محفظة لاستيراد السلع.. تدخلات لكبح جماح الدولار
تقرير – رحاب عبدالله
بعد أن ارتفعت أسعار السلع خلال الأسبوعين الماضيين ارتفاعاً قياسياً بسبب ارتفاع سعر الدولار لأرقام فلكية لامست ال 3 آلاف جنيه، فضلاً عن زيادة أسعار الوقود بصورة غير مسبوقة في كل ولايات السودان، الأمر الذي جعل كل مواقع التواصل الاجتماعي تضج بشكاوى المواطنين من ارتفاع كلفة المعيشة لتضاف لتكاليف الحرب التي ضاعفت من معاناة المواطنين، أعلن بنك السودان المركزي عن إنشاء محفظة برأسمال مليار دولار لاستيراد السلع الاستراتيجية بغرض السيطرة على سعر العملة الوطنية.
خطوة إيجابية
واستحسن خبراء مصرفيون واقتصاديون إطلاق البنك المركزي محفظة لاستيراد السلع الاستراتيجية بالشراكة مع بنك الخرطوم، واعتبروها خطوة إيجابية تساهم في تحسين سعر صرف العملة الوطنية.
وقال الخبير الاقتصادي د.هيثم فتحي في حديثه ل(الأحداث) إن الخطوة التي قام بها بنك السودان بتكوين المحفظة خطوة ممتازة وفي الاتجاه الصحيح وتصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وتؤكد دور البنك المركزي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وأن الاقتصاد السوداني قادر على مواجهة ظروف الحرب وإفرازاتها على الاقتصاد السوداني لكنه شدد على ضرورة أن يتبع ذلك قرارات أخرى لأن المحفظة وحدها لن تكون الحل الناجع لتدهور سعر الصرف ما لم ترافقها سياسات وإجراءات تدعم أهداف إنشاء وتكوين المحفظة، على أن يتم طرح عطاءات مفتوحة لكل الشركات لاستيراد السلع والخدمات الاستراتيجية على أن تكون المنافسة شفافة ومحكومة من خلال بند السعر وتوقيت التوريد ونوعية السلع، مع ضبط الاستيراد عبر المنافذ الجمركية الذي أغرق البلاد بسلع هامشية ليست ذات جودة وهي ممولة بموارد السوق الأسود.
ونبه لأهمية أن لا تعفي التجار المصدرين الذين تشملهم من شركات ورجال أعمال من توريد حصائل صادراتهم لخزينة بنك السودان المركزي أو البنوك التجارية المحلية وكل ضوابط البنك المركزي الخاصة والمعلنة بشأن التعامل مع حصائل الصادرات، وبدلاً عن ذلك تسمح لهم بإيداعها لدى البنوك الخارجية (المراسلين) لتغطية الإلتزامات العرضية أو الآجلة الناشئة عن الاعتمادات المستندية الآجلة التي أصدرتها بنوك المحفظة المؤهلة.
وحذر فتحي من عدم استغلال موارد المحفظة بالصورة المُثلى لأنه ينجم عنه اختلال كبير في التدفقات النقدية وبالتالي يؤدي ذلك إلى الفشل في سداد التزامات الاستيراد، وشدد على ضرورة أن يكون للمحفظة دور إيجابي في دعم التنافس الحر وليس الاحتكار، لأن احتكار الصادر والوارد سيكون له آثار سالبة بخلق الندرة.
في السياق أكد مدير بنك الثروة الحيوانية السابق أحمد بابكر حمور أن المحفظة مجهود مقدر سيكون له أثره الإيجابي على سعر الصرف وتوفير السلع الأساسية، وتوقع حمور أن يستفيد بنك الخرطوم من تجربة بنك البركة في إدارة محفظة مماثلة سابقة، مبيناً خلال مداخلته في قروب “المنتدى الاقتصادي” على تطبيق واتس آب الذي يضم مسؤولين وخبراء، أن للمحفظة فوائد كثيرة حسب الأهداف المعلنة.
