بسم الله الرحمن الرحيم
استفهامات
أحمد المصطفى ابراهيم
قبل واحد وستين سنة أي في يوم 21/10/1964 أُرخ لذلك اليوم بأنه يوم ثورة عظيمة (من هم هؤلاء الذين يصفون الثورات مرة بالعظيمة ومرة بالمجيدة؟)
كنت طفلاً غير واعٍ في المرحلة المتوسطة خرجت مع التلاميذ كفرد في القطيع كسائر الشعب الذي حركه السياسيون من اليمين واليسار (وهذه هي المرة الأولى التي اتفق فيها اليمين واليسار) على شيء وهو إنهاء حكم ثورة نوفمبر وما هي بثورة.. دعونا نسميه *حكم عبود*.
سياسيو اليمين واليسار استغلتهم جهات غربية عبر مخطط دقيق استغلت فيه شهوتهم للسلطة. وبمكر غربي يعرف شهوات صنائعهم من مثقفي العالم الثالث للحكم والايمان بالديمقراطية (هذه الديمقراطية الآن صارت صنماً يُعبد في مكان ويُكفر به في مكان آخر وصناعها من الغربيين راضون عمن لا يعرفها ولن يطبقها ويجبرون عليها آخرين بأنها الطريق الوحيد للجنة).
لم يستطيعوا أن يجدوا لنظام الفريق عبود رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يحكم البلاد. وكل الوزراء من الضباط إلا أربع وزارات يشغلها مدنيون وهي وزارات المالية عبد الماجد أحمد، الخارجية أحمد خير المحامي، التعليم والعدل زيادة أرباب، والصحة محمد أحمد علي.
لم يجد السياسيون من عيب لحكم عبود غير أنها تكتم الحريات ومنعت الصحف الا صحيفة واحدة ناطقة باسم الحكومة. وهو حكم ديكتاتوري. مصانع السكر ، مصانع الألبان ، مشروع المناقل ، خران الروصيرص، كهرباء خزان سنار، وغيرها كثير هذا من الذاكرة. أما الاقتصاد والوفرة وطهارة اليد والرصيد المالي الذي تركوه كان مبالغة في ذلك الوقت. يُقال 60 مليون جنيه استرليني. كل هذا نسوه ويبحثون عن حرية الصحافة نعم الحرية مطلوبة ولكن لها وقت ماذا يفعل الفقراء بحرية الصحافة ؟ أتطبخ؟ اتدخل البطون الجائعة؟
بقي أن نقول كم نسبة الباكين على الحرية من الشعب السوداني في ذلك الزمن؟
كم عدد الجنجويد السياسيين الذين حركوا تلك الثورة التي أوقفت أكبر تنمية حدثت في السودان وأكبر معدل تنمية أقول معدل ربما فاقت الإنقاذ في الطرق (احسب طول طرق الإنقاذ وأقسمه على خمسة) شيدت حكومة عبود مصانع وطرق وكباري ومستشفيات ومدارس ومشاريع زراعية ومخططات سكنية ولم يحفظ لها التأريخ الا عيباً واحداً بيع وادي حلفا بثمن بخس ومقلب دولي).
الذي يحيرني إعلام ثورة أكتوبر أناشيد وردي ومحمد الأمين والكابلي واكتوبريات محمد المكي إبراهيم التي سكب فيها أعذب الشعر.. والشقي في تلك الأيام من لم يحفظ هذا الشعر وتلك الأناشيد.
ربما يخالفني الرأي كثيرون وأحسب أن الذين لا يشتغلون بالسياسة ويريدون حياة كريمة ويأكلون من عرق جبينهم هم الأكثرية ولو أردت ان اسلك سبيل أكثر المسؤولين الذين يطلقون النسب بلا مراجع لقلت 90% من هذا الشعب يريدون استقراراً وأمناً وخلي الباقي عليهم.
كامل الشناوي يقول: ألا ليتك يا يوم مولدي كنت يوماً بلا غدٍ.
.
