الذاكرة السودانية: زيارة الفريق أول مفضل لمنزل آمال عباس… لفتة وفاء ورسالة تقدير للصحافة

أعادت زيارة الفريق أول مفضل إبراهيم، المدير العام لجهاز المخابرات العامة، إلى منزل الصحفية الراحلة آمال عباس، تسليط الضوء على لحظة إنسانية ذات دلالة عميقة في الذاكرة السودانية، عكست تقدير الدولة لدور الصحافة الوطنية ورموزها، ورسخت لمعنى الوفاء تجاه أصحاب القلم والمواقف.
وجاءت الزيارة، التي وثقها مقطع فيديو متداول، في إطار تقليد اجتماعي عُرف به السودانيون، يتمثل في رد الزيارات وتقديم واجب العزاء والتقدير، لكنها حملت في مضمونها رسالة تتجاوز الطابع الاجتماعي إلى بعد رمزي وسياسي، يؤكد الاعتراف بإسهامات آمال عباس في مسيرة الصحافة السودانية، وما مثلته من صوت مهني مستقل وضمير نقدي حاضر في الشأن العام.
وتُعد آمال عباس واحدة من أبرز الصحفيات السودانيات، إذ امتدت مسيرتها المهنية لعقود، تميزت خلالها بالجرأة، والالتزام بقضايا المجتمع، والدفاع عن القيم الوطنية، رغم ما واجهته من تضييق وإقصاء في فترات مختلفة. وقد تركت كتاباتها أثرًا عميقًا في الوعي العام، وأسهمت في ترسيخ تقاليد صحفية قائمة على النزاهة والاستقلالية.
ويرى متابعون أن هذه الزيارة تحمل دلالة مهمة في العلاقة بين مؤسسات الدولة والإعلام، وتبعث برسالة مفادها أن الصحافة الوطنية، مهما اختلفت مواقفها، تظل شريكًا أصيلًا في بناء الدولة وحماية الوعي العام، وأن تقدير رموزها واجب أخلاقي ووطني.
كما اعتُبرت الزيارة ردًا عمليًا على كثير من الصور النمطية السائدة حول العلاقة بين الأجهزة الأمنية والصحافة، إذ عكست احترامًا متبادلًا، ورسخت لفكرة أن الأمن الوطني لا ينفصل عن احترام حرية التعبير ودور الإعلام في خدمة المجتمع.
وبهذا المعنى، تجاوزت زيارة الفريق أول مفضل إبراهيم بعدها البروتوكولي، لتتحول إلى لحظة رمزية في الذاكرة السودانية، تؤكد أن الوفاء لأصحاب الكلمة الصادقة لا يسقط بالتقادم، وأن الاعتراف بالتاريخ المهني للصحفيين هو جزء من بناء الثقة الوطنية في مرحلة تحتاج فيها البلاد إلى استعادة المعنى والاتزان.



