مستوردة من الولايات المتحدة، مُفجرة في السودان: كيف تُغذي أسلحة الإمارات الصراع في السودان
محمد عثمان
في السودان، يعيش المدنيون في حالة من الخوف حيث أن الأسلحة الأمريكية، التي نُقلت عبر الإمارات، تدمر المجتمعات. صُممت هذه الأسلحة في الأصل للدفاع، لكنها الآن تغذي حربًا وحشية. يتم تنظيم التجارة العالمية للأسلحة من خلال أطر قانونية مثل قانون مراقبة تصدير الأسلحة (AECA) الأمريكي ITAR واللوائح الدولية للاتجار التي تهدف إلى منع وقوع الأسلحة الأمريكية في الأيدي الخطأ. ومع ذلك، على الرغم من هذه الضوابط، وجدت الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة طريقها إلى الصراعات البعيدة عن المستلمين المقصودين. واحد من أكثر الأمثلة تدميرًا هو الحرب المستمرة التي تشنها ميليشيا قوات الدعم السريع ضد الشعب السوداني. الأسلحة الأمريكية، التي يُقال إن قوات الدعم السريع تستخدمها، تسببت في دمار هائل وزادت من وحشية الصراع الدائر..
في قلب هذه الأزمة يكمن دور دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي لاعب رئيسي في تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة الأمريكية. معروفة بتدخلاتها العسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، قدمت الإمارات أسلحة ودعمًا ماليًا للميليشيات مثل قوات الدعم السريع. هذا التدخل لم يفاقم العنف فحسب، بل سلط الضوء أيضًا على الثغرات الواضحة في ضوابط الأسلحة الدولية، مما سمح باستخدام الأسلحة الأمريكية بطرق تتعارض مع القيم الأمريكية والقانون الدولي.
أدى القلق المتزايد بشأن هذا الوضع إلى تساؤل العديد من المشرعين الأمريكيين حول سياسات تجارة الأسلحة الوطنية، خاصة مع حلفاء مثل الإمارات. تبرز نقاشات أوسع حول كيفية وصول الأسلحة الأمريكية الصنع، التي تم بيعها تحت قوانين صارمة، إلى أيدي ميليشيات ترتكب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
دور الإمارات في صراع السودان
الدعم العسكري الإماراتي لقوات الدعم السريع يمثل جزءًا من استراتيجيتها الأوسع لتسليح الجهات غير الحكومية في جميع أنحاء المنطقة. قوات الدعم السريع، التي اشتهرت بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، استخدمت أسلحة متقدمة، بما في ذلك الأسلحة الأمريكية الصنع، ضد المدنيين في السودان. أدى هذا التدفق للأسلحة المتطورة إلى إطالة أمد الصراع وجعل قوات الدعم السريع قوة أكثر خطورة، قادرة على ارتكاب المزيد من المجازر وجرائم الحرب. النتيجة: تدمير واسع النطاق، وتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان.
يؤكد دور الإمارات في السودان على المخاطر التي ينطوي عليها بيع الأسلحة المتقدمة للأنظمة الاستبدادية في المناطق الملتهبة. كأحد أكبر المشترين للأسلحة الأمريكية، يكشف نقل الإمارات لهذه الأسلحة إلى ميليشيات مثل قوات الدعم السريع عن العواقب الخطيرة لانتشار الأسلحة. تسبب العنف في سقوط آلاف القتلى وتشريد الملايين وتفاقم المعاناة الإنسانية.
الاحتجاج في الكونغرس: دعوة للمساءلة
الرابط المقلق بين الأسلحة الأمريكية، وتحويلها عبر الإمارات، والصراع في السودان أثار دعوات داخل الكونغرس لإعادة تقييم مبيعات الأسلحة إلى الإمارات. كانت النائبة سارة جاكوبس من أكثر المنتقدين صراحةً، حيث طالبت بوقف مبيعات الأسلحة بسبب دور الإمارات في تأجيج العنف في السودان وأماكن أخرى. يعكس موقفها حركة متزايدة داخل الكونغرس لإعادة التفكير في صادرات الأسلحة الأمريكية للامارات .
في عام 2019، قاد السيناتوران كريس ميرفي وبيرني ساندرز جهدًا من الحزبين لعرقلة مبيعات الأسلحة للإمارات بسبب تورطها في حرب اليمن. على الرغم من أن القرار تم نقضه من قبل الرئيس السابق ترامب، إلا أنه شكل نقطة تحول في النقاش حول مبيعات الأسلحة الأمريكية للامارات. في الآونة الأخيرة، في عام 2020، قدمت النائبة إلهان عمر تشريعًا لوقف مبيعات الأسلحة للإمارات، مستشهدة بتدخلاتها العسكرية في اليمن وليبيا والسودان كدليل على نمط ثابت من إساءة استخدام الأسلحة الأمريكية وانتهاكات القانون الدولي.
تسلط هذه الجهود الضوء على قلق أوسع حول الطبيعة الغامضة لسوق الأسلحة العالمي، حيث غالبًا ما تسمح القنوات القانونية وغير القانونية بوصول الأسلحة إلى أيدي من يرتكبون الفظائع. إن حالة السودان، حيث يتم استخدام الأسلحة الأمريكية الصنع من قبل قوات الدعم السريع، تؤكد على العواقب غير المقصودة لصادرات الدفاع الأمريكية والحاجة الملحة للإصلاح.
المعضلات الأخلاقية والقانونية
استخدام الأسلحة الأمريكية الصنع في السودان يثير أسئلة أخلاقية عميقة ويضع الولايات المتحدة في موقف قانوني حرج. بموجب اتفاقيات جنيف،التي تُحظر الهجمات على المدنيين بشكل صارم، إلا أن التقارير من السودان تشير إلى أن الأسلحة التي ترسلها الإمارات للدعم السريع ك قد استُخدمت في مثل هذه الهجمات، مما أدى إلى وقوع خسائر فادحة بين المدنيين ودمار واسع. هذه الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي تعرض الولايات المتحدة للانتقاد لتورطها غير المباشر في جرائم الحرب من خلال صادرات الأسلحة.
يطالب أعضاء الكونغرس، مثل جاكوبس، بأكثر من مجرد مراقبة استخدام الأسلحة. يدعون إلى إعادة تقييم شاملة لمبيعات الأسلحة للدول المشاركة في الصراعات الإقليمية، خاصة عندما توجد أدلة واضحة على انتهاكات القانون الدولي.
طريق إلى الأمام: إعادة التفكير في تجارة الأسلحة الأمريكية
مع استمرار الصراع في السودان وتزايد الأدلة على أن الأسلحة الأمريكية تساهم في العنف، أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة يجب أن تُصلح سياساتها التجارية في مجال الأسلحة. يدفع قادة الكونغرس مثل جاكوبس وميرفي وساندرز وألهان عمر من أجل زيادة الرقابة وفرض ضوابط أكثر صرامة، لا سيما فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة إلى الإمارات. لكن الإصلاح يجب أن يتجاوز مجرد وقف مبيعات الأسلحة للأطراف المشكوك فيها. يجب إجراء إعادة تقييم شاملة للأطر القانونية التي تحكم صادرات الأسلحة، بما في ذلك مراقبة الاستخدام النهائي بشكل صارم وتعزيز التعاون الدولي لمنع تحويل الأسلحة غير المشروع إلى مناطق الصراع.
وقف تحويل الأسلحة إلى الإمارات سيكون خطوة أولى مهمة في منع المزيد من إراقة الدماء في السودان واستعادة المكانة الأخلاقية لأمريكا على الساحة العالمية. بدون هذه الإصلاحات، ستستمر الأسلحة الأمريكية في تغذية الصراعات، مما يشوه مصداقية البلاد ويساهم في الأزمات الإنسانية في الخارج.
فقط من خلال هذه الإصلاحات يمكن للولايات المتحدة كسر دورة العنف وضمان أن تُستخدم أسلحتها للدفاع المشروع، وليس لتغذية الدمار.