرضها أولئك الحكام. ومع اكتساب ثورته لمزيد من القوة والأنصار، بدأ طمعه في السلطة يُفْقَد حركته بريقها ونقائها الأيديولوجي. وتتبعت ليلى أبو العلا في روايتها الجديدة الرائعة “روح النهر River Spirit” مسار تلك الثورة، وهي تتحور إلى أداة جديدة من أدوات القهر.
نجد في الرواية شخصية “أكواني”. فهي قلب الرواية النابض وعمودها الفقري المستقيم. ومن المثير أن نذكر أن المؤلفة ذكرت في باب “الشكر والعرفان acknowledgments” بالرواية أنها عثرت في أرشيف جامعة درم على فاتورة مبيعات واِلتِماس أو عَرِيضَة لفتاة مسترقة هاربة (آبِقة)؛ وكانت تلك هي إحدى أصول تلك الشخصية المركزية. وكانت “أكواني” بنتاً يتيمة مسترقة أنقذها ياسين، بعد أن قامت مجموعة من صائدي الرقيق بغارة على قريتها قتلوا فيها والدها (وآخرين)، وبِيعَتْ، وغُيِّرَ اسمها الأصلي إلى “زمزم”. وغدت حياتها تدور حول البحث عن الحرية والسعي لتكوين عائلة جديدة.
وفي غضون تلك الفترة داومت “أكواني” على أمرين عدتهما من الثوابت: الذهاب إلى ضفة النيل الأبيض فهو “كتاب زمزم، الذي تستطيع مطالعته”، وعشقها لياسين، على الرغم من أن شكل ذلك الحب – الذي بدأ منذ الطفولة – قد تغير الآن.
مرت عليّ لحظات تمنيت فيها أن أكون أكثر قرباً من شعور ووعي “أكواني”، وأن أشغل عقلاً مرناً مثل عقلها، يملأه عشق جامح، لكنه مقيد بشدة. في ظل أيام عملها الشاق، لا بد أن تكون بالتأكيد قد عانت من ألم ممض وفَجّع وحرقة لما كان عليه ماضيها، ومن الرغبة في النضال من أجل مستقبلها. لكن ربما يكون جزء من طِمَاح هذه الرواية هو رفض مثل تلك التوقعات.
وتترك لغة الرواية الحادة القوية الصارخة للقارئ أن يقرر كيف يتأثر بها. هل سنتوقف؟ هل ندير أنظارنا؟ هل سنتأمل في المعنى المنشقّ لموت فرد ما – ما هو المعنى بالنسبة لمن يحبه، وما هو المعنى عند أمة في حالة حرب؟ غير أن الرواية شَفُوقة وعطُوفة أيضاً. تتفهم الرواية لماذا يتبع الأنصار والأتباع، ولماذا يهاجم الأعداء، ولِمَ يخون المعذبون. إنها قصة حب تدوم في زمن القسوة والعقاب.
للمرء ان يقرأ “روح النهر” بحسبانها روايةً عن تعقيدات البشر تلك، خاصة تعقيدات حَيَوات النساء. ففي المواقف التي تتسم بالزعزعة والخطورة وعدم الاستقرار، تفلح النساء دوماً في إيجاد طرق للروغان منها، وتحديها، والانتصار عليها.
وفي نهاية الكتاب، تتركنا المؤلفة مع أكثر الأسئلة ثقلاً: ما الذي نؤمن به، وما هي الأشياء التي يمكننا التضحية بها من أجل تلك المبادئ التي نؤمن بها؟ إن تخلينا عن قناعاتنا من أجل سلامتنا (الشخصية).