تقارير

روابط الأمراء الإماراتيين بالغرب مهددة بسبب مذبحة السودان.

بقلم أدريان بلومفيلد، مراسل خاص
9 ديسمبر 2025

في أبوظبي، يُنظر إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وشقيقه الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان كمهندسي الثورة التكنولوجية التي تحول دولة الإمارات العربية المتحدة من دولة نفطية تقليدية إلى قوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي والابتكار. لكن الشهر الماضي، تعرضت أحلامهما الجريئة لتهديد خطير بسبب مذبحة وقعت في مدينة نائية في السودان، حيث يُتهم الأخوان الملكيان بدعم الجماعة المسؤولة عنها.

الشيخ محمد، رئيس الإمارات، وشقيقه طحنون، مستشار الأمن الوطني، يسيطران على بعض أكبر الصناديق السيادية في العالم، ويستثمران مليارات الدولارات في شركات التكنولوجيا الأمريكية والأوروبية الرائدة. هدفهما: جعل الإمارات مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، من خلال مشاريع تشمل مدينة للذكاء الاصطناعي في أبوظبي وشراكات مع غوغل ومايكروسوفت.

لكن سقوط مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، في أيدي قوات الدعم السريع في أواخر أكتوبر، أثار عاصفة دولية. ووفقًا لتقارير هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة، قتلت قوات الدعم السريع آلاف المدنيين خلال أيام قليلة، معظم الضحايا من قبائل غير عربية مثل الفور والمساليت، في عمليات تذكّر بإبادة دارفور الجماعية بين عامي 2003 و2004. تظهر صور الأقمار الصناعية أكوامًا من الجثث في الشوارع، وتتحدث شهادات الناجين عن اغتصاب جماعي وإعدامات ميدانية.

تركّز الغضب الدولي على الإمارات، التي تُتهم منذ اندلاع الحرب السودانية في أبريل 2023 بتقديم دعم لوجستي ومالي لقوات الدعم السريع. تشير تقارير الأمم المتحدة وواشنطن إلى شحنات أسلحة تمر عبر تشاد وليبيا بمشاركة شركات إماراتية، بالإضافة إلى تجنيد مرتزقة كولومبيين من خلال كيانات في الإمارات. وفي نوفمبر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أربعة أفراد وكيانات إماراتية مرتبطة بهذا التجنيد، مما أثار مخاوف من توسيع العقوبات.

«هذه المذبحة ليست كارثة إنسانية فحسب؛ إنها قنبلة موقوتة للعلاقات الإماراتية الغربية»، يقول محلل في مركز أبحاث بواشنطن. «الغرب يرى دعم الإمارات لقوات الدعم السريع تهديدًا للاستقرار الإقليمي، وهذا أمر لا يمكن تجاهله عند مناقشة صفقات التكنولوجيا الحساسة».

المعوقات باتت واضحة الآن: صفقات كبرى مجمّدة. في أكتوبر، أوقفت شركة أمريكية رائدة في مجال الطائرات بدون طيار تعاونها مع شركة إماراتية بسبب مخاوف أمنية مرتبطة بالسودان. كما تأجل مشروع تطوير رقائق ذكاء اصطناعي مع شريك أوروبي، حيث تطالب بروكسل بضمانات بعدم نقل التكنولوجيا إلى أطراف متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان. وتقول مصادر دبلوماسية في لندن إن بريطانيا، حليفة الإمارات، تواجه ضغوطًا برلمانية لمراجعة الشراكات، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي العسكري.

تنفي الإمارات الاتهامات بشدة. وفي بيان رسمي، أدانت «الفظائع المروعة في الفاشر» وحمّلت الجيش السوداني مسؤولية «استراتيجيات التجويع والقصف العشوائي». كما أعلنت تقديم مساعدات إنسانية بقيمة 367 مليون درهم إماراتي (نحو 100 مليون دولار) للنازحين في دارفور، تشمل إنشاء مستشفيات ميدانية وتوزيع غذاء. وقال مسؤول إماراتي كبير: «نحن ملتزمون بالسلام في السودان، وأي ادعاءات بدعم عسكري هي محاولات للتشويش».

لكن الغرب غير مقتنع. يصف تقرير للكونغرس الأمريكي في نوفمبر دعم الإمارات لقوات الدعم السريع بأنه «عامل رئيسي في إطالة أمد الحرب التي حصدت 150 ألف روح وشردت 12 مليون شخص». وفي جلسة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة يوم 14 نوفمبر، دعت الولايات المتحدة إلى تحقيق دولي في «التمويل الخارجي للانتهاكات». وحتى حلفاء الإمارات مثل السعودية والولايات المتحدة، ضمن «الرباعية» الخاصة بالسودان، يضغطون من أجل وقف الدعم.

الرهان بالنسبة للشيخين مرتفع للغاية. طحنون، الملقّب بـ«الرجل الأقوى في الإمارات»، يشرف على مجموعة EDGE الدفاعية التي تطور تكنولوجيا متقدمة بالشراكة مع الغرب. أي قيود قد تعرقل خطط الإمارات لتصبح «وادي السيليكون في الشرق الأوسط». كما يقول دبلوماسي غربي: «الإمارات تريد أن تكون لاعبًا في الذكاء الاصطناعي، لكن الغرب لن يسلم التكنولوجيا لدولة تُتهم بدعم ميليشيات إرهابية».

وسط تصاعد التوترات، تحاول أبوظبي دبلوماسية تصحيحية. في نوفمبر، أرسلت وفودًا إلى واشنطن ولندن للدفاع عن موقفها، ودعت إلى وقف إطلاق النار في السودان. لكن مع استمرار ورود تقارير عن فظائع قوات الدعم السريع – بما فيها قصف روضة أطفال في الفاشر أودى بحياة 40 طفلاً – يبدو أن ثقة الغرب تتآكل. يختم بلومفيلد: «هذه الأزمة قد تؤخر طموحات الإمارات لسنوات»، مشيرًا إلى أن الصراع السوداني تحول إلى «حرب بالوكالة» بين قوى خليجية، تهدد استقرار المنطقة بأكملها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى