رأي

موقف المنظمات الإقليمية والدولية من حرب السودان (1-2)

فيما أرى 
عادل الباز
1
منذ البداية سميت هذه الحرب بـ(الحرب الكاشفة)، لأنها عرّفت مواقف الأشخاص والتنظيمات والمؤسسات الإقليمية والدولية، وبعد عام ونصف من اندلاعها أصبح الملعب مكشوفاً تماماً، مَن مع الوطن ومَن ضده؟ ومَن هم أصدقائه ومَن هم أعدائه؟ ومَن عدوه ومسك العصا من النص. كل ذلك أصبح واضحاً. موقف المؤسسات الدولية والإقليمية التي كانت تدعي  أنها أُسست لترعى الأمن والسلم العالميين كما ترعى القيم الفاضلة التي حوتها وثائقها، سنرى اتساقها مع ما تدعيه من مبادئ كان ينبغي أن تحرسها!!. الأزمة السودانية كشفت، بل أكدت مفارقة الأقوال والوثائق والقيم للمواقف التي اتخذتها تلك المنظمات من الحرب في السودان.
2
 من الحقائق المجردة التي أنكرتها تلك المنظمات منذ بداية الحرب أن تمردا قامت به وحدة  تتبع للجيش السوداني (الدعم السريع) وشنت حرباً على دولة السودان، وتحولت بذلك إلى مليشيا خارجة عن القانون والنظام في الدولة، ولكن بقدر قادرة بدأت المنظمات الإقليمية والدولية تطلق عبارات تشي بأنها ترغب في التهرب من إدانة القوات المتمردة، فتارة تتحدث عن حرب الجنرالات وأخرى تساوى بين الدولة والمليشيا المتمردة (طرفي النزاع) أو (قائدي النزاع). فبدلاً من إدانة المتمردين على الدولة، حاولت تلك المنظمات شرعنة ذلك التمرد، ولم تطلق أي من المنظمات وصف (المتمردين) على مليشيا الدعم السريع. وكنت قد سألت أحد المشاركين في برنامج تلفزيون العربي الجديد ماذا إذا تمردت مثلاً الفرقة الخامسة في الجيش المصري، هل كان لأي من الدول العربية أو الأفريقية الاعتراف بها والتعامل معها.. ناهيك عن فرش البساط الأحمر لزعيم المتمردين ودعوته إلى مؤتمر إقليمي يفترض أن يحضره رؤساء الدول فقط.؟ تلجلج ولم يقل شيئاً.
3
على ضوء هذه الحقائق والصورة دعونا ننظر لموقف المنظمات الإقليمية والدولية. ولنبدأ بالاتحاد الأفريقي، رغم أن عضوية السودان معلقة بذلك الاتحاد، إلا أنه سارع بالتدخل الخبيث في الحرب السودانية، ففي 27/5/2023 سارع الاتحاد بعقد أول جلسة له حول ما أسماه النزاع في السودان دون توصيف ذلك النزاع!! ودعا لوقف فوري لإطلاق وكان بصدد اتخاذ قرارات بشأنه، ولكن تهديد السودان بأن أي قرار لم يتم مشاورته فيه سيؤدي إلى انسحاب السودان من الاتحاد كلياً. وهنا توقف الاتحاد عن إصدار أي قرار، واكتفى بالدعوة لوقف إطلاق النار. إلا أنه ظل يصدر بيانات تساوى بين الجيش السوداني والمليشيا المتمردة، وأخيراً وصل إلى دعوة كل المتداخلين في الشأن السوداني للدخول في ما عرف بـ(آلية موسعة) لوقف الحرب تطرق إلى أهمية الأخذ بمبدأ “خطوة بخطوة” لحل المشكلة في السودان، مؤكدًا “الأهمية الكبرى للقاء المباشر بين “قائدي النزاع”،
(لاحظوا)، كما دعا دول الجوار وبعض دول الإقليم المنخرطة في الحرب (الإمارات) للانضمام للآلية الموسعة، ولكن تلك الآلية فشلت بسبب انحيازها ابتداءً وبسبب رفض السودان لها.
4
أما الجامعة فلقد سارعت بإصدار بيان بعد يومين من إندلاع الحرب 16 أبريل 2023 دعت فيه لوقف إطلاق النار لما قالت إنه نزاع مسلح.!! هكذا… نزاع مسلح مجهول الهوية… بين مَن ومَن؟ طبعاً لم تسمي طرفا النزاع ولا هويتهما لأن ذلك يلزمها بموقف من المتمردين ولذا تخفوا تحت “نزاع مسلح”.!!. وأصدرت منذ اندلاع الحرب عشرات البيانات كلها تدور وتلف في دائرتها، الفارغة جعجعة  بلا طحين، وياها المحرية فيها.!!
4
 أما الإيقاد فموقفها كان واضحاً وفاضحاً في انحيازها منذ اليوم الأول للتمرد فسارعت بعقد اجتماع في 21 يونيو 2023 أعلنت على إثره تكوين  لجنة وساطة رباعية تتعامل مع الأزمة السودانية”، مشيرة إلى “الأهمية الكبرى للقاء المباشر بين “قائدي النزاع”، كما دعت. لوضع خارطة طريق “الإيقاد” لحل الأزمة في السودان.!!  لاحظ “لقائدي النزاع” دي؟. هذا النزاع بين مَن ومَن ؟. أيضاً عجزوا أن يسمّوه تمرداً عمداً لأنهم إذا فعلوا ذلك وجب عليهم الانحياز للدولة ومؤسساتها التي تمردت عليها قوات تتبع لها، ولكن لأن أجندتهم داعمة وموالية للتمرد يمارسون مثل هذا الخداع “قائدي النزاع”. نواصل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى