إلى وزير المالية

عبداللطيف البوني
عاجل للسيد وزير المالية
حتى الآن معدلات الأمطار فوق المعدل وكل الدلائل تشير إلى القادم أجمل لانه شهر أغسطس حيث انه قمة الخريف وهذا يشي بأن المساحات المزروعة ستكون واسعة جدا خاصة في وسط السودان .. وربما يكون الأمر مختلفا في كردفان دارفور حيث لهيب النار مازال حده السماء … على العموم سوف نسمع قريبا ان المساحة المزروعة في هذا الموسم فاقت الأربعين مليون فدان… وفي هذا خير وبركة..
في المشاريع المروية عامة والجزيرة خاصة أن هناك جهدا كبيرا قد بذل من جانب الادارات والمزارعون لإصلاح الاعطاب التي طالت القنوات من جراء الحرب… إدارة مشروع الجزيرة ممثلة قسم الرى اصلحت القنوات الرئيسية بينما المزارعون دفعوا من دم قلبهم لإصلاح القنوات الفرعية ومع ذلك هناك أجزاء مقدرة خرجت من هذة العروة نتيجة الخراب الشديد الذي طال قنوات الرى فيها .. وانه لمن المحزن ان يتفرج المزارع على أرضه وهي بور بلقع لن تعطية ولا قبضة ذرة… ولكن ما لا يدرك كله لايترك جله كما يقول علماء الأصول
ومع كل الذي تقدم فهذا الموسم تنقصه الكثير من المعينات الإنتاجية وعلى راسها التقاوي المحسنة ومع ان منظمة الفاو قد وعدت بتوفيرها الا ان معظم المزارعين لم تصلهم هذة التقاوي ومن وصلتهم لم تكن كافية لدرجة ان أحدهم قال ساخرا (الناس ديل عاوزننا نزرع الشلابي بس؟) الشلابي لمن هم من غير اهل الزراعة المروية هي سرابات تكون في مقدمة الحواشة تحرث متعارضة مع بقية سراب الحواشة لتسهيل عمليات الري..
إذن على الجهات المسؤلة ان تبحث أين ذهبت هذة التقاوي هذا اذا اوفت الفاو بوعدها.. مشكلة التقاوي تغلب عليها المزارعون باللجؤ الي ما عندهم من ذرة من الموسم الماضي وهي مش ولابد من حيث الإنتاجية (ما متل ابوك لكن بربيك)
اها الان نحن امام مشكلة أكبر وهي مشكلة السماد (اليوريا) فالمعلوم ان الدعامة قد بددوا كل كميات السماد التي كانت مخزنة… منها ما هو لدي بعض المزارعين كبقايا من المواسم السابقة وهي كميات قليلة لدي الواحد منهم… ولكن إذا جمعتها سيكون لها وزن ولكن الأكبر كان في مخازن التجار في العاصمة في صافولا وبحري وفي الحصاحيصا وفي مخازن مشروع الجزيرة وقد رأيت بأم عيني كميات مهولة منها تحملها الجرارات ولا ادري الي اين ذهبت… اغلب الظن انها قد تعرضت للتلف والتبديد.. قال لي أحدهم ان شاهد بعض الدعامة يرصفون احد الطرق بالاسمدة والمحاصيل لكي تمر به منهوباتهم من عربات صغيرة غالية الثمن وعربات كبيرة وجرارات…
خلاصة الأمر انه وفي هذة اللحظة من عمر الموسم الزراعي الحالي ان المزارعين قد ووجهوا بانعدام السماد والمعروض منه قد وصل سعر الجوال سعة خمسين كيلو جرام قرابة المائة الف جنيه.. علما بانه في الموسم الماضي وفي مثل هذة الايام كان بخمسة عشر الف جنيه فقط وفي مواسم ما قبل الدعامة كان يصل إلى خمسة وعشرين في أعلى حالاته.. وحتى هذا مقارنة بالأسعار العالمية مرتفع جدا فتجار السماد عندنا جبلوا على الاحتكار والتخزين والانزال في الأسواق بالقطارة… فهم من طينة الفساد الذي كان ومازال سائدا فالوجع عندنا قديم يا جماعة الخير… ويبدو ان هذة الحرب بدل ان تعطينا درسا في الحياة سوف تغطس حجرنا زيادة طالما ان التماسيح مازلت تتضرع بيننا وبتحد أكبر من ذي قبل
عودة الي موضوعنا ان لم نخرج عنه فالنداء موجه للسيد وزير المالية بأن يتلافى الموسم الزراعى ويغرق السوق بالسماد… فمن المعلوم بالضرورة أن الفدان الواحد من الذرة اذا وجد خمسين كيلوجرام فقط من اليوريا سوف تتضاعف انتاجيته فما بالك اذا وجد مائة كيلو… طبعا معظم المساحات المطرية التي تزرع تقليديا لا يستخدم فيها السماد لذلك انتاجيتها متدنية ان لم نقل مضحكة ولكن برضها بتسد فرقة فاحيانا ( الكترة بتغلب الشجاعة) ولكن كل الأراضي المروية تستخدم السماد لان الأرض فيها منهكة نسبيا كما أن المشاريع المطرية الحديثة في القضارف والنيل الازرق وجبل موية(وهذة مطمورة السودان) الحقيقية تستخدم السماد ولو بكميات قليلة مقارنة مع المعايير العالمية…
فيا سيادة وزير المالية.. الأمن الغذائي جزء لا بتجزء من الأمن العام… استيراد السماد لا يقل أهمية عن استيراد المعينات القتالية… فمن فضلك من تصدير الذهب أو من قروض ميسرة أو حتى بقرار بالسماح لأي كميات بسيطة من دخول البلاد بدون اي رسوم أو غرامات (النل فاليو) المهم ان التدابير لن تعوزك وحرامية الدولة وحرامية السوق معلومين لديك.. فانقذ هذا الموسم الزراعي وان لم يكن من أجل دموع المزارعين الذين ادمنوا البكاء… فمن اجل عيون البلاد حتى لانسمع غدا المنظمات الدولية المتربصة بالبلاد تتكلم عن شبح المجاعة وانتشار المجاعة.. فحفنة سماد تعطيك كيلة عيش وخمسين كيلو سماد تعطيك مائتي وخمسين كيلو ذرة…
أن صدق الذي أخبرني وانا اميل الي تصديقه لمعرفتي بمعرفته في هذا الشأن فقد قال لي انه في الأيام القليلة الماضية رست سفينة في ميناء بورتسودان محملة بالسماد ونتيجة للمضاربة التي حدثت حولها ارتفع سعر جوال السماد فيها الي ثلاثة أضعاف قبل أن تبدأ التفريغ
واتفرج… يا سلام…



