تقارير

العائدون للخرطوم.. لن تعرف كيف هي الأوضاع حتى تعيشها

تقرير – الأحداث

تواجه الأسر العائدة إلى الخرطوم اشكالات كبيرة قياساً بالخرطوم التي غادروها يوم نزوحهم إلى الولايات أو خارج السودان، فالخرطوم التي تغيرت ملامحها في نواح كثيرة أصبحت تعاني هي نفسها كمدينة من اشكالات متعددة بعضها خدمي وبعضها بيئي وصحي إذ طال الدمار الذي خلفه وجود المليشيا في الخرطوم كل مناحي الحياة، دمر كل البنيات الخاصة بالصحة كالمستشفيات والمراكز الصحية ومستودعات الدواء والصيدليات ودمر الجامعات والمصانع والمكاتب والشركات ومقار الحكومة ومنازل المواطنين ومتاجرهم واسواقهم لم يترك شيء لم يدمره ما القي باعباء كبيرة على المواطنين والسلطات المسؤولة إذ لازالت أجزاء كبيرة وحيوية من العاصمة الخرطوم خارج تغطية الكهرباء وبعضها لم تصله حتى خدمات مياه مستقرة مع انتشار واسع للبعوض ونواقل الضنك والملاريا وانتشار السرقات وحوادث السطو والنهب المسلح وارتفاع كلفة الحياة وغلاء الاسعار بالاضافة الى حالة ارتباك وغلاء ظلت حاضرة في التعليم وايجارات المنازل والتواجد الاجنبي وانتشار التسول المنظم وعودة بائعات الشاي لاحتلال الشوارع على ما ظهر من خطر بسبب انتشارهن ابان تواجد مليشيا الدعم السريع في الخرطوم بالاضافة الى سبب جوهري وهو عدم وجود اعمال في المدينة إذ لا زال معظم موظفي الحكومة (مجمدين) ولا زال اغلب العاملين في القطاع الخاص لا يعلمون ما اذا كانت الشركات والمصانع التي كانوا يعملون بها قبل اندلاع الحرب ستعاود العمل، كما أن معظم المتاجر التي عادت للعمل تعاني كساداً متراكماً بسبب قلة الطلب لضعف ايرادات الناس وتوقف اعمالهم ما انعكس على حركة البيع والشراء التي اصبحت ضعيفة في وقت ارتفعت فيه أسعار العقارات اذ وصل سعر ايجار عقار مثلاً كالدكان في سوق ام درمان إلى ملياري جنيه شهرياً ووصل في بعض مناطق السوق إلى اربعة مليارات رغم ان السوق الذي عادت بعض محاله للعمل يعاني من عدم وجود كهرباء ويغلق ابوابه مضطراً قبل مغيب الشمس يومياً بسبب الحالة الامنية وانعدام الكهرباء ونقل معظم التجار مخازنهم من سوق ام درمان والاحياء المحيطة به مثل حي البوستة وحي العرب والهجرة وحتى ودنوباوي إلى منازل في ام درمان بسبب الخوف من السرقات والسطو المسلح اذ لا زالت هذه المناطق شبه خالية من السكان فيما عدا احياء معينة وحتى هذه الاحياء سكانها أغلبهم نازحين من غرب ام درمان اي أن سكانها الاصليين لم يعودوا بعد، وفيما يصر البعض على العودة إلى منازلهم في مناطق مثل الكلاكلات وامبدة وشمبات وغيرها يواجه هؤلاء مشكلة الخدمات كواقع معاش فكل هذه المناطق جردتها المليشيا ابان تواجدها في الخرطوم من المحولات الكهربائية ما جعلها خارج خدمات الكهرباء لسنوات بالاضافة طبعاً إلى ان المنازل نهبت بصورة كاملة ولا اثر لاي اثاثات او حتى (ملعقة) بل أن بعض المنازل جردت حتى من البلاط واسلاك الكهرباء.
يقول فتح الرحمن السيد وهو من مواطني بحري انه عاد إلى منطقته فلم يعرفها لان تفاصيل كثيرة اختفت، ويضيف (فقدت سيارتي واثاثات منزلي والمنزل نفسه جزء منه مدمر لان دانات سقطت فيه لكننا نحاول استعادة حياتنا الان بمساعدة الذين عادوا إلى الحي)، وتابع (الامور قاسية جداً هنا فنحن وسط ظلام دامس وبعوض وامراض وعمل متوقف والتزامات مليارية لا نعرف كيف نتعامل معها)، وقال ( المدارس الخاصة مثلاً تطالبنا بدفع مبلغ مليار جنيه لكل طفل ولا تسال نفسها من اين؟ نحن عطالى اذ لا اعمال هنا والجميع يعلم ذلك ولا يمكن المجازفة بابنائي وزجهم في محرقة التعليم الحكومي وفوق هذا كله العام الدراسي نفسه مختصر في ثلاثة اشهر تخيل اننا ندفع مليار جنيه من اجل ان يدرس ابنائنا بعض ابواب من المقرر وتخيل ان العملية التعليمية اصبحت مجرد امتحانات فقط).
ويرى محمد المعز ابوجبل أن الحرب فرضت واقعاً من الصعب التعامل معه، قال (كنا لاجئين أنا واسرتي في مصر وعدنا لان البقاء هناك مع ضعف العملة السودانية اصبح جحيماً لكن ما وجدناه هنا صعب منزلنا في بحري شبه مدمر ويحتاج إلى صيانة كبيرة حتى يعود مكاناً صالحاً للسكن لذا اخترنا ام درمان لانها المكان الاكثر امانا الان لكن الايجارات صعبة جدا اذ تبدا بمليار ونصف المليار حتى الشقق الصغيرة مليار دعك من الحياة ومنصرفاتها وتوقف حركة التجارة وصعوبة الحصول على خدمات الامور في الخرطوم صعبة جداً والواقع على الارض مختلف عن ما يصلنا عبر الاعلام وحتى عبر بعض معارفنا لن تعرف كيف هي الأوضاع حتى تأتي وتعايشها).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى