‏⁧‫تعويضات حرب السودان‬⁩

أمجد فريد الطيب

 

‏التقرير الأخير الذي نشرته صحيفة الغارديان ⁦‪@guardian‬⁩ البريطانية، وأعده الصحفي ⁦‪@TownsendMark‬⁩ والذي يلخص ويحلل حجم الأدلة التي تثبت تورط الامارات في إشعال واطالة أمد الحرب في السودان، ينضم إلى القائمة الطويلة للتقارير ذات المصداقية حول انخراط الامارات في حملة الانتهاكات الاجرامية التي تقوم بها قوات الدعم السريع في السودان منذ اندلاع حرب ابريل ٢٠٢٣. قائمة شملت تقرير لجنة الخبراء المستقلة المكونة بواسطة مجلس الامن، وشهود عيان على الدعم الاماراتي، وحوادث القبض على الطائرات المتوجهة إلى ام جرس وهي محملة بالسلاح الاماراتي المرسل إلى مليشيا الدعم السريع التي تم كشفها في مطار عنتبي، وعشرات التقارير الصحفية وتقارير المنظمات المستقلة عن انخراط الامارات وتورطها في العدوان على السودان. هذا التورط تعدى مراحل الاثبات والنقاش حوله. وهذا عدوان هدف إلى الاستيلاء على السودان وتسخير موارده لخدمة مصالح الامارات عبر حكم المليشيا وحلفاءها، وهو الأمر الذي فشلت مليشيا الدعم السريع في تحقيقه حتى الآن ولكنه تسبب في أكبر كارثة ومعاناة انسانية شهدها زمننا المعاصر.

‏- ارتكبت المليشيا بدعم اماراتي مباشر مجزرة تطهير عرقي ضد مجتمع المساليت في الجنينة غرب دارفور، ثم استمرت في جرائم القتل على اساس الهوية، والنهب والاغتصاب وتدمير البنية التحتية في شتى بقاع السودان.

‏- فاق عدد النازحين واللاجئين الذين اجبرتهم المليشيا على مغادرة بيوتهم التي لا تزال تحتل معظمها حوالي ١٢ مليون مدني.

‏- توقفت حوالي ٧٥% من المرافق الصحية في السودان عن العمل مما ادى إلى وفيات ومعاناة اخرى تفوق الوصف.

‏- بلغ عدد السودانيين المحتاجين لمساعدات انسانية عاجلة حوالي ٢٥ مليون بينما تهدد المجاعة الحادة اكثر من ٣ مليون سوداني.

‏- تعرضت عشرات، بل مئات النساء والفتيات للعنف الجنسي والاغتصاب على يد جنود المليشيا والذي استعملت هذا السلاح كأداة للتجنيد وأداة لاخضاع المجتمعات وكسرها.

‏- تم نهب الممتلكات الشخصية بشكل منهجي في كل المناطق التي وصلت اليها جحافل المليشيا، بل اصبح اقتحام البيوت بحثاً عن اي مقتنيات ثمينة هو اول ما تمارسه المليشيا في كل مدينة او قرية تصل اليها.

‏- تم تعطيل النظام التعليمي وحاليا يوجد حوالي ١٩ مليون طالب في مراحل التعليم المختلفة خارج مقاعد الدراسة.

‏- نهبت مليشيا قوات الدعم السريع مخازن برنامج الغذاء العالمي في الخرطوم ودارفور ومدني والابيض مرارا وتكرارا وهو ما ادى إلى تعطيل اعمال الاغاثة في كثير من هذه المناطق وساهم في حالة المجاعة التي تعيشها البلاد. بالاضافة إلى تعطيل المليشيا بشكل متعمد للزراعة وافساد المحاصيل ومحاولة تسميم الاراضي. وتفرض أيضاً الدعم السريع حصار تجويع متعمد على المدنيين في مناطق متعددة من الخرطوم، وشمال كردفان ودارفور.

‏قائمة جرائم المليشيا وأشكال المعاناة المتعددة التي جعلت الشعب السوداني يمر بها طويلة على الحصر، والنقاش الذي يحاول ايجاد تبريرات سياسية لهذه الجرائم هو من قبيل السخف والخيانة الوطنية اذا لم يكن مشاركة مباشرة في هذه الجرائم، وقد قامت المليشيا بارتكاب هذه الجرائم ورسمت تفاصيل هذا الجحيم الذي يحرق السودان، بدعم اماراتي مستمر ومتواصل. انهاء الاقتتال في السودان لا يمكن ان يقفز على هذا الواقع وهذه الحقائق والا سيكون ذلك ابتزازاً وبلطجة. ومشاركة الامارات المثبتة في هذا العدوان يلقي على عاتقها مسئولية دفع تعويضات حرب عن الأضرار التي لحقت بالسودانيين جراء انتهاك الامارات لالتزاماتها الدولية بالمشاركة في هذا العدوان. وهذه التعويضات تخصص للدولة وأيضاً للأفراد والضحايا المتأثرين واسرهم بحسب قواعد القانون الدولي، وما اعتمدته لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في عام 2005، من المبادئ والتوجيهات الأساسية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، والتي تم اعتمادها لاحقا أيضاً بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس 2006. وتتضمن هذه التعويضات حقوقاً مباشرة يتم دفعها للمتضررين، وليست اتفاقيات استثمار او مساهمات اعادة اعمار او غير ذلك من الألاعيب السياسية.

‏لقد شاركت الامارات العربية المتحدة، بشكل مباشر في صناعة واطالة امد المعاناة التي وقعت على السودانيين، والاضرار النفسية والمادية التي لا يزالون يعيشون فيها، بالاضافة إلى الدمار غير المسبوق لنظم حياة السودانيين وللبنية التحتية في بلدنا، وأيا كانت الظروف الداخلية التي قادت للحرب – والتي شاركت في تأزيمها الامارات أيضاً بقدر وافر- فهي لا تبرر مشاركة الامارات في هذه الجريمة واستمرارها بما يخرق التزاماتها الدولية والقوانين والمواثيق الدولية. ومهما بلغ قدر التعويضات التي يجب ان تدفعها الامارات بشكل جماعي وفردي للضحايا السودانيين على ما تم ارتكابه على يد المليشيا التي تستمر في دعمها حتى الآن، فهي لن تغطي حجم الضرر المادي والجسدي والمعنوي التي تسببت فيه. هذا الحق هو للسودانيين جميعهم، ولا يملك احد التنازل عنه ولن تجدي حملة مرتزقة السياسة وعملاءكم ووكلاءكم المحليين في مساعدتكم على الافلات عن هذه المسئولية.

Exit mobile version