تقارير

واشنطن تلغي اجتماع الرباعية الخاص بالسودان

الخرطوم – مانشيت | تقرير خاص

في خطوة مفاجئة، أعلنت مصادر موثوقة في وزارة الخارجية الأميركية لصحيفة “الشرق الأوسط” عن إلغاء اجتماع اللجنة الرباعية بشأن السودان، الذي كان من المقرر انعقاده في واشنطن الأربعاء الماضي، بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات. الإلغاء جاء دون تحديد الأسباب أو الإعلان عن موعد بديل، ما أثار تساؤلات واسعة حول خلفيات القرار وانعكاساته على مستقبل المسار السياسي لإنهاء الحرب في السودان.

الإمارات في قلب الخلاف

وبحسب تحليلات وتقارير متقاطعة، فإن الموقف الإماراتي المتفرد كان أبرز أسباب الإلغاء، حيث طالبت أبوظبي بإدراج نص صريح في البيان الختامي للاجتماع، يدعو إلى إبعاد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من المرحلة الانتقالية، وتسليم الحكم للمدنيين، دون تحديد واضح لهويتهم. كما أصرت على تضمين إشارة إلى “حكومة تأسيس”، التي أعلنتها قوات الدعم السريع من مدينة نيالا قبل 72 ساعة من الاجتماع.

ويرى مراقبون أن الإمارات سعت إلى منح غطاء سياسي لكيان موازٍ بقيادة عبد الرحيم دقلو، شقيق قائد الدعم السريع، في محاولة لإعادة تشكيل المشهد السياسي بما يخدم مصالحها. وذهب الصحفي السوداني المعروف عادل الباز، في مقال تحليلي، إلى أن أبوظبي “تحاول اصطياد أربعة عصافير بحجر واحد: إبعاد حميدتي والجيش، وتمكين عبد الرحيم، وشرعنة صمود، ودعم حكومة تأسيس.”

رفض جماعي للحكومة الموازية

في المقابل، عبّرت السعودية ومصر والولايات المتحدة عن رفض واضح لفكرة الحكومة الموازية. فقد نشرت صحيفة “الوطن” السعودية مقالًا تحليليًا وُصف بأنه يعكس الموقف الرسمي، اعتبر فيه الكاتب سليمان العقيلي أن “تحالف تأسيس مشروع تقسيم بائس، سيُسقطه أول اختبار حقيقي على الأرض.”

كما أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا في اليوم الذي كان مقرّرًا لعقد الاجتماع، شددت فيه على أن “حكومة التأسيس” تشكّل تهديدًا مباشرًا للشرعية ووحدة السودان، وأنها تقوّض المساعي الدولية الرامية لإيجاد تسوية شاملة.

من جهتها، أعادت الخارجية المصرية تأكيد موقفها الثابت برفض “أي محاولات لتشكيل حكومة موازية”، مشيرة إلى أنها تعقّد المشهد وتعيق توحيد القوى السياسية وتفاقم المعاناة الإنسانية.

أما واشنطن، فقد أبدت موقفًا مماثلاً منذ مارس 2024، حين وصفت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان مشترك مع سفارتها في الخرطوم، المحاولات لتشكيل حكومة موازية بأنها “لا تخدم السلام، وتهدد بتقسيم فعلي للسودان.”

تناقضات الحلفاء تُفجّر الرباعية

المحلل السياسي محمد محمد خير، الذي يشغل الآن منصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء المدني “كامل إدريس”، كان قد لفت إلى أن الهدف الأميركي من استضافة الاجتماع هو توحيد مواقف الحلفاء تجاه الأزمة السودانية. إلا أن واشنطن فشلت في بناء أرضية مشتركة تجمع بين أطراف الرباعية، ما أدى إلى انهيار المسار قبل أن يبدأ فعليًا، ولحاقه بمسارات جدة وأديس أبابا ولندن التي تعطّلت سابقًا.

وفي هذا السياق، ترى الباحثة أريج الحاج، من معهد واشنطن، أن “فشل الرباعية يعكس تعقّد التوازنات الإقليمية، وفقدان واشنطن زمام المبادرة”. وحذّرت من أن استمرار مراعاة المصالح الإقليمية على حساب الداخل السوداني قد يؤدي إلى نتائج لا تخدم مصلحة أي طرف.

الإمارات تسعى لتغيير سردية الصراع

من جانبه، أوضح الخبير السوداني د. أمجد فريد أن إصرار الإمارات على شرعنة “حكومة تأسيس” ليس إلا محاولة لإعادة تعريف الصراع، وتحويله من نزاع بين حكومة شرعية ومتمردين، إلى “صراع بين حكومتين متنافستين”، بما يفتح الباب لمفاوضات مستقبلية تُساوي بين الطرفين. وأضاف: “السودان لا يحتاج إلى حكومة جديدة، بل إلى إنهاء الوجود المؤسسي للمليشيات.”

كاتب المقال: الرباعية انتهت قبل أن تبدأ

في خلاصة تحليله، اعتبر الكاتب عادل الباز أن ما جرى هو نهاية محتومة لمسار وُلد مشوهًا. وأكد أن واشنطن اصطدمت بعجزها عن ضبط خلافات حلفائها، بينما تحاول الإمارات، رغم رفض الجميع، فرض أجندة تخدم نفوذها الإقليمي. وختم بالقول: “المال لا يشتري الشرعية… حتى في عهد ترمب.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى