رأي

السودان.. فيتنام العصر

د. صلاح البندر يكتب…

خطاب حميدتي، وجلسات التفاوض، وصراخ الصموديين، وإحتلال بارا والفاشر، وفيديوهات المـ،ـوت والتصـ،ـفيات الجماعية، كلها دومينو أمريكي وإسرائـ،ـيلي وإماراتي جديد.

في هذا العصر، السودان هو فيتنام الجديدة في المنطقة؛ هناك كان بحجة محاربة الشيوعية، وهنا بحجة محاربة الإسلاميين المتطرفين.

تذكرت، فرض العقوبات على جبريل، والمصباح، وكتائب البراء، وبيان الرباعية ومباحثاتها.. كلها جزء من عملية سياسية أُعدت في أبوظبي، لإخضاع الجيش والدولة والشعب للرؤية الإمارتية للحل السياسي في السودان، ملخصه بيان الرباعية، وهذا ما لم يكن!

ما يحدث هو مسرحية من تأليف شيطان هازئ ساخر؛ وما يحدث هو عين الحقيقة وصميم الجِبلّة البشرية….

هنا تفوقت لغة المال والبترودولار؛ نموذج جديد يتشكل في المنطقة، صــيهـيونـ$ـــة جديدة، قوامها عرب الشتات، دول جديدة تقوم على أكتاف المرتزقة العابرين للقارات، الاستعمار الحديث في النسخة المطوّرة من داخل خيام أبوظبي.

شركات النقل، وترحيل الإمداد، عبر السفن والطائرات، والإجراءات الفوق عادية.. اقتصاد الحرب الذي فاق العشرين مليار دولار!

للأسف نُحن نُحارب إمبراطورية لا تغيب الأرقام عن حساباتها، إمبراطورية من شبكات المصالح والمال والأعمال، لديها شبكة من الجواسيس والعملاء في كُل مكان، صحفيين وكتاب ونشطاء وصحفيات في بورتسودان والقاهرة.

هُزمنا مِن الداخل أولاً..
نُخب سياسية لم تكن قدر التحدي..

أعينهم لم تكن على بابنوسة والفاشر والدلنج والأبيض، بل كانت للصفقات العمومية، ومربّعات الذهب، والوزارات، وحصص الفساد السياسي من الكعكة.. إفطارات وولائم ومناسبات وزيجات.. عما نسيت وكدت لا أنسى، وشك في اليقين، ومناكفات، وسفَه سياسي.. كلهم بلا استثناء!

*المستهدف هو السودان: تاريخ، وهوية، ومؤسسات.. دولة عمر مواطنيها الأحياء أقدم من دولة بن ناقص*.

تفكيك السودان يعني عزل مصر، وتفكيكها بعد كرفسة “بورتسودان”، وتمهيد الطريق لإسـرائـــ،ــيل الكُبرى، من العراق إلى وادي حلفا.
لا دول وطنية ولا قومية.. كُل شيء مُصطنع ومزور، ويخدم إسرائـ،ـيل!!

لكن.. بعد سقوط بارا والفاشر، والهجمة المسعورة من كلاب الدرهم والشالوم.. لأول مرة أجد لحياتي معنى وأبكي، وأنني في الجانب الصحيح من التاريخ.
ايوا.. لأول مرة في حياتي أبكي، ولا أستطيع الأكل أو الشرب..
وهل بكاء القلب يُجدي، فُراق أحبتي وحنين وجدي؟!
لن يجدي..

ولن نكون هنود حُمر جدد في دفاتر التاريخ الحديث..
*لدينا فرصة التنظيم، والتشبيك بين الشعب والحكومة.. يد واحدة لقطع الطريق لمشروع الهيمنة والتركيع*.
لن نسلمهم النيل،
ولا الأراضي،
ولا الدولة، والجيش،
ولا مناجم الذهب واليورانيوم والثروة الحيوانية.
*لدينا فرصة لإخراجهم كما أخرج الثوار الفيتناميين 184 ألف مقاتل أمريكي من فيتنام، سنة 1964، بعد ما هزموا مشروع المخبرين، وكما الثوار الصينين مع الإنجليز والألمان*..
*وسننهض كما نهضت اليابان بعد هيروشيما وناجازاكي*.

كُل شيء بالإيمان والتخطيط والجراءة مُمكن، *كما فعلناها في جبل موية وسنجة والدندر وشرق النيل والخرطوم، سنفعلها من جديد في بارا والنهود والفاشر والضعين والجنينة وزالنجي ونيالا*..
هذه الأرض لنا، وليست لهم.

ولكن، على قيادة بورتسودان أن تدارك نفسها سياسياً ودبلوماسياً وأمنياً، وأن تجد حلفاء بالمعنى (السياسي والوجودي)*.

حلفاء ضد هذه البلطجة الإمارتية، وأن تترك سياسة اللعب على جميع الحبال..
لا أحد يثق في المتلوّن والمتردّد والرخيص الذي يساوم على كُل شيء..
هذا العالم على مُفترق طرق..

عدم يقين سياسي، في كُل شيء!
إلا أنّ مَن ينتصر هو الأكثر قدرة على الفاعلية والتنظيم والتحرك..

لا مساومة؛
ولا حوار مع اللقطاء
إلا.. عبر البندقية.
وكما فعل تشرشل، الذي أبى أن يفاوض النمر ورأسه بين فكيه، وحشد الجيوش الإنجليزية بمعية اللغة وأرسلهم لأرض المعركة.. كذلك يجب أن يفعل.. برهان!

والشهداء ريح وريحان في أعلى الجنان مع الصديقين والشهداء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى