رأي
مقترح لتدابير ضرورية تتخذ لحماية البلدات والمدن!
الدكتور الخضر هارون
مسيرة الأحداث التي بدأت قبل سنوات بتدخل سافر في الشأن السوداني غير مسبوق ثم تطور ذلك التدخل إلي حرب شاملة تكاد بالفعل تقضي علي الأخضر واليابس في بلدنا السودان إذا تأملت في جزئياتها بإستهداف الجامعات والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه والمتاحف ومراكز السجلات المدنية بل وبنتانة ألفاظ المقاتلين العنصرية المستهدفة لعرقيات بعينها لا يقودك التحليل المنطقي الرصين إلا أنها حرب تستهدف وجود السودان ككيان موحد ووطن جامع وترمي بعيدا إلي حد استبدال سكانه بآخرين من وراء حدوده فيما يبدو لي كصيغة جديدة للإستعمار الأجد ولا نقول الجديد لأن الجديد قد عشنا ويلاته منذ حصولنا علي استقلال شكلي نحن وجل المستعمرات إن لم يكن كلها فالاستقلال الحقيقي أن تصبح قادراً علي انتاج طعامك أو قادرا علي شرائه من حر مالك وكذلك لباسك وعلاجك وسلاحك لا أن يأتيك ذلك كله أو جله من ذات القوي التي استعمرتك ونهبت ثرواتك لعقود وبشروطهم هم . والدليل علي كبر وضخامة هذا العدوان الاستئصالي ،التواطؤ الدولي والاقليمي السياسي والدبلوماسي وحتي الإعلامي الذي يتمسك بسردية سخيفة هي أن الأمر لا يعدو أن يكون حربا بين جنرالين متعطشان للسلطة وهي يري علي الوسائط المواطنين في الجنينة يسحلون وفي الجزيرة يقتلون بقسوة ويطردون من دورهم والنساء تغتصب والقاصرات يتم يبعن في أسواق الاسترقاق.
ولعل الأغلبية الساحقة من السودانيين قد أدركت أبعاد هذا العدوان الغاشم وأنه فوق الانتماءات جميعا وليس مجرد صراع سياسي بين رؤي متباينة بل عدوان يستهدفه بكل وجوه الاستهداف وأنه أن لم يتصدي له وبكل ما يملك تقتله الحسرات علي دوره في ضياع الوطن إن لم تقتله رصاصات.
لذلك رأيت أنكم لعلكم بلسان الحال إن عز المقال ،ترون معي ضرورة أن ينصرف الجهد الآن أو ينبغي أن ينصرف إلي المحافظة علي ما تبقي من الوطن ريثما نتمكن من استعادة كل أجزائه التي كلها لنا وطن.
ولما كانت لا تزال القري والبلدات والمدن تتساقط بسبب عقوق بعض أبنائها من داخلها وإعانتهم عليها بإرشاد الأعداء إليها، المليشيا المتآمرة ،بالتخابر وكشف نقاط الضعف فيها ،أو لسبب آخر هو قلة الوجود العسكري المهني فيها بسبب الانتشار الواسع للجيش في أرجاء الوطن الفسيح ولأن ظروف ما قبل الحرب لم تتطلب ذلك ،لزم التصدي لنقاط الضعف تلك ومنع أن تظل سبباً في معاناة الناس وضياع الوطن بتحقيق أهداف العدوان.
لذلك رأيت عبر هذه السطور الطرح بمقترحات تظل مفتوحة لأقلامكم بالزيادة أو الاستدراك لسد ذلك النقص المتمثل في قلة عدد القوات اللازمة لحماية كافة المناطق ولإنهاء الخلايا الهدامة النائمة حزب بن العلقمي الذي أعان التتار علي بغداد ،بحزمة من التدابير الصارمة وذلك بتكرار القول الذي نادي به غيري وناديت به منذ حين وهو السعي في المناطق التي لم تزل باقية في حضن الوطن استباقاً لتحقيق النصر الكامل علي المليشيا ومطية إليه، بالعمل علي تكوين أجسام للمشورة منتخبة تمثل المواطنين بدأ بالبلدات فالمدن فالولايات علي النحو التالي:
-تشرف السلطات المحلية علي تكوين مجالس للقري والبلدات فالمدن حتي المستويات الولائية من الأهلين بالانتخاب المباشر من المواطنين وحصر الوجود الأجنبي والوافد من مناطق نزوح أخري والعمل مع الوحدات العسكرية والأمنية علي تحييد ومراقبة الخلايا النائمة بالحذر المطلوب الذي لا يأخذ الناس بالظنة علي قاعدة (المتهم برئ حتي تثبت إدانته ) وبما لا يفضي للنيل من النسيج الاجتماعي الوطني بالفرز القبلي والمناطقي مع الحزم اللازم في نفس الوقت .
-تستكمل الوحدات العسكرية والقوات النظامية النقص الذي تحدده هي في كل منطقة بتدريب القادرين علي حمل السلاح تدريباً متقدماً علي كافة الأسلحة وإحصاء المستنفرين بدقة بغية حصر للسلاح فيمن سلم إليهم حتي لا ينتهي إلي أيد تعبث بسلامة المواطنين وضرورة منع وصوله لجهات تتربص بالبلاد من المليشيا المتمردة و المجموعات الإرهابية المتعصبة سواء بسواء .
ذلك مقصود منه سد النقص العسكري والاستخباراتي الذي تشكو منه القوات المسلحة وتنسب إليه سبب سقوط المدن والبلدات من شباب كل منطقة ضعيف فيها الوجود العسكري اللازم الذي تفرضه الحرب. ولعل ذلك يكون الهدف والغاية من المقاومة الشعبية.
-ضرورة حصر ومراقبة الوافدين من مناطق نزوح علي مناطق جديدة وإحصائهم بدقة بالأسماء عبر بطاقات الهوية التي يحملونها دون التعرض لهم بسؤ إن كانوا سودانيين مع فرز الأجانب وإبلاغ السلطات المختصة بهم للتعامل معهم وفق القوانين السائدة .
⁃إقامة نقاط استطلاع وإنذار مبكر خارج المراكز السكانية مزودة بالآلات الضرورية وبالسيارات رباعية الدفع مع تمشيط منتظم وإقامة طواف بالليل والنهار وإقامة حواجز وحفر خنادق وتزويد كافة المناطق ببعض السلاح الثقيل كالمصفحات والمسيرات.
أما القري الأصغر التي لا توجد بها قوات نظامية يقوم بحراستها المستنفرون مع عدد محدود من منسوبي القوات النظامية لحفظ الأمن وضبط النظام .
– يتم التنسيق التام مع سلاح الطيران عبر القوات النظامية في كل الأماكن للتدخل السريع الذي قد تدعو إليه الحاجة.
-يقتضي ذلك إجراءات أخري في المدن كتسجيل أصحاب المهن الهامشية وأماكن وجودهم والتأكد من وجود الشرطة السرية بينهم وقد يتطلب ذلك إلغاء التعدين الأهلي بسبب هذه الحرب ومراقبة النزوح إلي المناطق والتأكد من ضروراته مع منع تجمعات ستات الشاي والدرداقات وعمل ملفات دقيقة لكل هؤلاء.
يلزم كذلك إسناد التفاتيش في الشوارع العابرة للولايات وعلي مداخل المدن للأكفاء المخلصين المشهود لهم بالنزاهة وأن يتم فحص الأوراق والمنقولات بجدية بالغة وأن تتم حركة المرور فقط خلال ساعات النهار وتفادي دلج الليل.
◦تطلع المجالس المنتخبة بقضايا فتح المدارس ومحو الأمية تماماً والعمل الصحي كإقامة المراكز الصحية وتوفير الأدوية. ومحاربة المخدرات والسلوكيات الضارة وتخصيص أماكن لمزارع جماعية لزراعة الحبوب والخضر وتربية الحيوان بغرض تغطية احتياجات كل منطقة في حدود الإمكان. وتحفيز رجال المال والأعمال في كل منطقة علي إقامة مشروعات خدمية كتجهيز مساكن متحركة للنازحين وما يتطلبه ذلك من مرافق صحية و سواها.
◦ وتحفيز الشباب من أولي الكفاءات لاستحداث مصادر أخري رخيصة للطاقة البديلة وتعميم المعارف الضرورية بالحاسوب وتشجيع الصغار علي رياضات الرجولة كالسباحة وألعاب القوي وغيرها.
◦تكون هذه المجالس علي مستوي القري والبلدات والمدن والولايات مجالس شوري للأجهزة التنفيذية وتكون قراراتها في غير المسائل العسكرية لازمة النفاذ ويستمر الأمر حتي يتحقق الاستقرار وتقوم مجالس منتخبة وفق الترتيبات الديمقراطية العادية.
◦ويمكن تطوع الشباب والشابات كذلك للمساعدة في سد النقص في الكوادر المدنية في دواوين الحكومة. والتدريس والتمريض.
✓ خلاصة ؛
◦الفشل في اتخاذ هذه التدابير أو أي تدابير أخري لسد النقص العسكري والاستخباري عبر التدريب المطلوب والمحكم للمستنفرين من شباب الوطن ، يجعل توالي سقوط المدن أمراً غير مقبول وغير مبرر يضع مسؤولية الحفاظ علي التراب الوطني غاية بعيدة المنال ونقصان مع القدرة علي التمام ويجعل تبعات الهزائم واحتلال المزيد من المدن وتبعات ذلك من التشريد والقتل علي الجيش والقوات النظامية وحدها.