كشفت صور ومقاطع فيديو حديثة من ساحات القتال في السودان عن استخدام قوات الدعم السريع لمركبات مدرعة تنتجها شركة يملكها رجل أعمال كندي، ما أثار جدلاً واسعًا حول خرق حظر السلاح المفروض على البلاد والتواطؤ غير المباشر في الفظائع المرتكبة بحق المدنيين.
وأظهرت اللقطات مقاتلين من الدعم السريع على متن مركبات مدرعة من طراز Spartan خلال حصار مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، والذي دخل عامه الثاني وتسبب في مجاعة وآلاف الوفيات جراء القصف ونقص الغذاء والدواء. وأكد خبراء مستقلون أن هذه المدرعات من إنتاج شركة ستريت غروب (Streit Group)، التي أسسها الكندي غيرمان غوتوروف وتدير مصنعها الرئيس في دولة الإمارات العربية المتحدة، المتهمة بأنها أكبر مزود سلاح للمليشيا.
وتعود الشركة إلى عام 1992، وتعد من أضخم المصنعين عالميًا بقدرة إنتاجية تصل إلى 500 مركبة شهريًا. غير أن سجلها مثير للجدل؛ إذ سبق أن وثقت تقارير أممية وصحفية بيعها مركبات إلى السودان وليبيا وجنوب السودان رغم قرارات الحظر الدولية. وفي 2016 خلصت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة إلى أن صادراتها إلى السودان مثلت انتهاكًا مباشرًا لحظر السلاح الأممي.
الجدل تصاعد بعد أن أكدت منظمة العفو الدولية العام الماضي أن الجيش السوداني استولى على مركبات مدرعة من طرازات أخرى للشركة كانت بحوزة الدعم السريع. فيما شددت وزارة الخارجية الكندية على أنها لم تصدر منذ 2019 أي تراخيص لتصدير أو سمسرة معدات عسكرية إلى السودان، مؤكدة التزام أوتاوا بالحظر الأممي والعقوبات الخاصة على الخرطوم.
لكن خبراء مثل كيلسي غالاغر من منظمة Project Ploughshares أشاروا إلى أن نقل المدرعات من مصنع الشركة في الإمارات يعكس ظاهرة “التسوق القضائي” لشركات السلاح، حيث تنقل عملياتها إلى الخارج لتفادي الرقابة الوطنية. وأضاف أن تركيب الأسلحة الثقيلة على هذه المركبات، كما ظهر في مقاطع الفيديو، ينفي أي ادعاء بأنها مجرد معدات “دفاعية”.
وتتهم منظمات حقوقية، إلى جانب الولايات المتحدة، قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في دارفور منذ 2023، بما يشمل القتل الجماعي على أسس إثنية والاغتصاب الممنهج للنساء والفتيات.
القضية تعيد تسليط الضوء على مسؤولية الشركات العابرة للحدود في تأجيج النزاعات، وعلى ضرورة تشديد الرقابة الدولية على تجارة السلاح، في وقت يعاني فيه السودان من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم
