تحالف قادم أم تحالف قائم؟

إبراهيم عثمان
سألت “الجزيرة” محمد الفكي سليمان عن الأطراف التي ترغب “صمود” في التحالف معها، فكانت إجابته: (التحالف هذا يجب ألا يكون تحالف معني بالحكم، هذا تحالف معني بقضية كبرى، وأنا أقول لك بكل وضوح وبكل شفافية: يجب استعادة تحالف “الثورة” بكل تعقيداته بما فيه المؤسسة العسكرية والدعم السريع وقوى الثورة لمواجهة الإسلاميين).
قدم محمد الفكي إثباتات إضافية على:
١/ وجود تحالف سياسي غير معلن قائم “الآن” بينهم والميليشيا، وما حدث من “انشقاق” في “تقدم” هو توزيع أدوار:
هناك أصلاً تحالف كان قائماً قبل الحرب، ولم يُعلَن إلغاؤه. ولا توجد مواقف تشير لإلغائه دون إعلان.
المتحدث يرى وجوب التحالف، ويسلك سلوك المتحالف، ولا أحد من قادة “صمود” اعترض على دعوته للتحالف، والعلاقة مع الميليشيا جيدة. هذه الحقائق لا تنسجم مع عدم وجود تحالف الآن (غير معلن).
من يرى وجوب التحالف “القادم” لن يستطيع أن يقدم حجة متماسكة ضد وجوده الآن، وضد وجوب الشروع في تشكيله منذ الآن مع الطرف القابل لذلك وهو الميليشيا.
ما ينقص هذا التحالف الآن هو انضمام الجيش إليه، وهو العقبة الوحيدة، فالتحالف مع الميليشيا أمر مفروغ منه، إما بقيامه الآن، وهو ما ينكرونه، أو بسهولة قيامه.
هل هناك فرق أخلاقي حقيقي بين تحالف علني قائم مع الميليشيا انضم له جزء كبير من “تقدم”، وتحالف مرغوب فيه؟
إذا تمسكوا بزعمهم بأنه لا يوجد تحالف (غير معلن) مع الميليشيا، فعليهم أن يبينوا ما (الشديد القوي) الذي ألغى التحالف القائم في فترة ما قبل الحرب، ومنع استمراره، أو تحويله إلى تحالف غير معلن، رغم إيمانهم بوجوب التحالف، بل بعلنيته عندما يشمل الجيش أيضاً!
٢/إخفاء الهدف الحقيقي بسبب القناعة بعدم مشروعيته:
تقديم النفي القوي قبل طرح الفكرة (مثل قوله هذا تحالف غير معني بالحكم) لا يدل إلا على أن ما نفاه بقوة ومنذ البداية هو بالضبط ما يرغب فيه. إذ ماذا سيكون هدفه من تحالف كالذي يدعو إليه إن لم يكن الحكم؟!
هذا استخفاف بالعقول، وهو غير مستغرب، فقد اشتهرت به جماعة “تقدم/صمود”، خاصة مجموعة “التجمع الاتحادي”.
٣/ دعوته الصريحة لتسييس المؤسسة العسكرية:
ما قاله يعني مطالبته بانخراط المؤسسة العسكرية في تحالف سياسي معه ومع الميليشيا لمواجهة خصومه. أي أنه يطلب من الجيش أن يترك مهامه ليكون أداة في معاركه الحزبية.
٤/ إداناته للميليشيا شكلية ولرفع العتب، والأولوية ليست للمواطنين بل لمصالحهم السياسية مع الميليشيا:
إذ لا يرى فيما ارتكبته من جرائم ممنهجة وواسعة النطاق ما يلغي أهليتها للتحالف.
٥/ اليأس من السند الجماهيري والاعتماد على السند العسكري:
فهو لا يعتقد بامتلاكه لسند جماهيري يغنيه عن تحالف (بكل تعقيداته, كما يقول) مع جيش قال فيه الكثير، ومع ميليشيا فعلت الكثير.
سبب اليأس هو علمه بضعف جماهيرتهم في الأصل، وعلمه بما لحق بها بسبب الانحياز للميليشيا من ضعف إضافي.
مع محمد الفكي وأمثاله لا يحتاج خصوم “صمود” إلى البحث عن عيوبها خارج ما تقوله، فهو وأمثاله يقومون بالمجهود الأكبر!



