هل سيضع ترامب سياسة متماسكة لإنهاء الحرب في السودان؟
بينما يستمر النزاع العنيف بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع- مما يؤدي إلى نزوح الملايين ودفع السودان نحو الانهيار – تطرح تساؤلات حول كيفية استجابة ترامب لهذا الوضع. ومع مستقبل السودان غير الواضح، هل سيطور ترامب والحزب الجمهوري استراتيجية متماسكة لإنهاء العنف، أم أن الحرب ستتواصل دون سياسة أمريكية واضحة؟
مصالح أمريكية:
خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى، تميزت سياسته الخارجية بعدم الاستقرار وتركيزه على مبدأ “أمريكا أولاً” وعدم الرغبة في التدخل في النزاعات التي لا تهدد المصالح الأمريكية بشكل مباشر. تجنب إدارته إلى حد كبير التدخلات الخارجية، مفضلاً الإجراءات الاقتصادية، والجهود الدبلوماسية، وتقليص الالتزامات العسكرية. فماذا قد تعني فترة ترامب الثانية للسودان، وكيف يمكن أن تؤثر وجهات نظر الحزب الجمهوري حول التدخل الدولي على استجابة الولايات المتحدة؟
اتسمت سياسة ترامب الخارجية بالرفض القوي للتدخل العسكري الأمريكي إلا إذا كان هناك فائدة واضحة وملموسة. حيث أعطى الأولوية للمصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة، وغالباً على حساب الدبلوماسية المتعددة الأطراف أو الجهود الإنسانية الدولية. كان يشكك بشدة في التدخلات في مناطق مثل الشرق الأوسط أو أفريقيا أو آسيا الوسطى، حيث كانت المصالح الأمنية الأمريكية محدودة.
خلال فترته الأولى، سحب ترامب القوات من سوريا وأفغانستان، حيث جادل بأن الولايات المتحدة قضت سنوات عديدة في “حروب لا تنتهي” مع عوائد محدودة. وابتعدت إدارته عن المؤسسات المتعددة الأطراف مثل الناتو، واتخذت موقفاً صارماً بشأن المساعدات الخارجية، خاصةً للدول التي لا تبذل جهداً كافياً للدفاع عن نفسها.
في حالة السودان، ركزت إدارة ترامب على اتخاذ إجراءات عملية – مثل فرض عقوبات محددة على شخصيات سودانية رئيسية والتوسط لتطبيع السودان مع إسرائيل من خلال اتفاقات أبراهام – مع إظهار القليل من الاهتمام بالتورط العميق في الصراع الداخلي. وبناءً على هذا التاريخ، من غير المحتمل أن يغير ترامب نهجه بشكل كبير، خاصةً وأن الصراع السوداني لا يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأمريكي.
بينما لا يوجد موقف موحد للحزب الجمهوري بشأن السودان، يشارك الكثيرون في الحزب ترامب عدم الرغبة في التدخل العسكري في مناطق مثل أفريقيا. يميل الجمهوريون إلى إعطاء الأولوية لمواجهة التهديدات من الصين وروسيا وإيران، ومن المرجح أن يقاوموا التدخل العسكري في النزاعات التي لا تؤثر مباشرة على أمن الولايات المتحدة.
بالنسبة لمعظم الجمهوريين، من غير المرجح أن تلقى فكرة التدخل العسكري أو “بناء الدولة” في السودان قبولاً واسعاً. ومع ذلك، قد يدعو بعض الفصائل الأكثر تدخلية في الحزب إلى اتخاذ إجراءات أكثر مباشرة إذا تم ربطها بالمصالح الأمريكية، مثل اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب في حال تحول السودان إلى ملاذ للجماعات المتطرفة مثل القاعدة أو داعش.
ضغط دبلوماسي:
حتى هذه الأصوات الأكثر تدخلية من المحتمل أن تعارض العمليات واسعة النطاق في السودان. بدلاً من ذلك، من المرجح أن يركز الحزب الجمهوري على العقوبات المستهدفة، والضغط الدبلوماسي، ودعم محادثات السلام الدولية. بالنظر إلى الديناميات الداخلية المعقدة للسودان وعدم وجود مصلحة استراتيجية مباشرة للولايات المتحدة، سيبقى السودان على الأرجح “مشكلة معقدة” للجمهوريين، دون أن تتفوق على أولويات أخرى مثل الهجرة والتجارة أو القضايا المحلية.
من المحتمل أن تركز استجابة ترامب على الحلول الدبلوماسية والاقتصادية بدلاً من العمل العسكري، مع إعطاء الأولوية لحماية مصالح الأمن الأمريكي وتقليل التدخل الأمريكي في النزاعات التي لا تؤثر بشكل مباشر على أمريكا.
سيكون الحل الدبلوماسي، المتماشي مع سياسة “أمريكا أولاً”، هو الخيار المفضل، باستخدام قوى خارجية للتأثير على الوضع. قد يلجأ ترامب إلى دول إقليمية مثل مصر والسعودية والإمارات للعب دور أكبر في المفاوضات، مستخدماً نفوذها للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
عقوبات اقتصادية:
من المرجح أن تظل العقوبات الاقتصادية أداة رئيسية للضغط على قادة السودان للدخول في محادثات السلام. بالإضافة إلى ذلك، قد يستخدم ترامب النفوذ الاقتصادي، مثل تقييد المساعدات العسكرية أو منع وصول السودان إلى المؤسسات المالية الدولية، دون التزام الولايات المتحدة بعملية إعادة الإعمار.
من المحتمل أن يدعم المشرعون الجمهوريون في الكونغرس النهج الحذر للإدارة. في حين سيكون هناك دعم من الحزبين للمساعدات الإنسانية والجهود الدبلوماسية، سيبقى هناك معارضة قوية للتدخل العسكري واسع النطاق أو عمليات حفظ السلام.
قد يدفع بعض الجمهوريين نحو فرض عقوبات أشد أو اتخاذ تدابير دبلوماسية أكثر قوة للضغط على الأطراف المتحاربة، لكن التدخل العسكري سيظل مرفوضاً. وإذا تصاعد النزاع السوداني إلى مستوى يهدد المصالح الأمريكية بشكل مباشر – مثل ظهور جماعات متطرفة أو عدم استقرار في الدول المجاورة – فقد يدعم الجمهوريون اتخاذ إجراءات أقوى. ومع ذلك، في غياب تهديد أمني مباشر، سيكون هناك القليل من الشهية للتورط الأمريكي الكبير.
استخدام نفوذ :
من المحتمل أن تكون سياسة ترامب تجاه السودان مبنية على المشاركة المحدودة. سيركز على التدابير الاقتصادية والدبلوماسية، مع استخدام النفوذ الأمريكي لدفع محادثات السلام وحل سياسي دون إهدار الموارد.
سيعتمد مصير السودان على الأرجح على الفاعلين الإقليميين والهيئات الدولية، في حين ستركز الولايات المتحدة على حماية مصالحها الخاصة.
ومن المتوقع أن يتخذ ترامب والحزب الجمهوري خطوات لمعالجة الحرب في السودان عبر أدوات اقتصادية ودبلوماسية، مع تدخل أمريكي محدود.