تقارير

مفاوضات واشنطن.. رؤية أمريكية في انتظار موافقة السودان

الأحداث – وكالات
تستمر في واشنطن لليوم الثاني على التوالي، مباحثات بين الحكومتين السودانية والأمريكية تتعلق بالعلاقات الثنائية ومكافحة الإرهاب وسبل وقف الحرب.
وتأتي المباحثات بالتزامن مع اجتماعات الرباعية التي تشهدها واشنطن، والتي التأمت أمس، في مستوى دون وزراء الخارجية.
وأوضحت قناة الحرة الأمريكية، أن المباحثات ناقشت أمن البحر الأحمر وتصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تقود البلاد خلال المرحلة المقبلة.

لا مفاوضات مع المليشيا:
يرى خبراء أن الولايات المتحدة، بدأت تعيد موقفها من السودان الذي يتمتع بموقع جغرافي مميز، وتحاول عبر هذه المباحثات رسم مشهد جديد لإبعاد روسيا عن البحر الأحمر، وهو ما يفسر بحسب الخبراء، عدم أي ذكر لمليشيا الدعم السريع في المفاوضات ولا وجود لأي ممثلين لها، وهو ما أكده مجلس السيادة في بيان، نافيا وجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع المليشيا المتمردة، بينما قالت الخارجية السودانية، إن المباحثات محصورة بشكل أساسي مع الجانب الأمريكي.
ويقول خبراء إنه برغم كثرة البيانات والتصريحات المتداولة في الوسائط الإعلامية، إلا أنّ الصورة حتى الآن تشير إلى أن الممثلين الذين ظهر ذكرهم يخصون الحكومة السودانية فقط، ولم تصدر أي تصريحات رسمية أو تسريبات تكشف عن هوية شخصية سياسية أو تفاوضية تمثل مليشيا الدعم السريع.

إشراك السودان في الرباعية:
يرى خبراء أن واشنطن ربما تحت الضغط ولمزيد من إنجاح التفاوض وافقت على مقترح مصري بإشراك الحكومة السودانية في مفاوضات الرباعية.. وقد تجلّى ذلك في الدعوة التي قُدِّمت لوزارة الخارجية السودانية لتسمية شخصيات تمثل الحكومة، وهو ما ينسجم مع طبيعة الرباعية نفسها، إذ يجري تمثيلها على مستوى وزارات خارجية الدول الأربع، مشيرين إلى أنه يمكن الاستنتاج أن المشهد الحالي يتمثل في مشاركة الحكومة السودانية ممثلة عبر وزارة الخارجية، إلى جانب ممثلي الدول الأربعة، بينما لا يوجد إلى الآن ما يثبت حضور ممثل مباشر أو معلن من جانب مليشيات الدعم السريع في هذه المفاوضات، وفقا لما رشح من مصادر وما عُرض في الأخبار حتى الآن.

الرأي هذا لا يتعارض بحسب مراقبين، مع تصريحات مجلس السيادة، الذي نفى وجود تفاوض مع مليشيا الدعم السريع، لكنه لم يتحدث بالنفي أو التأكيد بشأن مشاركة الحكومة في اجتماعات الرباعية، بينما قالت الخارجية السودانية في بيان أن وزيرها الأول محي الدين سالم، تلقى دعوة رسمية من الإدارة الأمريكية للتباحث حول ملفات العلاقات الثنائية ومكافحة الإرهاب بجانب ملف السلام.

صفقة محتملة:
كشفت تقرير لقناة الحرة، استنادا إلى مصادر سودانية، عن صفقات قدمها الوفد السوداني للجانب الأمريكي، أبرزها مراجعة اتفاق القاعدة البحرية مع روسيا مقابل ضغط حقيقي وفعال من واشنطن على أبو ظبي لإيقاف دعمها لمليشيا الدعم السريع، بجانب حل الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات تقود مرحلة إعمار السودان.
ولم تصدر الحكومة السودانية ولا الوفد الأمريكي ما يشير إلى أنهم ناقشوا صفقات من هذا القبيل.

محصلة التشاور:
على مستوى الجانبين الأمريكي والسوداني، فإن المشاورات لا تزال مستمرة، ولم يدل أيا من الطرفين بتصريحات لوسائل الإعلام توضح ما توصلت اليه المفاوضات، لكن الخارجية الأمريكية ذكرت في بيان السبت، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهتم للغاية بالتوصل لسلام في السودان.
بينما في واشنطن نفسها، أنهت الرباعية يوم الجمعة، اجتماعها، بالاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتنسيق بشأن الأولويات العاجلة في السودان.
وبحسب مستشار ترامب للشؤون الأفريقية مسعد بولس، فقد ناقش الاجتماع الذي عقد الجمعة سُبل التوصل لهدنة إنسانية عاجلة ووقفٍ دائمٍ لإطلاق النار، بجانب وقف الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة، ودفع عملية الانتقال نحو الحكم المدني في السودان.
كما أمن الاجتماع على تشكيل لجنة مشتركة لتعزيز التنسيق بشأن الأولويات العاجلة في البلاد وأكد التزام دول الرباعية بإنهاء معاناة الشعب السوداني.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. الفاضل محمد محجوب، أن الرباعية طرحت 4 نقاط جوهرية تتمثل في هدنة إنسانية ووقف دائم لإطلاق النار، مقابل وقف الدعم الإماراتي والذي سمته الرباعية بالخارجي بجانب عملية انتقال مدني حقيقية، متوقعا أن يرفض الوفد السوداني هذه الشروط التي تؤدي لخلق وضع أشبه بالوضع الليبي، بينما تصر الحكومة السودانية على تسليم المليشيا لسلاحها وتجميعها في معسكرات تحت إشراف الجيش قبل الحديث عن أي هدن أو وقف لإطلاق النار، وأوضح الفاضل، أن وقف الدعم الخارجي للمليشيا الذي قدمته الرباعية يمثل قمة المسخرة لأن أحد الموقعين على هذه الشروط هو نفسه من يدعم المليشيا، وبينما هو وافق على هذه النقاط في واشنطن كانت طائرته تهبط في مطار نيالا محملة بالأسلحة والذخائر لمليشيا الدعم السريع.
لكن الفاضل يتوقع نجاح المفاوضات المباشرة مع واشنطن، والتي يراها تمضي قي مسار منفصل عن الرباعية، ما يؤدي في النهاية إلى اعتماد مخرجات المباحثات الثنائية بين السودان والولايات المتحدة وركن الرباعية التي لا تملك سلطة لفرض شروطها على الحكومة السودانية.

مهمة محددة:
الخارجية أشارت في بيانها، إلى أن المفاوضات بين السودان وأمريكا لم تتوقف، وأن الوزير محي الدين زار واشنطن بناءا على دعوة من الخارجية الأمريكية.
وأوضحت مصادر في الخارجية السودانية، أن الولايات المتحدة تقدمت برؤية لحل الصراع السوداني، وتريد عرضها ومندوب السفارة السودانية هناك دخل في تلك المشاورات مع الخارجية الأمريكية، واستدعى الأمر إلى أن يسافر وزير الخارجية، للاستماع للرؤية الأمريكية، وأشارت المصادر إلى أن الرؤية الأمريكية بالضرورة غير ملزمة للسودان، لكن سيجري النقاش بشأنها واتخاذ موقف حولها.
فيما يبدو، فإن الحكومة السودانية لم تغلق باب التفاوض لإيقاف الحرب وإنهاء الصراع، وذهبت إلى واشنطن وفقا لهذه القناعة، لكنها بالمقابل متمسكة بشروطها ورؤيتها للحل، برباعية من غير الإمارات أو بمشاورات مباشرة مع واشنطن.
وأوضح مجلس السيادة في بيانه ليل الخميس، أن موقف الدولة ثابت وواضح تجاه أي حوار أو تسوية، وهو الالتزام بالحل الوطني الذي يحفظ سيادة البلاد ووحدتها واستقرارها وحقوق الشعب السوداني.

نقلا عن موقع “أصداء سودانية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى