عبدالسميع العمراني
لغة الجسد Body Language هي الحركات التي يقوم بها بعض الأفراد مستخدمين الصوت أو أياديهم أو أياً من أعضاء الجسم للتعبير ومحاولة توصيل الرسائل للآخرين، وهي تعتبر واحدة من أهم العلوم التي يتم الاعتماد عليها في تحليل الشخصية لمعرفة طريقة تصرفاته ومايفكر فيه ومايشغله أو يقلق باله، وعلماء التحليل يدركون كل ذلك من خلال دراسة تصرفات الفرد ومشاهدة الحركات اللا إرادية التي تبدر عنه وحركة اليدين والقدمين أو عضلات الوجه وحتى نبرة الحديث وطريقة الوقوف والجلوس وغيرها من حركات الجسد.
ومن خلال مشاهداتي لعدد من الفيديوهات التي عرضت على وسائل التواصل الاجتماعي وبرز خلالها اثنين من قادة الدعم السريع وهما أبوعاقلة كيكل والبيشي وقد كان الفيديو الأول
أمام رئاسة الفرقة بسنجة، والثاني داخل أمانة الحكومة وآخر فيديو كان بتاريخ ٢ يوليو ٢٠٢٤م.
ولعل من يشاهد تلك الفيديوهات بنظرة فاحصة وعميقة سيلاحظ الفرق مابين شخصية البيشي وكيكل ، فالبيشي يبدو منتشياً سعيداً بما حققوه حتى الآن من تقدم عسكري، وبما يظن أنه نصر كبير على القوات المسلحة السودانية في اجتياح حاضرة ولاية سنار (سنجة) بعد أن كانت قواته محاصرة في مناطق جبل موية، حتى فزعه كيكل ونسق معه لإحداث التفاف وإحداث اختراق من الناحية الغربية وصولاً إلى سنجة.
ولعل علماء تحليل الشخصيات في المخابرات السودانية أو الاستخبارات العسكرية سيتوصلون إلى نتيجة مفادها الاختلاف الواضح مابين الشخصيتين، إذ أن المدعو البيشي هو شاب صغير السن وصغير العقل وعديم الثقافة ولا يعطي كثير اهتمام إلى المآلات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي ستلحق بأهالي تلك المناطق، ويبدو أن ضميره في حالة من السكون بل ربما الموت السريري، لذلك تبدو عليه علامات الفرحة مثل الأطفال والبهجة وهو يتحرك بسرعة مابين عناصر المليشيا الذين تبدو عليهم علامات الإجرام وقسوة القلب وضعف الإيمان بل عدم وجود الدين في حياتهم إلا حينما يتحدثوا أمام الكاميرا فهم يستهلون الحديث بالصلاة على النبي صل الله عليه وسلم، وهذا مايثير حفيظة المواطن السوداني الذي يستنكر أن يشاهد من يبدأ حديثه بالصلاة على النبي وهو يفعل فعائل لم يأتي بها فرعون ولا تتار القرم في العصر الأموي .
أما شخصية أبوعاقلة كيكل من خلال التحليل فتبدو عليه علامات الخوف من شيء ما قادم أو الخوف من كارثة يتوقع حدوثها في أي وقت، ويبدو من خلال مقاطع الفيديوهات مهموماً بدرجة كبيرة ويحاول بقدر الإمكان التماسك وإمساك العصا الصغيرة بشدة وكأنه يرمي عليها بعض آلامه وتنازعات الضمير التي تحطمه من الداخل، كما أنه يرسم ابتسامة صفراء مصطنعة تداري بعض الأحاسيس الداخلية والرعب الساكن في قلبه من القادم الأسوأ والذي يعلمه جيداً.
وكيكل لديه إلمام تام بالمآلات المترتبة على تمرده على أهله ووطنه وعلى المؤسسه العسكرية التي عمل معها وكان يفاخر بها، رغم انه ليس منسوباً لها رسمياً في اي تراتبية عسكرية، فهو قد كان مجرد متعاون مع القوات المسلحة في شأن تأمين الحدود بالنيل الأزرق، ولديه تاريخ من العمل بالسالف في مناطق البطانة وتهريب السلع والبهائم، كما أن لديه علاقات اجتماعية ضاربة مع العديد من الأعيان في مناطق البطانة والقضارف وحلفا وكسلا، وحينما آلت إليه قيادة درع السودان وجد الكثير من تعاطف قيادات أهلية مجتمعية، حتى أن قيادات مجتمعية محترمة من نهر النيل والشمالية قد رحبت به واعتبرته قائد المستقبل لقوات أو حركة عسكرية مسلحة تدافع عن حقوق الشماليين، ولكن كيكل قد تم شراء ولاءه وذمته وباع ضميره للشيطان وهي قيادة الدعم السريع والتي خصصت أمولاً ضخمة لشراء قيادات عسكرية ورموز إعلامية وقيادات إدارة أهلية، بل وصل الأمر لشراء ذمم رؤساء دول في الإقليم ومسئولي منظمات وهيئات دولية.
كيكل تحول فجأة من زعيم في نظر الشماليين الي مجرم مرتشي وزعيم عصابات لمليشيات تغتصب النساء وتنهب وتسرق وتقتل وتستبيح منازل المواطنين وتصفي اسرى القوات المسلحة بدم بارد، وجد نفسه وهو يقود هذه المليشيات المنبوذة الآن بالسودان ، وهو يخشى من مصير قاسي ومظلم سيواجهه من أهله قبل أن يحاكمه ضمير الأمة السودانية قاطبة.
إذن كيكل يموت من الداخل الآن وقلبه ينفطر وضميره يؤنبه وهو تارة يتحدث مغازلاً الجيش السوداني بأنه مؤسسة محترمة وخلال أحاديثه للمواطنين في جولاته ببعض القرى يحاول أن يظهر لهم أنه صاحب أخلاق ومباديء ويسعى ان يظهر أنه؛ الحامي لهم والحريص على أمنهم والمحافظ على أموالهم وممتلكاتهم ، ويعلم كيكل الآن أن مغامرة الذهاب إلى سنجة ليست فسحة ونزهة مثل تنزهاته وجولاته حول مناطق الهلالية ورفاعة وأسواق المسيد وحاضرة بلده منطقة تنبول العريقة.
يعلم كيكل كل ذلك ويخاف من مصير مأساوي ينتظره في ولاية سنار وهو يعلم أنه لن يخرج بسهولة من تلك المعارك المنتظرة، فهو مصيره سيكون إما صريعاً أو أسيراً لذلك تظهره الفيديوهات بشكل حزين ومهموم ويحاول تصنع الفرحة وقلبه يدمي ألماً.