رأي

أقيم عرسه مزفوفا لحور الجنان الشهيد أيمن هارون يمزق إقامته الأماراتية ويحضر للسودان ويغادر لميدان معركة الكرامة ولا يذهب لذويه حتى وعد استشهاده

بقلم: يس إبراهيم الترابي
لقد شاهدنا مقطع الفيديو الذي مزق من خلاله الشهيد أمين حسن هارون كرت إقامته من دولة الأمارات اللا عربية الممزقة ، ليأتي إلى السودان ويغادر مباشرة من بورتسودان إلى أرض ميدان معركة الكرامة بدءا من سلاح المدرعات ولا يذهب لأسرته وذويه حتى وعد الشهادة التي كتبها الله له بكردفان ليقام عرس استشهاده ليزف إلى حور الجنان وهي الحيوان الدائمة بإذن الله تعالى.
فقد تدافع أخوته ومعارفه اليوم الجمعة إلى منطقة الباوقة بولاية نهر النيل ليشهدوا له بالخير والوطنية والشجاعة والتدين، وليحضروا مراسم عرس شهادته وهو يعانق حوريته إن شاء الله تعالى لأنه قد صدقه وعده وصدق مع نفسه وعهده وهو يترك كل متاع الدنيا الزائلة ويركل كل مغرياتها الفانية ويسمو فوق حب النفس الأمارة بالسوء لها، ويطلب النصر دفاعا عن الأرض والعرض أو ينال الشهادة ، فكانت الثانية الخالدة من نصيبه، ويا له من نصيب.
شباب نضر وغر وقوي أدركوا الخطورة التي تحيط بالوطن وتحيك بالعروض والانتهاكات والاغتصابات وتحبك المؤامرات وتنتن الممارسات والتصرفات القميئة، فكان أن اندفعوا من جميع بقاع السودان ومن أرجاء المعمورة ليشاركوا في متحركات المعارك غير عابئين بأي خطورة وغير آبهين لمدارك الإقدام ، وكانوا سببا في رتق الفتق الوطني حتى لا يزيد وأوقفوا النزيف والحروق من مناطق الولايات التي تحررت كالخرطوم والجزيرة وسنار.
وهاهم لا تتوقف شجاعتهم أو تلين قناتهم أو تضعف رجولتهم أو تتدنى فروسيتهم ، فيُقدِمون على مناطق كردفان لتحريرها ، فينالون الانتصار تلو الانتصار ويُقدِّمون الشهيد بعد الشهيد ، وكلما سقط أحدهم حمل الراية آخر حالفين ومتعاهدين ومصرين على تحرير كافة مناطق كردفان ، ومن بعد ذلك مواصلة الكر نحو ولايات دارفور لتحريرها من دنس التمرد وإعادتها لأحضان الوطن بعد أن عاثوا فيها فسادا وآذوا أهلها بصورة لا يتقبلها عقل أو تألفها إنسانية أو يجمد لها ضمير.
لقد فشل القحاتة و(تخسيس) من الخسة والخساسة والخباثة مرتين حينما أرادوا اعتلاء السلطة عبر استغلال الثوار والشباب الذين انخدعوا فيها تماما وتخلوا عنهم وواعدوهم بالانتقام ، والمرة الثانية عندما استعانوا بقوات الدعم السريع المتمردة الإرهابية وأغروا قادته بالاتفاق الإطاري ، فكان أن تحمل الشعب السوداني بكافة طبقاته ومختلف فئاته وقطاعاته وقبائله نتائج كارثية لهذه الرغبات الدنيئة ، فحرقت جميع كروت القحاتة في العودة للبلاد دعك عن تطلعهم في حكمها.
إن هؤلاء الشباب الذين يوجدون الآن في أرض المعارك قد قدموا دروسا وطنية فريدة لكافة الشعوب بأن السودان لن يؤتى وفيهم رمق روح وطرف عين مهما تكالب عليه الأعداء ومهما ادلهمت حوله الخطوب وتوالت التهديدات وازدادت الخطورات، فما توانوا لحظة وتعاهدوا على نصر الجيش وتحرير السودان أو الشهادة والحور الحسان في جنان رضوان ، فلا داعي للحياة بالذل والمهانة وتمرغ الكرامة واغتصاب الحرائر وهتك العروض والتعدي على ممتلكات الدولة ومقتنيات مواطنيه.
لقد أثبت الشباب المجاهد الوطني الغيور المجتمعي الجسور أنهم رجال من أصلاب رجال ورضعوا من أمهات عظام وتربوا على قواعد الجهاد والاستشهاد ، ونشأوا على حب الوطن ووقفوا مع جيش بلادهم وضحوا بكل غالٍ ونفيس لأجل تماسكه ووحدة ترابه ، وهم يعبرون عن كل ذلك عمليا من داخل أرض المعارك تصدح حناجرهم بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد وهم صادقون في ذلك لا يودون منا ولا أذى ، يتلون كتاب الله ويصلون على نبيه ويواصلون الدعاء ليل نهار، فالنصر حليفهم ووعد ربهم قريب لهم.
لقد ترقيت إلى مكانة رفيعة ومعالي مؤجرة شهيدنا الهمام أيمن حسن هارون بهمتك العالية ووطنية الملموسة الصادقة وأنت تذل أبن زايد الحقير بأنك لا تحتاج لأمواله وأتيت لتنافح عن بنات وطنك وتدك أوكار الأعداء وتسكت أصوات المرجفين، وتحصد ثمار جهادك ومجاهداتك باستمتاعك بدخول أعلى الجنان بإذن الله تعالى، وتعطي قدوة للشباب أن يذلوا دويلة الشر ولا يرضخوا لدعمها المتواصل للمليشيا مهما كانت مسائل فوائدهم وآمالهم منها، فلم تعد هذه الدولة الخائبة ترهب شعب ومواطني السودان وقد جعلها الكيان الصهيوني خنجرا مسموما في خاصرة الأمة الإسلامية والعربية ذات نفع لنا.
وأخيرا أقول لقد خط هؤلاء الشباب طريقا منيرا ورسموا ملاحم بطولية وأضاؤا سماواتنا بهذه المواقف المشرفة التي تفتخر بها الأمهات وتتغنى بها البنات وتصير نغمة في الأفواه وأنشودة الشجاعة ونوط الجدارة وتلهم أصحاب الأقلام الوطنية لتسطرها للتاريخ لتقتدي بها الأجيال وتسير على دربهم بعدم سماحهم بمثل هذا العبث بالوطن والتلاعب بسمعة شعبه والمساس بجيشه مهما كانت الدوافع والتضحيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى