رأي

هل يرتفع الإعلام السوداني إلى مستوى الزخم الجديد؟

محمد عثمان إبراهيم

مثل مقال الفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة في صحيفة الوول ستريت جورنال اختراقاً إعلامياً مهماً في معركة السودان ضد عدوان مشيخة أبوظبي الممول بمليارات الدولارات.
بالطبع لا يمكن النظر إلى هذا المقال ونشره وتوقيت ذلك بعيداً عن السند السعودي، وهو سند يرتكز على سجل ممتد في التأثير على السياسة الأمريكية بما في ذلك وضع البصمة السعودية في الانتخابات الرئاسية ذاتها.
تمتلك السعودية بجيوبها العميقة، ودبلوماسيتها الممعنة في السرية والدوائر المغلقة، والتزام حكامها البدوي العربي بالمواثيق والعقود – على غير ما هو شائع في عالم السياسة- القدرة على طرح رؤيتها ببراعة على مؤسسات صناعة القرار الأمريكية.. شكراً لأحداث الحادي عشر من سبتمبر التي مثلت تحدباً كبيراً للمملكة نجحت في عبوره بصعوبات كبيرة بعد أن غيرت طرائق عملها مع مؤسسات العلاقات العامة الضخمة في الولايات المتحدة.
في هذا الإطار يأتي مقال رئيس مجلس السيادة غير المسبوق أمس والذي يظهر العلم السعودي بين كل سطر فيه وآخر حيث لا يمكن لكاتب سوداني، ولو كان زعيماً، الحصول على مربع للنشر في الصحيفة الأغلى والأكثر تأثيراً وأهمية في العالم والجوهرة على تاج أمبراطورية روبرت ميردوخ الصحفية التي تضم مئات الصحف والمحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية وغيرها من نيويورك إلى بورت موريسبي في بابوا غينيا الجديدة والبعيدة.
اشترى ميردوخ صحيفة وول ستريت جورنال (تنطق جيرنال) في العام ٢٠٠٧م في صفقة غير مسبوقة هي الأخرى حيث دفع مبلغ ٥ مليارات دولار، وهو مبلغ يتجاوز صادر الذهب السوداني لجميع الأعوام منذ سقوط نظام البشير بسعر اليوم. هذه المقارنة فقط ليعرف القاريء غير المهتم فكرة عن قيمة هذه الصحيفة والتي اشترتها أسرة ميردوخ من ملاكها السابقين والذين توارثوها لما يزيد عن المائة عام.
ما ينشر في هذه الصحيفة المهمة سيتردد صداه حول العالم في جميع الصحف إذ يصعب أن يكون هناك زعيم مهم في العالم أو ناشر رفيع المستوى لا يبدأ يومه بقراءة الوول ستريت جورنال.
تستمد الصحيفة أهميتها أيضاً من كونها تأتي ضمن مؤسسة داو جونز المتخصصة في معلومات سوق الأسهم والذي أخذت الصحيفة اسمها من أحد أهم مقراته وهو شارع أسواق المال والتجارة العالمية في نيويورك والمعروف باسم وول ستريت، مما يجعلها الصحيفة الأولى المعتمدة لدى رؤساء الشركات العالمية ورجال الأعمال والمليونيرات وحكام الدول الثرية.
تتمتع العائلة المالكة السعودية بعلاقات وثيقة بإمبراطور الصحافة روبرت ميردوخ وقد ظل الأمير الوليد بن طلال ثاني أكبر مساهم في شركة نيوز كورب حتى قبل سنوات قليلة حيث باع مجموعة كبيرة من أسهمه لكنه ما زال يحتفظ بمئات الملايين من الريالات ليبقى جزءاً من المكاسب المالية ومن صناعة القرار داخل تلك المؤسسة الضخمة.
علينا أن نتذكر أيضاً أن الصحيفة حملت أهم وأول تقرير في صحيفة عالمية عن تورط دولة الإمارات في حرب السودان وذلك في مادة حصرية نقلتها بعد حوالي ٤ أشهر من الحرب وساهمت في تغيير التوجه الإعلامي العالمي وإن لم ينجح السودان في الاستفادة من ذلك التغيير بسبب ضعف المؤسسات والقائمين عليها.
الأن يفتح هذا المقال المكتوب -كما هو واضح- تحت سقف منخفض جداً من حرية التعبير باباً للتوسع في المعركة الإعلامية ضد مشيخة أبوظبي، وهي معركة مضمون الانتصار فيها إذا توفرت الإرادة والعزم.
هل يرتفع الإعلام السوداني الرسمي إلى مستوى اللحظة الراهنة وهذا الزخم الكبير؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى