ما بين العيدين.. فرصة للتأمل والأحوال
السفير كرار التهامي
بين العيد والعيد فرصة للتفكير والتحول من الحزن إلى السعادة والتفكير الإيجابي ومواجهة إشكالات الحياة بتؤدة وطاقة ايجابية.
عيد سعيد للجميع، بين العيد والعيد القادم فرصة للتأمل والتحول transformation من حياة مليئة بالرهق النفسي و المشكلات الصغيرة و الكبيرة إلى حياةِ فيها الطمأنينة والسلام الداخلي inner peace الموضوع بسيط لا يحتاج إلى تقديم طلب او الاستعانة بآخرين ولا يحتاج لميزانية ،، فقط حيثما كنت في الشارع او في بيتك الوثير او كوخك الفقير بإمكانك بتؤدة تحمل الشدائد ومطاولة المصاعب والشعور بالرضا والقناعة والسلام الداخلي و ان تكون اكثر الناس سعادة وطمأنينة بغض النظر عن احوالك المحسوسة إذا كنت فقيرا معدماً او غنيا مترفاً يتوقف ذلك على طبيعة تفكيرك.
وليكن الأمر محدداً وقابلاً للقياس نضع الفترة بين عيد الروحانيات إلى عيد التضحيات كمعيار لإنجازاتك ويتسق ذلك مع رمزية العيد القادم وما فيه من معاني التضحية ومثل ما كان هنالك أشهر حرم يقلع فيها الناس عن القتال والكراهية وهنالك ايضا مواقيت اخرى يقلع فيها الإنسان عن متع الدنيا والحسد والكراهية والمشاعر السالبة bad vibes فاجعل الايام بين العيدين ايام ملائكية تقلع فيها عن سيئات نفسك صغرت او كبرت وتحلق فيها من كثافة البشرية إلى رقة الملائكية وتنشر الطاقة الموجبة good vibes
يقول علماء النفس الانسان هو انعكاس لطريقة تفكيره المستمرة
the man is what he thinks all time long.
لذلك أبدا اولا بتغيير طريقة تفكيرك حاول من الآن إلى العيد الكبير ان تبدأ مسيرة تفكير ايجابي في كل ما حولك من نعم الصحة والبصر والسمع ونعمة الحرية وإدراك الضرورة.
وعلى فكرة اثبتت الدراسات الحديثة ان التفكير الإيجابي يزيد انتاج هرمونات (السيروتونين) وهو من محفزات السعادة على عكس الهرمونات التي يفرزها الغضب وروح الانتقام والكراهية فتفسد كيمياء الجسد وتؤدي إلى الضغوط النفسية والرهق النفسي stress وتضعف مناعة الإنسان ومقاومته للأمراض.
هذا الهرمون يمكن زيادته عن طريق الدواء او الغذاء خاصة المكملات اللي تحتوي على (البروبيوتك) لكن اهم عوامل لإفرازه هي الرياضة وراحة البال والطمأنينة والروحانيات وقبول الأمر الواقع وصداقته والتعود عليه
befriend the inevitable
عليه اقبل حياتك لا تقارن نفسك بالأخرين كن قنوعا وسعيدا بما انت فيه فأنت لا تدري ماذا وراء ابتسامة الأغنياء الموسرين او احزان الفقراء المدقعين فلقد يكون في الاولي شر وفي الثانية خير وكما في الحديث الشريف: “عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له،”.
اهتمّ بصحتك أبدا بالإقلاع عن تناول الأطعمة السريعة او الضارة فهي تخرب المزاج وتفتك بالصحة ليس في وقتها لكن مع مرور الايام فلا تغرنك متعة اللحظة وقد تستطيع مقاومة التدخين إذا كنت لسوء الحظ مدخنا مستسلما لمحنته ومتعايشا معها فرغم صعوبة المقاومة وصعوبة التخلص من ربقته فلقد استطاع الاف من الاسرى التحرر منه بعد يأس بعزيمة وارادة جبارة فتخلصت صدورهم من السجم الذي بتآكلها رويدا رويدا وقلل من الكربوهيدرات والسكر إلى أقصى حد ممكن فالسكّر حاضن للخلايا السرطانية غير أضراره الأخرى.
تغافل عن اخطاء الآخرين في حقك وتعلم التسامح وهو فن صعب ورفيع ويحتاج إلى إرادة قوية لكنه يحررك من الايقو ego الذي هو وكيل الشيطان في نفوسنا حيث يحضنا على الانتقام ورد الصاع صاعين التسامح يغسل نفسك من سموم الكراهية والغضب الداخلي المكتوم الذي اثبت علماء السايكوسماتيك psychosomatic انه يتحول إلى أعراض وامراض جسدية حيث اثبتت دراسة في مايو كلنك ان ٩٠٪ من المرضي ترجع اسباب أمراضهم إلى اسباب ذهنية ونفسية.
اطرد القلق والخوف من المجهول وعش في اللحظة الراهنة (THE NOW) التي تتمتع فيها بالصحة والحرية وتذكر ان الكثير من الاحداث التي استغرقتك في الهموم والهواجس في الاعوام الماضية لم تكن بتلك الأهمية التي أعطيتها لها ولم تكن تستحق هذه الطاقة النفيسة التي اهدرتها في التفكير والتوجس والخوف.
تأمل النعم الكبرى التي انت فيها ولا تكاد تراها بسبب ما يسمى بال
hedonic adaptation
حيث يألف الانسان النعم التي تأتيه فاردة جناحيها من صحة واخبار سعيدة واهداف تتحقق ولحظات اسرية رائعة ونجاحات صغيرة او كبيرة وأموال وثمرات ورويدا رويدا يصيبه الملل ولا تعود تحقق له تلك الأشياء ذلك الفيض من السعادة، بل تبل تصبح غير محسوسة الا إذا بعثتها من جديد بالتأمل وشكر الله عليها.
تذكر ان ملايين غيرك ابتلاهم الله بالمرض والغرم والمسغبة والاحداث المفجعة والاحزان العميقة وانت رغم ان الله حماك منها كلها او جلها او ابتلاك بالقليل منها لكن تفتعل الهم والتوتر في اشياء صغيرة واحزان صغيرة هي ملح الحياة ولابد منها.
حب نفسك واحترمها وقدرها خير تقديرها وانظر في المرآة وعظم شأنها بكلام مسموع وبثقة حتى يطرد عقلك الباطن احساسك بالسلبية نحو نفسك ويختزن بدلا منه الشعور بالاحترام والتمجيد وتعزيز الاحساس بالرضا وتقدير الذات Self esteem قف امام المرآة واعتذر عن اخطائك وقل لنفسك إنك معها للارتقاء فوق كل المشاعر السالبة.
اعلم ان السعادة والغبطة هي حالة داخلية وليست عوامل خارجية وكما قال الشاعر ايليا ابو ماضي:
أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ
ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ
وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ المُشْمَخِرَّهْ
تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ نُضْرَهْ
وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً وخُضْرَهْ
وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ دُرَّهْ لَكَ، ما دامتْ لكَ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّةْ
فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ ذَرَّهْ
وآخرا قال الله سبحانه وتعالى
: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.
وعليه لكي تسعد ادخل السعادة في قلوب غيرك وكن دؤوبًا في العمل الصالح تجاه نفسك والآخرين ولو كان بشق تمرة او إماطة الاذى عن الطريق او ان تمشي مع اخيك في حاجتها وغيرها.
او نصرة شخص مظلوم او زيارة مريض او العفو السماح لشخص خصيم او الامتناع عن الغيبة وآلاف الأفعال السهلة الكبيرة في معناها وتأكد ان وعد الله حق أنك ستحيا حياة طيبة إذا عملت عملا صالحا.