مهمة بنك الخرطوم
وقالت مدير عام بنك الخرطوم المكلفة ليمياء ساتي إنه تم إنشاء محفظة مشتركة مع بنك السودان المركزي لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية برأسمال مليار دولار دفعة أولى تم إيداعها بحسابات البنك، وذلك بمبادرة من محافظ بنك السودان المركزي برعي الصديق، دعماً لاستقرار سعر الصرف وتوفير السلع الاستراتيجية، وانطلاقاً من الدور الوطني لبنك الخرطوم، مضيفة أن بنك الخرطوم هو البنك الرائد المسؤول عن إدارة المحفظة تحت إشراف البنك المركزي.
كيفية عمل المحفظة
وأضافت ليمياء أن المحفظة تدار كذمة مالية منفصلة وبآلية مبنية على الشفافية المطلقة وبتنسيق كامل مع الوزارات والمؤسسات والجهات الأخرى ذات الصلة، وسيقتصر استيراد المشتقات البترولية بكل أنواعها حصرياً على المحفظة حيث ستقوم وزارة الطاقة بطرح عطاءات لتوريد مواد بترولية ومخاطبة المحفظة لتكملة الإجراءات المصرفية لصالح الجهة التي يرسو عليها العطاء.
وستقوم المحفظة بشراء الذهب من السوق المفتوحة وتصديره لتوفير موارد نقد أجنبي لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية وتستخدم مواردها فقط لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية التي تم من أجلها إنشاؤها وتكون جميع أعمالها عن طريق العطاءات التي تفتح فورياً بحضور الجميع،
وتخضع جميع معاملاتها للمراجعة القانونية ومراقبة بنك السودان المركزي، وتعمل باستمرار على تطوير أنظمتها وسد الثغرات من خلال الممارسة، وأهابت بجميع المختصين وأصحاب الخبرة والمعرفة بتقديم النصح والرأي السديد لتطوير العمل وذلك كتابة إلى محفظة السلع الاستراتيجية ببنك الخرطوم.
مساهمة البنوك الأخرى
وعكساً للفهم السائد بأن المحفظة حصرياً على بنك الخرطوم أكد أحمد بابكر حمور أنها مفتوحة لكل البنوك للمساهمة وليس حكراً على بنك الخرطوم، مبيناً أن البنك المركزي يساهم ب25% من رأسمال المحفظة و75% بنك الخرطوم والبنوك الأخرى.
فيما قال الخبير المصرفي ببنك السودان نجم الدين إبراهيم إنه يمكن الاتفاق على توزيع عمليات المحفظة بين البنوك المساهمة.
ما يطلبه المواطن
وتساءل البعض هل ستؤدي المحفظة إلى توفر السلع الأساسية للمواطنين وبأسعار معقولة؟.
وأكد الخبير الاقتصادي أيمن أحمد أنه نظرياً سيستقر سعر الصرف وبالتالي ستصبح الأسعار مستقرة.
لكن البعض رأى أن هذه الخطوة غير كافية لوقف تدهور سعر الصرف ولابد من إجراءات أخرى تتبعها.
محفظة دولارية
وفي إفادات واضحة من محافظ البنك المركزي برعي الصديق أوضح أن المساهمة في المحفظة المعلنة بالدولار وليس الجنيه السوداني، مؤكداً أن نصيب البنك المركزي فقط 25% والباقي من بنك الخرطوم وهذا يعني أن بنك الخرطوم يقوم بتمويل استيراد السلع الأساسية من موارده الذاتية بمبلغ 750 مليون دولار، ويمكن القول إن العائد من بيع هذه السلع المستوردة وهو بالجنيه السوداني يتم استخدامه لتمويل شراء سلع الصادر مضيفاً أنه يتم استخدام العائد من حصائل الصادر في تمويل استيراد السلع الأساسية.
وأكد برعي أن الجديد في هذه المحفظة أن المساهمات بالنقد الأجنبي وليس بالجنيه السوداني وهذا يحدث لأول مرة إذ تقوم المحافظ التمويلية في الماضي على المساهمات بالجنيه، لهذا السبب، وتوقع نجاحاً كبيراً لهذه المحفظة وبالتالي تحقيق الأهداف المعلنة من قيام المحفظة.