د.الشفيع البدوي
– هل تستغربون مثلي، في الحريّة المطلقة التي يتحرّك بها حمدوك ، وهو يعتلي عدداً من المنابر والمنصّات يقول كلاماً مكرراً وحكياً مملاً .. وهل تستغربون كذلك في السلطة المتوهّمة والمتخيّلة التي يتقمّصها الرجل ويقدّم نفسه عبرها للواجهات الخارجية؟ .. وهل تمعّنتم في الثقة الزائدة التي يظهرها حمدوك وهو يتشدّق بما يقوله؛ جاعلاً حقوق الناس موطئاً ومآسيهم حصيراً!؟
– من يمثّل حمدوك وهو المعروف برئيس تنسيقية “تقدّم” التي تظهر تماهياً مخجلاً وتوافقاً مشيناً مع مليشيا الدعم السريع، متجاهلة دماء الناس ومتغافلة عن مآسيهم وآلامهم .. يتعرّض السودانيون للتشريد والنهب والاغتصاب والقتل ليل نهار ولا يحرّك حمدوك وزبانيته ساكناً ؛ وإن تكرّموا لحظة ببنت شفة، لقلت لينهم سكتوا! يطلقون العنان لحناجرهم شجباً للجيش وانتقاداً للمستنفرين؛ يهاجم الدعم السريع القرى، يفعل فيها ما يفعل، ويوجّه حمدوك ومن معه أصابع نقدهم واتهامهم للجيش .. عينهم للفيل يطعنون في ظلّه.. ومع ذلك يدّعون أنّ الشعب أولى اهتماماتهم ..
– يتناسى حمدوك كل ذلك وهو يجوب المدن ويرتاد العواصم باحثاً عن ما يدين الجيش داعياً لإعاقة حركته وإيقاف طيرانه ، ليمهّد الطريق لسدنته ليمسكوا بتلابيبه وخنقه ، ولكن هيهات.. فالشعب يقف خلف جيشه داعماً ومحفّزاً ومؤازراً ..
– استغرب كذلك واتساءل وأظنكم مثلي في ذلك، إذ كيف تتساهل هذه المؤسسات في إتاحة الفرصة لاستقبال حمدوك وأمثاله ليتحدّثوا بلسان غيرهم، وكيف يتجرأ الرجل ليقدّم نفسه لساناً عن غيره وهو لا يعدو كونه رئيساً لتنسيقية مثلها مثل غيرها لا تقدّم ولا تأخّر!، وتكيل لها الأغلبية الانتقاد وترميها سباً وشتماً ..
– إذا افترضنا – لغرض الجدل – أنّ حمدوك مهموماً بأمر المواطن السوداني ومشغولاً بهمومه؛ وهو بطوفانه هذا يدعو لوقف الحرب عبر عملية سلام منصفة وعادلة، نجد أنّ ما يقوله يخالف ذلك ويتنافى معه..
– خذ مثلاً ، سئل حمدوك في أحد الحوارات التي أجريت معه، عن لماذا لم يتطرٌقوا لمناقشة الدول الداعمة لاستمرار الحرب كالأمارات وغيرها، ومناشدتهم الكف عن دعمهم للحرب الدائرة ، جاء ردّه باهتاً ، إذ قال نحن نطالب من كل الدول للعمل معنا من أجل إيقاف الحرب … أعاد له المذيع السؤال أكثر تفصيلاً ، إذ قال لماذا لم تطلبوا من الأمارات الكف عن مد الدعم السريع بالأسلحة، فكان رد حمدوك صادماً هذه المرّة ، إذا قال أنّنا جسم مدني ولا يهمّنا من أين تأتي الأسلحة أو الجهة التي تأتي بها..
– – لم يكن حمدوك صادقاً في ذلك وهو يجوب المنابر والبيوتات مطالباً إيّاها بحصر طيران الجيش وتحجيم تحرّكاته ؛ هل رأيتم التناقض في أقواله !؟ إذ كيف يطالب بحصر الجيش وهو لا يعدو أن يكون جسماً مدنياً كما زعم في الفرية التي جعلها مخرجاً له حينما وضعه المذيع في زاوية في السؤال السابق..
– يبدو أنّ حمدوك ومن ورائه يسعون بكل ما يملكون – لا يستحيون من الوسائل ولا يخجلهم تصرّفهم ؛ وسوف لن يدخّروا مكيدة، مصيبة أو كارثة إلّا وفعلوها – في سبيل عودتهم مرّة أخرى إلى مناصبهم السابقة التي ألحقوا فيها خراباً ودماراً .. لكنّ الشعب “عينو مفتّحة” ولن يلدغ من ذات الجحر مرّة أخرى.. ولن تتح لهم المحاولة مرّة أخرى إلّا عبر الانتخابات ، حينها يكون التنافس حول الأفكار وليس الأسماء والشعارات ، وفي ذاك الحين، “كل حشّاش يملأ شبكتو؟..
– لكن الذي يثير استغرابي أكثر كذلك، التساهل الغريب الذي تمارسه الحكومة مع الرجل وزمرته وهي تطلق لهم العنان ليتحرّكوا بهذه الحريّة الموغلة في العبث .. لماذا لم تتخّذ الجهات المسئولة خطوة في إظهار العين الحمراء وإيقاف هذه العبث وإظهار هيبة الدولة وقوّتها .. نرجو أن يكون للتغييرات الجديدة والتي كان للخارجية منها نصيباً مهماً ،دوراً في ذلك وأن تتحرّك في هذا الاتّجاه وتعمل على تنقية الأجواء التي عكّر صفوها هذا الغبار العالق.