تقرير – رحاب عبدالله
تباينت ردود أفعال الخبراء فيما يتعلق بموازنة العام 2025 ، وذلك بعد أن أعلن مجلس الوزراء اجازة اللجان الفنية سمات وموجهات وأهداف الموازنة العامة للعام 2025.
وكانت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أعلنت أن اللجان الفنية بمجلس الوزراء المكلف أجازت سمات وموجهات وأهداف الموازنة العامة للعام المالي 2025م.
واعلن وكيل وزارة المالية عبد الله إبراهيم أن الوزارة أودعت سمات وموجهات وأهداف الموازنة لمجلس الوزراء المكلف، توطئة لإجازتها.
وقال وكيل وزارة المالية عبد الله إبراهيم عقب تقديمه للسمات والموجهات في إجتماع اللجان الفنية برئاسة مجلس الوزراء إن اللجان خلال مناقشتها أبدت ملاحظات يتم استيعابها توطئة لرفعها إلى القطاعات الوزارية لإجازتها واعتماد العمل بها.
موازنة الحرب
والشاهد ان موازنة العام الحالي 2024،والتي سُميت بموازنة (الحرب) واطلق عليها خبراء موازنة (طواريء) واجهت عدة عقبات وتحديات كثيرة بسبب الحرب الدائرة في البلاد بين مليشيا الدعم السريع والقوات المسلحة.
وكان وزير المالية جبريل إبراهيم أعلن أن الموازنة موازنة حرب، متسائلاً بشأن مقدرة وإمكانيات الحكومة لتمويل الحرب والرواتب في آن واحد في ظل تدهور وتراجع الأحوال الاقتصادية في السودان.
اهتمام الموازنة
واكد الخبير الاقتصادي د.محمد الناير اختلاف موازنة الدولة في ظل الحرب عن الموازنة في ظل السلم.
وأوضح في حديثه ل(الأحداث) أن في موازنة الحرب يكون هنالك إهتمام فقط بتعويضات العاملين (المرتبات) للوحدات المركزية والولائية في المقام الاول، مشيرا الى أن هنالك وعد من قبل وزارة المالية بان يتم تنفيذ تعويضات العاملين في العام 2025 بنسبة 100%، لأن كثير جدا من الوحدات لم تنفذ تعويضات العاملين بنسبة 100% بل هنالك تنفيذ بنسب ضعيفة جدا في بعض الولايات.
وشدد الناير على وجود تنسيق بين وزارة المالية والولايات لاعداد موازنة شاملة في كل الولايات الآمنة فقط ،مضيفا ان الولايات التي تشهد اشكالات وتعقيدات مثل ولايات دارفور ، قد يصعب اعداد موازنة لها الان، ورجح ان يتم اعداد موازنات لها بعد تحريرها وحسم المعركة بصورة اساسية.
وقال الناير إن ما تم الان بخصوص موازنة وما قدم من موجهات أو السمات العامة للموازنة العامة للعام 2025 هي خطوط عريضة وليست ارقام ، تحدد اهتمامات الدولة في العام 2025 والتي على ضوئها تعد كل الوحدات المركزية الوزارات والهيئات موازناتها.
اختلاف موازنة الحرب والسلم
وقال الناير إن الموازنة في ظل الحرب تختلف عن الموازنات في ظل السلم ، إذ أن الموازنة في ظل الحرب يكون لديها تركيز في الاهتمام بالفصل الاول أو تعويضات العاملين ثم بعد ذلك الاهتمام بالقدرات الأمنية والعسكرية وتوفير التمويل اللازم أو البنود اللازمة، مشيرا إلى أن الاهتمام بالتنمية في ظل ظروف الحرب يكون ضعيفا بل يكون محصورا في تحقيق استقرار المؤشرات الاقتصادية “سعر الصرف، معدل التضخم، تقليل معدل الفقر والبطالة وغيرها” وقد لا تكون التنمية ضمن الأولويات أو أن لا يكون هنالك تمويل او بنود كافية لتنفيذ موازنة التنمية”الاصول غير المالية”.
ضعف موازنة التنمية
لكن الناير أشار إلى أنه في كل موازنات السودان لم تكن هنالك موازنات مقدرة للتنمية وهي الأصول غير المالية ، لافتا إلى أنه كان دائما الاعتمادات تكون 5% من حجم الموازنة وأحيانا أقل من 10%، واعتبرها الناير معادلة مشوهة لكنه رجح وفي ظل ظروف الحرب عدم تنفيذها ، بل اكد الاهتمام بمخصصات العاملين ثم ما يصرف على الأمن والدفاع الذي يؤمن استقرار البلاد ثم بعد ذلك يتم الصرف على تسيير دولاب العمل في الدولة بترشيد كبير جدا في الإنفاق العام.
زيادات ضريبية
فيما توقع الخبير المصرفي د.عمر محجوب أن تتضمن موازنة الطوارئ للعام 2025 حزمة من الزيادات الضريبية ، والسعي نحو تعظيم الإيرادات الحكومية من قطاع الذهب، والتركيز على الإيرادات المؤكدة، كما توقع ان تستهدف الموازنة الحصول على المنح الأجنبية ، بجانب العمل على خفض وترشيد الصرف الحكومي وضبطه.
وقال د.عمر محجوب ل(الاحداث) إن الموازنة دائما في ظل الحرب يكون هدفها الأول تغطية تكاليف الحرب، بما في ذلك مخصصات الدفاع، ونفقات البند الأول الخاصة بالرواتب والأجور ومستحقات العاملين والمصروفات الجارية الأخرى، فضلا عن تغطية نفقات البند الثاني في مجال الإعانات والمساعدات الاجتماعية، ونفقات خاصة بالبند الرابع يخصص للمشروعات التي تؤهل المطارات والمقار البديلة.
وشدد محجوب على التنسيق بين السياسات المالية والنقدية ،في ظل الحرب لكبح جماح التضخم والمحافظة على سعر الصرف في مستوى معقول، وقطع بأنه لا ينتظر أن تكون هناك برامج للتنمية أو خطط لخفض معدلات العجز التجاري والدين العام في ظل موازنة الحرب.
عقبات الموازنة
في السياق يرى الخبير الاقتصادي، د. هيثم محمد فتحي، أنه على مدار الأعوام السابقة ومنذ 2019 ، وخاصة عامي 2023 و2024 م فإن الحكومة، وفي سبيل سعيها لتغطية العجز، سعت جاهدة نحو زيادة إيرادات الخزينة العامة بمختلف الوسائل، ابتداءا من الاستفادة من الضرائب والرسوم عبر استحداث أوعية ضريبية جديدة، وزيادة الرسوم على الأوعية الضريبية الحالية وتحسين إجراءات التحصيل الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي، إلى العمل على زيادة الإيرادات الاستثمارية، مروراً بضبط الإنفاق العام وترشيده، أو بالتضخم عن طريق الإصدار النقدي بدون تغطية، وانتهاءً بالاعتماد على القروض المحلية والخارجية لتمويل إيرادات الموازنة بالعجز.
وأوضح فتحي أن هذه الإجراءات لتخفيض العجز تبدو في قسمها الأكبر خارج سيطرة وزارة المالية بشكل كبير، لأسباب ترتبط بالظروف الأمنية الحاضرة وعدم الاستقرار السياسي وتأثير ذلك على الظروف الاقتصادية، فضلاً عن الخسائر الكبيرة لدى المؤسسات في القطاعين العام والخاص، والتي أدت إلى تراجع إيراداتها وعدم قدرتها على تسديد الضرائب.
وأشار هيثم إلى أن المشكلة تبدو أكثر تعقيداً في ظل غياب خيارات التمويل والاعتماد بشكل كبير على التمويل بالعجز عبر الاقتراض الداخلي من البنك المركزي حيث تظهر آثار للاختلال في توازنات الاقتصاد مع تدني مستمر لفاعلية أدوات التدخل المالية والنقدية في الاقتصاد.
ولفت فتحي إلى وجود تخبط واضح في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، في ظل تداعي الاقتصاد نتيجة تعرض محركاته الأساسية لضغوط قوية أنهكت بنيته وأفقدته الكثير من مقوماته جراء الحرب المستمرة والتدمير الممنهج للبلد إنسانياً وعمرانياً واقتصادياً.
وقال: “في تقديري لم يُظهر البنك المركزي أي استراتيجية ثابتة ومستقرة تتناسب وظروف الأزمة، بل تخبط بقرارات وتوجيهات وإجراءات عديدة أسهمت في تأجيج أزمة سعر صرف الجنيه السوداني ، فقد أدت الحرب إلى شلل كبير جداً في قطاعات الإنتاج، ومن ثم تراجع حجم الإيرادات مع تزايد الإنفاق المطلوب لمواجهة تكاليف العمليات العسكرية، وانخفضت الصادرات مقابل ارتفاع الواردات بشكل متفاوت”.