نقيب الدراميين الرشيد أحمد عيسي : الدراميون لم يهربوا وحكوا قصص الحرب في أعمالهم

الاحداث – متابعات

 

(لو أن أحدا روى لي هذه الحكاية ..لما صدقت..

ولكن كيف أكذب عيني المليئتين بالدموع..

ويدي الملطختين بالدم..

أيها البحر ..أيتها الجزيرة..

أنا مجرم أم ضحية

انا مجرم ام ضحية..)

الشاعر سميح القاسم..

 

(أرى على الطريق أشخاصاً عابرين

بعضُ ما بقي مني يرى أشخاصاً

هؤلاء على الأرجح لم يفقدوا شخصاً أحبوه

أم أنهم فقدوه ومع ذلك يكملون الطريق

لا أعرف كيف لا تتوقف  أرجلنا عن المشي

حين نفقد شخصاً نحبه!

ألم نكن نمشي لا على قدمينا، بل على قدميه

ألم تكن النزهةُ كلها من أجله؟

ألم يكن هو النزهة؟

كيف يمشي واحدٌ إذا فقد شخصا؟

كان هو الماشي وأنا تابِعُه

كنتُ الماشيَّ فيه

وحين توقفت… لم تعد لي قدمان)

الشاعر

وديع سعادة..

 

الحرب ليست نزهة..

الحرب قبح شر مطلق

الحرب ضد الجمال ضد البقاء..ضد الانسان..ضد الفنان.. حامل أسئلة الوجود والهوية المهموم بتحقيق قيم الخير والحق والعدل.. الفنان ضمير مجتمعه وقيمه وأخلاقه.. لذلك نحن ضد الحرب لأنها العدم لأنها الفناء لكل الجمال الذي ننشده..

 

ظل فنان الدراما في وطننا ومنذ أكثر من مائة عام ونيف يعمل على تحقيق حلم إنسان السودان فى بناء وطنه

..بدأ بمسرح تعليمي توعوي من لدن بابكر بدرى مروراً بمأمور القطينة مسرحية “نكتوت”.. ثم مسرحا مقاوما للاستعمار عبيد عبدالنور .. صديق فريد.. علي عبداللطيف..

ثم مرحلة البناء لنسيجنا الاجتماعي .. العبادي المك نمر.. والدعوة المبكرة للوحدة الوطنية

جعلي ودنقلاوي وشايقي إيش فايداني

غير أسباب خلاف خلت اخوي عاداني..

خلوا نبانا يصل البعيد والداني..

يكفى النيل أبونا الجنس سوداني..

ومن ثم ابو المسرح السوداني خالد أبو الروس.. وجيل عظيم من الآباء ميسرة السراج.. الفاضل سعيد..

أحمد عثمان عيسى ..

محمود سراج أبوقبورة

سارة محمد.. اسماعيل خورشيد.. محمد خلف الله ..تور الجر.. عثمان احمد حمد.. مكي سنادة.. يوسف عيدابي.. هاشم صديق.. الريح عبدالقادر.. يحي الحاج ابراهيم.. عزالدين هلالي.. ابوالعباس محمد طاهر.. نفيسة محمد محمود..

عثمان جمال الدين.. سعد يوسف.. محمد خوجلي مصطفى.. محمد رضا حسين..

خطاب حسن أحمد.. عبدالعزيز العميري..

فتحية محمد احمد.. بلقيس عوض.. رابحة احمد محمود.. محمد شريف علي.. حسبو محمد عبدالله.. ابراهيم حجازى.. يوسف خليل.. عثمان علي الفكي.. صلاح الدين الفاضل.. منى عبدالرحيم.. سمية عبداللطيف.. تحية زروق… هؤلاء بعض من اهراماتنا التي كانت معالم لحضرة مسرحنا العظيم..

من هؤلاء خرجنا لنحمل معاول التغيير والبناء ..

كان لنا آباء عظماء قدموا تضحيات مستحقة لهذا الوطن لم يكلوا لحظة عن عشقهم لمسرحهم الوطن.. لجمهورهم لشعبهم الذب أحبهم وأحبوه..

لم يتوقف عطاء فنان المسرح .. رغم ان الدولة لم تكن على قدر الوفاء..  ثم كان المعهد العالي للموسيقى والمسرح قلعة المعرفة التي حققت الاستمرار على الطريق المنشود

لتقدم ارتالاً من المبدعين

نشروا تلك الثقافة على امتداد المليون ميل.. حملوا أشواق وتطلعات الوطن في رؤاهم ومضوا بالحلم إلى أن وصلنا ماوصلنا إليه من نهايات كان الفنان يراها يستشرفها يحذر منها.. دورنا هو الإشارة إلى مواطن الخلل والخطر.. أن ندرك الشر قبل وقوعه.. أن نجعل الجمال منهجنا للتغيير..

رغم الحرب والقتل والدمار والنزوح والتشرد

والاغتصاب والقهر والمرض والجوع.. كان فنان الدراما مع شعبه وأهله.. نازحا مقهورا.. جائعا مريضا منهكا.. لكنه لم يتوقف عن لعب دوره.

كانوا في كل مدن النزوح يقدمون مسرحا يعالج قضايا الحرب.. عملوا على إعادة تأهيل الناس فى مراكز الإيواء.. قدموا مسرحا هادفا.. مسرحا للطفل..

حكوا قصص الحرب في الاغتصاب والقتل ..كانوا مع الناس عبروا عن احساسهم ..كانوا صادقين

كانوا مع شعبهم لم يهربوا إلى عواصم العالم

تاركين أهلهم يعانون من تلك الويلات..

نحن الدراميون

نعمل على إعادة تشكيل تجربة الانسان والعلاقة بينه وبين واقعه بتقديم وعي جديد لهذه العلاقة من خلال منجز جمالي يفسر هذه العلاقة..

سيظل موقفنا من الحرب موقف وجودي

لأن الحرب هي العدم..

ولأن الحرب ضد السلام

ولأن الفن هو السلام..

وكما قال سيدنا خورشيد

كلما بفتح مسرح بفرح وكلما بفرح بفتح مسرح..

Exit mobile version