تقارير

جسر جوي عسكري سري للإمارات إلى إثيوبيا

ريتش تِد – 19 ديسمبر 2025
خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت الرحلات الجوية العسكرية المرتبطة بالإمارات والمتجهة إلى إثيوبيا زيادة مطّردة، لا سيما بين أكتوبر ونوفمبر 2025. غير أن الارتفاع الأبرز سُجِّل مؤخرًا، خلال الفترة من 10 إلى 19 ديسمبر. وخلال هذه المدة، قام ريتش تِد، وهو باحث مستقل في استخبارات المصادر المفتوحة (OSINT)، بتتبّع هذه الرحلات عن كثب، سعيًا لفهم طبيعتها وأسباب هذا التصاعد المفاجئ.
تفاصيل الجسر الجوي
بين 6 أكتوبر و19 ديسمبر 2025، تم تسجيل 37 رحلة عسكرية مرتبطة بالإمارات وصلت إلى إثيوبيا. وشمل ذلك:
•رحلتين لطائرة شحن عسكرية من طراز C-17A تابعة لسلاح الجو الإماراتي وتحمل الرقم “1229”.
•27 رحلة بطائرات Il-76TD شغّلتها شركات شحن تجارية، من بينها شركة Zebu Air المالاوية، وFly Sky Airlines، وNew Way Cargo Airlines القيرغيزية.
•أربع رحلات بطائرة شحن من طراز B747-409F تابعة لشركة Pecotox-Air ومقرها مولدوفا. (تحديث)
وتضم قائمة الرحلات أيضًا وصول طائرة شحن ثقيل واحدة على الأقل من طراز An-124-100 (التسجيل UR-ZYD)، تشغّلها شركة Maximus Air المرتبطة بالحكومة الإماراتية، حيث أقلعت من قاعدة الريف الجوية في أبوظبي إلى مومباسا في كينيا، ثم واصلت مباشرة إلى مطار بولي الدولي في أديس أبابا.
وأعقبت هذه الرحلة طائرة بوينغ 737-436 مهيّأة لنقل الركاب (التسجيل 5Y-FQA)، تشغّلها شركة Fanjet Express ومقرها كينيا، وهي أيضًا مرتبطة بالحكومة الإماراتية.
كما لوحظت رحلتان في 11 أكتوبر و16 نوفمبر لطائرتين نفاثتين من طراز CL-600 تابعتين لسلاح الجو الإماراتي وتحملان الرقمين 1351 و1350، وصلتا إلى مطار بولي الدولي. وغالبًا ما ترتبط هاتان الطائرتان بتنقّلات هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإماراتية، بما في ذلك رئيس الأركان الفريق عيسى المزروعي.
تسارع ملحوظ في وتيرة الرحلات
شهد الأسبوع الأخير (10–19 ديسمبر) قفزة حادة في النشاط، حيث سُجِّلت 14 رحلة—بمعدل يقارب رحلتين يوميًا خلال الأسبوع الأخير. ويمثّل ذلك معدلًا يوميًا أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة بالأيام العشرة الأولى من ديسمبر، التي شهدت أربع رحلات فقط. واللافت أن عدد الرحلات في هذه الأيام الأخيرة وحدها يتجاوز إجمالي الرحلات المسجّلة طوال شهر نوفمبر.
طائرات Il-76TD في قاعدة هرر مِدا الجوية
أكدت صور أقمار صناعية مؤرخة 25 نوفمبر و12 ديسمبر وجود طائرتين Il-76TD في قاعدة هرر مِدا الجوية بمدينة بيشفتو الإثيوبية.
•الطائرة الأولى، التي رُصدت في 25 نوفمبر، يُعتقد أنها Il-76TD تابعة لشركة Fly Sky Airlines (التسجيل EX-76003). أقلعت من مطار بوصاصو في إقليم بونتلاند الصومالي، واتجهت غربًا قبل أن ينقطع تتبّعها أثناء التحليق على ارتفاع نحو 28 ألف قدم فوق دير داوا في إثيوبيا. وتزامنت هذه الحركة مع رصدها بصور قمر Sentinel-2L1A في اليوم نفسه.
لاحقًا، نفّذت الطائرة رحلتين على الأقل بين مطار بوصاصو وقاعدة هرر مِدا في 25 و26 نوفمبر. وقبل ذلك، كانت قد وصلت إلى بوصاصو قادمة من قاعدة الريف الجوية في أبوظبي، التي تُعد مركزًا رئيسيًا للرحلات العسكرية الإماراتية إلى إفريقيا.
•الطائرة الثانية، التي ظهرت في صور Sentinel-2L1A بتاريخ 12 ديسمبر، يُعتقد أنها Il-76TD تشغّلها شركة Aviacon Zitotrans الخاضعة لعقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). وتحمل التسجيل RA-76842، وقد أقلعت من قاعدة الريف الجوية في اليوم نفسه، قبل أن ينقطع تتبّعها أثناء التحليق فوق خليج عدن.
رحلة شحن نادرة إلى مطار بحر دار
في 18 ديسمبر، جرى تتبّع طائرة شحن Il-76TD—تأكد إقلاعها من قاعدة الريف الجوية—وهي تصل مباشرة إلى مطار بحر دار في إقليم أمهرة الإثيوبي. ثم واصلت الطائرة رحلتها إلى مطار بولي الدولي في أديس أبابا، قبل أن تعود إلى أبوظبي في وقت لاحق من الليلة نفسها.
وتُعد هذه أول حالة مُبلّغ عنها لتسيير طائرة شحن من هذا النوع مباشرة من الإمارات إلى بحر دار. الطائرة تحمل التسجيل EX-76026 وتشغّلها New Way Cargo Airlines، وكانت نشطة في الأسابيع الأخيرة على مسارات بين قواعد جوية إماراتية والصين، ويرجّح أنها تنقل معدات عسكرية صينية الصنع.
ويُذكر أن مطار بحر دار خضع لأعمال تجديد بين مايو ويونيو 2025، شملت إعادة سفلتة المدرج بالكامل بعلامات جديدة، وتأهيل الساحة الرئيسية للطائرات، لا سيما القسم الأيسر الذي كان خارج الخدمة سابقًا.
تجديد قاعدة هرر مِدا الجوية
منذ أواخر سبتمبر 2025، أُغلقت قاعدة هرر مِدا الجوية مؤقتًا، ما دفع رحلات الشحن إلى التحويل نحو مطار بولي الدولي. وجاء الإغلاق بسبب أعمال تجديد شاملة استمرت قرابة شهر.
تركّزت الأعمال على تأهيل المدرج الرئيسي، بما في ذلك وضع طبقة إسفلت جديدة وعلامات حديثة، إضافة إلى تمديد المدرج بنحو 820 مترًا، ليرتفع طوله الإجمالي من 3.1 كم إلى 4.1 كم. وقد جعل هذا التحديث مدرج هرر مِدا الأطول في إثيوبيا، ما عزّز بشكل كبير القدرة التشغيلية للقاعدة.
شحنات عسكرية غامضة عبر أرض الصومال
في نوفمبر 2025، ظهرت لقطات تؤكد نقل شحنة كبيرة من المعدات العسكرية من ميناء بربرة في أرض الصومال إلى إثيوبيا. وتضمنت الشحنة حاويات محمّلة بالأسلحة والذخائر، وما لا يقل عن 21 سيارة بيك-أب معدّلة للاستخدام العسكري.
ومن خلال تحقق مستقل، تبيّن أن الشحنة وصلت في نهاية المطاف إلى إثيوبيا. وتشير تحليلات تحديد الموقع الجغرافي للقطات إلى أن القافلة كانت متجهة إلى دير داوا، ما يوفّر دليلًا واضحًا على وجهتها وحركة العبور الحدودي لهذه المعدات.
وأفادت تقارير غير مؤكدة بأن هذه المركبات وصلت إلى ميناء بربرة على متن سفينة شحن أبحرت مباشرة من الإمارات—وهو أمر لافت نظرًا لأن ميناء بربرة تديره موانئ دبي العالمية. كما زعمت تقارير أخرى أن الشحنة كانت موجّهة إلى قوات الدعم السريع. غير أن شحنات الأسلحة المخصّصة عادةً لـقوات الدفاع الوطني الإثيوبية تمر غالبًا عبر كينيا أو جيبوتي، أو تُسلَّم مباشرة جوًا إلى إثيوبيا، وليس عبر بربرة.
هل للأمر صلة بحرب السودان؟
لا توجد أدلة قاطعة تربط هذه الرحلات مباشرةً بالنزاع الدائر في السودان. إلا أن توقيتها يتزامن مع تقارير تفيد بأن إثيوبيا باتت تسمح لقوات الدعم السريع بالعمل في إقليم بني شنقول قرب الحدود السودانية. كما أفادت الجزيرة بأن القوات المسلحة السودانية تستعد—بحسب تقارير—لفتح جبهة محتملة جديدة ضد الدعم السريع على امتداد ولاية نهر النيل عبر الأراضي الإثيوبية.
وتشير التقارير كذلك إلى أن إثيوبيا تؤدي على نحو متزايد دور محور عبور للأسلحة والإمدادات اللوجستية التي يُقال إن الإمارات ترسلها إلى قوات الدعم السريع؛ حيث تصل الشحنات بحرًا إلى ميناء مومباسا في كينيا أو ميناء بربرة في أرض الصومال، ثم تُنقل برًا عبر إثيوبيا وصولًا إلى وجهتها النهائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى