تقارير

مدرعات كندية تكشف تورط شركات غربية في تسليح قوات الدعم السريع بالسودان

الخرطوم – 9 سبتمبر 2025
أعادت صور ومقاطع فيديو حديثة من السودان الجدل حول دور الشركات الغربية في تغذية النزاعات الإفريقية، بعد أن أظهرت قوات الدعم السريع وهي تستخدم مركبات مدرعة كندية الصنع خلال حصار مدينة الفاشر. الخبراء أكدوا أن المركبات من طراز Spartan، من إنتاج شركة ستريت غروب (Streit Group) المملوكة لرجل الأعمال الكندي غيرمان غوتوروف، والتي تدير مصنعًا رئيسيًا في الإمارات.
القضية سلطت الضوء على ثغرات خطيرة في منظومة الرقابة على تجارة السلاح، حيث باتت دول مثل الإمارات منصة عبور لمنتجات شركات غربية، بعيدًا عن أعين الحكومات التي يفترض أنها ملزمة باتفاقيات دولية مثل معاهدة تجارة الأسلحة.
ولم تكن كندا وحدها في دائرة الاتهام. تقارير للأمم المتحدة ومنظمات رقابية وثّقت خلال السنوات الماضية وجود معدات عسكرية أوروبية في مناطق النزاع:
•فرنسا: رُصدت عربات مدرعة من طراز Renault Sherpa وACMAT في ليبيا والساحل الإفريقي، رغم القيود على تصديرها، مع الاشتباه في انتقال بعضها عبر وسطاء إماراتيين.
•ألمانيا: قطع غيار لأنظمة اتصالات ورؤية ليلية من شركات ألمانية وجدت طريقها إلى السودان وليبيا عبر شبكات تهريب.
•المملكة المتحدة: تقارير برلمانية بريطانية أشارت إلى ثغرات سمحت بتسويق معدات “مزدوجة الاستخدام” وصلت إلى أطراف منخرطة في نزاعات إفريقية.
•روسيا البيضاء (بيلاروسيا): استخدمت مدرعات “ستريت” المزودة بخراطيم مياه لقمع المظاهرات هناك عام 2020، ما يبرز الطابع العابر للحدود لهذه الصفقات.
الولايات المتحدة نفسها عاقبت “ستريت غروب” عام 2015 بعد بيع مركبات مدرعة معدلة إلى دول بينها فنزويلا ونيجيريا والعراق دون تراخيص. وفي 2016 خلص تقرير لجنة خبراء أممية إلى أن صادراتها إلى السودان تمثل انتهاكًا مباشرًا لحظر السلاح.
المعضلة، وفق الباحث الكندي كيلسي غالاغر من Project Ploughshares، هي “التسوق القضائي”، حيث تؤسس الشركات الغربية مصانعها في دول ذات قوانين أقل صرامة مثل الإمارات، لتواصل الإنتاج والتصدير من دون الخضوع للرقابة الكاملة.
منظمات حقوقية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ترى أن هذه الشبكات التجارية تجعل من المليشيات في السودان جزءًا من “اقتصاد حرب عالمي”، يرتبط فيه المال الخليجي بالصناعة الغربية لتغذية النزاع، فيما يدفع المدنيون الثمن الأكبر في شكل مجاعة وإبادة جماعية.
وبينما تنفي الحكومات الغربية رسميًا أي علاقة مباشرة بتسليح المليشيات، تتصاعد الضغوط داخل كندا والاتحاد الأوروبي لفرض رقابة أشد على شركاتها، مع التركيز بشكل متزايد على الإمارات باعتبارها منصة عبور رئيسية لهذه الصفقات. ويرى محللون أن استمرار تدفق السلاح عبر أبوظبي قد يدفع العواصم الغربية إلى بحث عقوبات جديدة تستهدف شبكات التوريد الإماراتية، في محاولة لسد واحدة من أخطر الثغرات التي تطيل أمد الحرب في السودان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى