بقلم السفير/ رشاد فراج الطيب
مابين الفاشر وغزة رباط عضوي وعلاقة جذرية لاتحدها الجغرافيا ، بل توحدها الذاكرة والوجع والمصير المشترك .
مدينتان وادعتان مسالمتان . تنتميان الي ذات الأمة العربية والاسلامية والإنسانية .
غير أن كليهما وجد نفسه في قلب عاصفة من العدوان الغاشم الذي استهدف الانسان وجودا وهوية وانتماء .
العدوان في الحالتين ليس صدفة ، بل هو امتداد لمشروع واحد ينتمي لذات المالكين له بالاصالة وبالوكالة .
مشروع يستهدف كسر عزيمة شعبين مسلمين يمثلان نبض الأمة وضميرها الحي الرافض للهيمنة والاستكبار .
الذين استهدفوا شعب فلسطين في غزة بالابادة والاحتلال والاستيطان ، يفعلون ذات السيناريو مع أهل السودان . يريدون محو التاريخ والهوية وتغيير الجغرافيا ومصادرة القرار والسلاح واخماد ارادة الدفاع عن النفس وخيارات الإنسان الذي اختار الحرية علي العبودية ومقاومة العدوان علي الخضوع والاستسلام .
إذن من يتحمل وزر الدم الذي اريق والأرواح التي ازهقت حتي ابتل بها الثري ، ووزر الملايين الذي هجروا عن أرضهم بينما جري اذلالهم وانتهاك أعراضهم .
في كلا مسرحي
الجريمة أرادوا فرض ذات السيناريو بخطة اسموها خطة سلام !
تقضي بأن يسلم ماتبقي من الشعب سلاحه ، ويقبل بالتفاوض مع المعتدي الجاني علي اقتسام ماتبقي من الأرض والثروة . ويقبل العيش تحت وصاية قوة أجنبية تفض الاشتباك وتحرس الأمن . حتي اذا قبلوا ذلك فتحت عليهم أبواب الاغاثة التي كانت محبوسة خوف أن يسرقها المقاتلون (الارهابيون) الذين كانوا يدافعون عن الأطفال والنساء وعن شرف المدينة التي أصبحت ركاما !
في كل هذا الوقت الطويل من الحصار والتجويع كان اقطاب العالم واسياده وأتباعهم يحذرون السكان المجني عليهم من عاقبة تمسكهم بسلاحهم وبارضهم وبخيار مقاومة العدوان الغاشم .
وامتنعت منظمتهم المتحدة عن تقديم العون في مكان الخطر لأنه جري طردها و إرهابها ومنعها فأصبحت عاجزة وقد تكدست مساعداتها علي الأبواب والمعابر ، حتي اذا ماتم إسقاط المدينة سمح لقوافل الطعام الذي أوشك علي انتهاء الصلاحية أن تدخل لمن تبقي من السكان المنهكين الذين نجوا من الإبادة او الموت تجويعا !
الذي يتحمل هذه الدماء الغزيرة الطاهرة التي اريقت هم أولا أصحاب المشروع العدواني ووكلاؤه وعملاؤه الذين شاركوا في الجريمة . ثم الشهود المشاركون بالصمت او التشجيع ثم كل من ساوي بين الجلاد والضحية وساوي بينهما في المسؤولية والمركز القانوني !
ثم الذين دعموا خطة التسوية الظالمة التي تنهي العدوان والحرب كهدف أسمي حتي ولو كانت النتيجة كارثية تنتج الأزمة من جديد لأن الهدف هو اسكات البنادق وليس العدالة . لأن صور القتل وصوت السلاح يزعج الجيران ويبعث علي القلق ويحرج القائمين علي أمن العالم .
انها (قصة مدينتين) جديدة ، سيروي التاريخ فصولها الدامية للأجيال القادمة وسيتم تصويرها في ذات المواقع الحقيقية التي جرت فيها الأحداث ! وسيكون أبطال الفيلم غالبا من هوليوود من ذات مركز الحضارة الغربية التي تدعي رعايتها لمباديء حقوق الإنسان غير المتساوية .
انها الحضارة التي سمحت بالظلم والعدوان والاحتلال وبررت لحدوثه وقامت بحماية الجناة القتلة .
ثم انها ستنتج كل ذلك في فيلم سينمائي ثم تمنحه الأوسكار ثم تمنح من اعد خطة منع من تبقي من سكان المدينتين من الإبادة واقام في مركزهما (مولا) و (ريفيرا) جائزة نوبل للسلام ولن تنسي أن تقيم له تمثالا من ذهب العرب !
ان دم الأبرياء وإن جري انهارا ، سيظل يروي شجرة الحرية حتي تزهر عدلا وكرامة وكبرياء في وجه الطغيان والعدوان.
