فيما أرى
عادل الباز
1
مادام مؤتمر الأبالسة هذا منعقد في باريس فإننا سنقعد لهم كل مرصد.. لا ليس أنا بل كل الشعب السوداني بالداخل والخارج أصبح يرصد حركة الأبالسة المحليين والدوليين.. بالأمس طارت الأسافير بالفيديوهات التي شاهد فيها العالم كيف تمت مطاردة زعماء “تقدم” وكيف هتفت مجموعات من الذين حضروا إلى مقر مؤتمر الأبالسة في جهودهم وسمعوا من الشتائم ما يليق بحلفاء الجنجويد القتلة.
2
في خطاب بمناسبة ذكرى الإبادة الجماعية قال الرئيس الرواندي (إن المجتمع الدولي “خذلنا جميعاً” في فترة الإبادة الجماعية للتوتسي، “سواء بسبب الازدراء أو الجبن”.). إنهما معاً ياسيادة الرئيس.
بالأمس شكى السيد وزير الخارجية في مقال له نشر بهذه الصحيفة من ذات المعنى الازدراء، وقال إن الاتحاد الأوروبي يساوي بين المليشيا المتمردة والجيش السوداني بادعاء الحياد، لولا الازدراء كيف يمكن مساواة مليشيا مع الجيش السوداني والحكومة المعترف بها دولياً. وقد تساءل السيد وزير الخارجية:
(كيف يمكن أن يساوي.. الاتحاد الأوروبي يتخذ موقف الحياد من “المتحاربين”. لقد ذكر خبراء الأمم المتحدة بخصوص القرار ١٥٩١ أن مليشيا الدعم السريع المتمردة والمليشيات القبلية المتحالفة معها قتلت ما بين ١٠ إلى ١٥ ألف من المدنيين في مدينة الجنينة، غرب دارفور، وحدها منذ اندلاع الحرب وحتى نهاية العام الماضي على أسس عرقية. وتوصلت وزارة الخارجية الأمريكية في ديسمبر ٢٠٢٣ إلى أن المليشيا المتمردة ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي تذّكر بالإبادة الجماعية. واعتبر مشروع قرار قدمه الحزبان الرئيسيان في الكونغرس الأمريكي، في فبراير الماضي، أن أعمال التطهير العرقي التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع المتمردة والمليشيات المتحالفة معها ضد المجموعات غير العربية في دارفور ترقى للإبادة الجماعية. من ناحية ثانية نبه ٢٥ من مقرري وخبراء الأمم المتحدة في مجالات حقوق الإنسان حماية المرأة والطفل في ١٧ أغسطس ٢٠٢٣ ل”الاستخدام الوحشي وواسع النطاق للاغتصاب والعنف الجنسي ضد النساء من قبل الدعم السريع، واحتجازه لمئات النساء حيث يتعرضن للاستغلال الجنسي والسخرة والاستعباد”. وعضدت ذلك تقارير ميدانية تقارير لمنظمات حقوقية إقليمية ومحلية مثل “المبادرة الاستراتيجية للنساء بالقرن الأفريقي (صيحة) والمركز الأفريقي لدراسات العدل والسلام ومرصد مشاد لحقوق الإنسان. بينما رصد مجلس الكنائس السوداني ١٥٣ حالة اعتداء على الكنائس من مليشيا الدعم السريع المتمردة، دمرت خلالها ١٧ كنيسة كلياً.)
لولا الازدراء كيف يمكن أن يتم تجاوز حكومة السودان في شأن يخصها وهي دولة ذات سيادة في وقت تتم فيه دعوة حلفاء الجنجويد للمؤتمر؟. لو صدقنا أن هذا المؤتمر هو فعلاً بصدد بحث سبل كيفية توصيل الإغاثة التي لازالت المنظمات تبحث عن تمويل لها، إذا صدقنا ذلك فالأولى أن تكون الحكومة السودانية التي تتعامل مع كل العمليات المتعلقة بالإغاثة، من تسهيلات وتصديقات وتأمين مساراتها، هي الأولى بالدعوة والحضور وليس ثلة العطالى في تقدم!!.
مع مبارك الفاضل
قال السيد مبارك الفاضل معلقاً على بيان الخارجية السودانية في تغريدة له أمس (بيان وزارة الخارجية السودانية حول مؤتمر المساعدات الإنسانية في باريس لم يكن موفقاً، بل خلق ربكة في الرأي العام السوداني لا معنى لها. الجيش السوداني والحكومة وافقوا على إدخال الإغاثة الدولية وحددوا لها مسارات بينما مؤتمر باريس للدول المانحة هدفه جمع المال لتمويل الإغاثة التي وافق عليها السودان إذا لا معني لدعوة الخارجية السودانية لمؤتمر هدفه جمع المال لإغاثة المحتاجين في السودان بموافقة حكومة).
طيب إذا كانت الحكومة السودانية قد وافقت على كل شيء فلماذا لا تتم دعوتها لمؤتمر مخصص لموضوع وافقت على إنفاذه؟ أليس ذلك انتقاصا لسيادتها أن تتبنى فرنسا والمانيا عزل الحكومة الشرعية وتدعو حلفاء التمرد.
والغريب أن يصدق السيد مبارك الفاضل وهو يعلم دقائق اللعب الدولي أن تلك الدول تهرول الآن لتجمع مبالغ للإغاثة لوجه الله وعطفاً على الشعب السوداني؟. ترى أين تبرعات فرنسا نفسها التي تعهدت بإسقاط ديون السودان وأين أموال ألمانيا التي تعهدت بدفعها من قبل ( 200 مليار دولار) وتعهد الاتحاد الاوروبي بدفع سبعمائة مليون لم يدفع منها سوى 183 مليون دولار بل أين المليار وخمسمائة مليون دولار التي تعهد بها المجتمع الدولي في مؤتمر جنيف 2021.
تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن ما وصل منها أقل من 40%. بالأمس قال أمجد فريد في فعاليات مؤتمر باريس (المجتمع الدولي يثير قضية وصول الإغاثات الإنسانية. وهي بالفعل معضلة من الطرفين ولكن هناك على الصعيد الآخر تقصير من المجتمع الدولي في توفير الإغاثة ذات نفسها. العام الماضي كانت نسبة تغطية الحوجة الإنسانية هي ٢٠٪ من مجموع المحتاجين. (٥ مليون تم وصولهم بأي نوع من أنواع الاحتياجات من ٢٤.٧ مليون محتاج). هذا التقصير غير مقبول لأن المساعدة الإنسانية ليس فعل خيري بل هي التزام قانوني على المجتمع الدولي، بالإشارة بالتحديد إلى المسؤولية عن الحماية الواقعة على المجتمع الدولي). كيف يمكن أن تفوت ألاعيب السياسية على سياسي في قامة وخبرات السيد مبارك الفاضل.
يشير السيد مبارك الفاضل في تغريدته للاختلافات بين الترويكا والاتحاد الاوروبي.. صحيح أن هناك اختلافات طفيفة بين دول الترويكا (الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج والمملكة المتحدة) والاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا والمانيا.. ولكنه اختلاف مقدار . لقد ظل الاتحاد الاوروبي دائماً عاجزاً عن فعل أي شيء أمام سطوة الترويكا طيلة الخمس سنوات الماضية يجعلنا أن نأمل أن مواقفه التي يعلن عنها الآن ستثمر في وجود النفوذ الأمريكي والبريطاني وانظر لمواقف دول الاتحاد الاوروبي من كل القرارات التي صدرت في حق السودان في مجلس الأمن.. هل تجد هناك أي اختلاف ولو بأي مقدار بين الترويكا وفرنسا وألمانيا. سنرى ما سيتمخض عنه مؤتمر الأبالسة بالأمس… سنسعد إن رأينا جديداً في مخرجاته ولكن هيهات.