الاحداث- واشنطون
أثارت الملامح التي قدّمَتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضمن استراتيجية الأمن القومي المحدَّثة لعام 2025 اهتمامًا واسعًا، بعدما كشفت عن تحول نوعي في مقاربة واشنطن للقوى الدولية، خصوصًا روسيا وأوروبا، وما يمكن أن يترتب على ذلك من إعادة تشكيل للتوازنات الإقليمية، بما فيها السودان.
وبحسب قراءة تحليلية نشرها الباحث السوداني طارق زين العابدين، فإن الوثيقة الجديدة تجنّبت للمرة الأولى وصف روسيا بأنها “تهديد مباشر” للولايات المتحدة، مشيرة بدل ذلك إلى “الحاجة للتعاون معها” في ملفات الاستقرار الاستراتيجي وقضايا الأمن العالمي الحساسة. ويُعد هذا التحوّل أحد أبرز ملامح الاستراتيجية مقارنة بالوثائق السابقة التي تبنت توصيفًا أكثر صدامية تجاه موسكو.
في المقابل، حملت الاستراتيجية لغة غير مسبوقة تجاه القارة الأوروبية، حيث حذّرت من أن أوروبا قد تواجه ما سمّته “خطر المحو الحضاري”، في إشارة إلى تأثير التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة على القدرة المستقبلية للدول الأوروبية على البقاء حليفًا موثوقًا لواشنطن. واعتبرت الملامح الرسمية أن استمرار المسارات الحالية قد يُضعف الدور الأوروبي داخل النظام الدولي وفي علاقة القارة بالولايات المتحدة.
وترى القراءة التحليلية أن هذه التحولات تعيد رسم خارطة التهديدات والفرص في الرؤية الأميركية، وتفرض على الدول المتأثرة بالأزمات والصراعات—مثل السودان—أن تعيد حساباتها الاستراتيجية بما يتوافق مع النظام الدولي الجديد.
ويؤكد زين العابدين أن من الضروري أن تولي الأجهزة الأمنية والاستخبارات السودانية اهتمامًا خاصًا بهذه الملامح، لما لها من تأثير مباشر على توازنات المنطقة والفاعلين الدوليين، خاصةً في ظل إعادة تشكّل العلاقات بين واشنطن وروسيا وأوروبا. كما يشدد على أن هذه المتغيرات يجب أن تكون ضمن المدخلات الأساسية لصياغة التوصيات الموجهة للقيادة السودانية في ملف الأمن القومي.
ووفق التحليل، فإن فهم مكانة السودان في ضوء الخطاب الأميركي الجديد وتحديد اتجاهاته، يُعد شرطًا رئيسيًا لبناء رؤية سودانية متوازنة لإدارة التحالفات وتقييم المخاطر وقراءة مصالح القوى الكبرى، بما يسمح بحماية المصالح الوطنية العليا في مرحلة إقليمية ودولية شديدة التعقيد.
