رأي

في معنى الصمود!

إبراهيم عثمان

بكري الجاك الناطق الرسمي لتحالف “صمود”: (يؤكد تحالف “صمود” استعداده للجلوس مع الكتلة الديمقراطية والقوى المتحالفة والداعمة للقوات المسلحة، وكذلك مع القوى السياسية المنضوية في تحالف “تأسيس”، وذلك في ظل استمرار رفض هذه الأطراف الاجتماع سوية، إلى أن تتهيأ الظروف المناسبة التي تسمح بجلوس الجميع مع بعضهم البعض لإدارة العملية السياسية بصورة مشتركة.وفي هذا الإطار سيواصل تحالف صمود جهوده لجمع كل الأطراف السياسية، بغية التوافق على تشكيل لجنة تحضيرية تتولى تحديد أطراف العملية السياسية وقضاياها، وتحديد مكان انعقاد الحوار، ودور الميسرين الإقليميين والدوليين.)

لا يوجد طرف “صامد” في تمسكه بمشاركة طرف آخر في قيادة وإدارة العملية السياسية مثل تحالف “صمود” في تمسكه بمشاركة الميليشيا ورفاقه في “تقدم” الملتحقين بها.

١. تكرر صمود كثيراً أنها ليست حليفة للميليشيا في الحرب، رغم دفاعها عنها في قضايا حربية كثيرة، لكنها لا تنفي تحالفها “السياسي” معها، وإن بدا عليها بعض الحرج في إعلانه بصراحة، لكن كشفه يزداد وضوحاً كلما جاء الحديث عن العملية السياسية!

٢. استخدام تعبير “القوى السياسية المنضوية في تحالف تأسيس” يشكل عملية “غسيل سياسي” مزدوجة: أولى للقوى الملتحقة بالميليشيا عبر ضمها إلى نادي “النخبة القيادية” كما تراها صمود، وثانية للميليشيا نفسها عبر هذه القوى، وعبر العمليتين تمنح تحالف الميليشيا “تأسيس” فرصة تحويل اسمه إلى فعل عبر إشراكه بفعالية في “تأسيس” المستقبل السياسي! فبينما أدى التحاق جزء كبير من “تقدم” بـ “تأسيس” إلى تلطيخ صورتها أكثر مما كانت عليه عندما كانت تتدثر بالحياد، تتعامل  وكأن هذا الالتحاق قد ساهم في “تنظيف الميليشيا” وتأهيلها سياسياً!

٣. ألإصرار على وصف القوى الأخرى بـ  “المتحالفة والداعمة للجيش”، وعدم الإشارة إلى أن تأسيس تضم الميليشيا والقوى الداعمة لها، هو عبارة عن حيل للتخفيف من عبء علاقتها بالميليشيا، والظهور بمظهر الطرف “المتوازن”، لكن إرادة التخفيف، التي أثرت على طريقة الصياغة، أوقعتها في “تجاهل” قوى أخرى تقول إنها ليست داعمة لا للجيش، ولا للميليشيا!

٤. تقول صمود ــ بموقفها هذا ــ إن الأسباب التي تدفع القوى السياسية لمقاطعة تحالف الميليشيا “تأسيس” لم ولن تدفعها لمقاطعتها، بل إنها تتجاوز مجرد القبول بها إلى التمسك بمشاركتها “القيادية” كشرط لا تتنازل عنه. ولا يوجد طرف آخر “تشترط” حصوله على هذا الامتياز غير نفسها والميليشيا!

٥. تتعامل مع رفض بقية الأطراف الجلوس مع “تأسيس” كعقبة بسيطة مؤقتة سيتم تجاوزها، وسينتج عنها  تأجيل العملية السياسية التي تخطط لها، إذ لا عملية سياسبة دون مشاركتها، ولا مشاركة لها دون مشاركة “تأسيس”!

٦. تقوم بتقسيم الأدوار بحيث تتكفل الميليشيا بالعمل العسكري والميداني، أياً كان نوعه وانعكاسه على المدنيين، لبناء النفوذ على الأرض. بينما تتولى هي مهمة الدفاع السياسي عن دورها القيادي، إلى حين فرض القبول بها!

٧. تقوم أيضاً بتوزيع الأدوار السياسية، إذ تتمسك بفكرة وجود “قيادة عليا” تدير العملية السياسية، مشكلة من بعض القوى ومن بينها “تأسيس”، عبر تشكيل “لجنة تحضيرية” تتولى (تحديد الأطراف، والقضايا، والمكان، ودور الأطراف الإقليمية والدولية)  مع إبقاء أطراف أخرى خارج هذه اللجنة لتنظر “اللجنة/القيادة” في أمر قيولها كأطراف او عدم قبولها، وتتمسك بتأجيل  تشكيلها إلى حين مشاركة “تأسيس” فيها. فهي مفتاح بدء العملية السياسية التي يجب أن تظل رهينة عندها إلى ذلك الحين!

٨. تنطلق في ذلك من فرضية مفادها أنها ــ أي صمود ــ مقبولة من الجميع، ما عدا من لا تقبل بهم ولا ترغب في قبولهم بها، وتمنح “تأسيس” ميزة الانتقال، في خطوة واحدة، من طرف يبحث عن القبول لنفسه، إلى طرف “ينظر” في قبول بقية القوى السياسية غير الممثلة في اللجنة التحضيرية!

٩. وتنطلق أيضاً من قاعدة مفادها أن كل داعمي الميليشيا مقبولين في “قيادة العملية السياسية” لكن (بعض) داعمي الجيش ــ غير الذين تقطع مسبقاً بعدم قبولهم ــ هم خارج القيادة، وربما أيضاً خارج المشاركة!

١٠. تولي مسألة “مكان الحوار” أهمية قصوى، مراعاةً لظروف الميليشيا المحاربة، التي لا توجد إمكانية لحولر معها إلا في مناطق “سيطرتها” أو في الخارج، لا سيما في الدول التي تسمح لها بحرية التواجد والتحرك، ومراعاة ظروفها هي (صمود)، فلديها موانع ومخاوف من الحوار في الداخل تتعلق بعلاقتها بالميليشيا. وتفضل أن يكون الحوار في الخارج. مع إصرارها على التمسك بأدوار  “الميسرين الإقليميين والدوليين”.

بينما يحصي المواطنون خسائرهم من عمليات النهب والتخريب واسعة النطاق التي قامت بها الميليشيا، ينشغل تحالف “صمود” بمكاسبه من وجود الميليشيا معه في قيادة العملية السياسبة! ولا يحتاج استنتاج تحالفه معها إلى اعتراف، فالكلمات التي تتجنب الاعتراف لا تغطيه بقدر ما تكشف الحرج الناتج عنه! فكل وظيفة تؤديها، وكل شرط تمرره،  يصب في اتجاه واحد هو أن تكون الميليشيا الطرف الذي لا تبدأ العملية السياسية إلا بوجوده، ولا تستقيم إلا بقيادته، ولا تكتمل إلا بتفعيل حق النقض الذي تمتلكه فوق بقية “الأطراف”. فالميليشيا ــ مدعومةً من كل حركات ‘تقدم” ــ تقاتل بالسلاح لتفرض وجودها، وما تبقى من “تقدم”، أي “صمود”، تحارب بالسياسة لتفرض قبولها! وبين القتالين يتشكل التحالف الأمتن في الساحة السياسية، حتى وإن أستحى أصحابه منه وأنكروه!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى