مجزرة أم درمان.. المليشيا تواصل حصاد أرواح المدنيين
تقرير – أمير عبدالماجد
عادت مليشيا الدعم السريع مرة أخرى إلى أم درمان واستهدفتها بالدانات من مدينة بحري وهو فعل استمر منذ بداية الحرب وحتى الآن، يختفي حيناً ويقل حيناً لكنه يعود في النهاية ليروع السكان المدنيين ويقتلهم ويدمر منازلهم ويهجرهم.. تنتشر أخبار عن تدمير الطيران الحربي للمدفع الذي استهدف كرري ثم ما يلبث أن يعود المدفع ليضرب ويقتل ويهدم.
تناثر شظايا
لأكثر من عام ظلت بحري هي المنطقة الأكثر تهديداً لمحلية كرري، ذلك أن معظم إن لم نقل كل الدانات التي تصل كرري قادمة من بحري التي ظلت قوات المليشيا تتحرك فيها بحرية وتنصب مدافعها لتضرب المدنيين.. يوم الخميس وبعد ساعات من مجزرة قرية ودالنورة بالجزيرة ارتكبت المليشيا مجزرة أخرى في أم درمان عندما أرسلت أكثر من (15) دانة إلى منطقة محدودة وخلال دقائق محدودة مايعني أنها استهدفت بالضرورة قتل كل من تواجد في تلك المنطقة لأن الشظايا التي تتناثر بعد سقوط الدانة تنتشر في محيط المكان وتقتل كل من يتواجد بالمكان.. سقطت الدانات في أحياء الواحة والسرحة وبالقرب من مركز صحي الرحمة بالحارة 18 وبشارع الوادي مخلفة ورائها قتلى فاق عددهم الـ(40) قتيلاً ووصل عدد المصابين إلى عشرات نقلوا على وجه السرعة إلى مستشفى النو بالحارة الثامنة وهو المستشفى الرئيسي بام درمان، إذ لايوجد مستشفي الآن يقدم خدمات صحية ويواجه الضغط الذي يواجهه مستشفى النو بعد ماحدث للمستشفيات الأخرى والمستوصفات التي دمرت بالكامل.
كسر عزيمة
ماذا تريد المليشيا من قصف المدنيين ..؟؟ وماذا سيحقق لها قتل أهل قرية ود النورة أو سكان ام درمان في معركتها الحالية؟، إذا علمنا أن القصف وقع في كليهما على مناطق مدنية لا وجود لقاعدة جيش أو حتى تواجد جيش فيها فهل المقصود هنا الضغط علي الجيش عبر قتل المدنيين حتى يذهب للحوار في جدة؟ أم المقصود كسر عزيمة الناس ودفعهم الى مغادرة المكان؟ أم هي محاولة لتحقيق نصر معنوي عبر نشر أشلاء جثث المدنيين السودانيين؟، أسئلة كثيرة تدور هنا وهناك بعد ماحدث من مجازر للدعم السريع خلال ساعات محدودة فبعد مجزرة ودالنورة في الجزيرة بعدها مباشرة استهدفت المليشيا أحياء ام درمان وأمطرتها بالدانات.. قتلت هنا وهناك ووزعت الأشلاء هنا وهناك وبالأسلوب نفسه، عموماً ام درمان شهدت أمس الأول ليلاً حركة واسعة للطيران الحربي التابع للجيش فوق سماء مدينة بحري وقصف أهدافاً فيها وفي مدينة توتي التي تتمركز فيها قوات تابعة للمليشيا وتستخدمها كمنصة لقصف بعض مناطق ام درمان، كما شهدت مناطق غرب ام درمان وتحديداً أم بدة معارك ضارية سمعت أصواتها في أحياء الثورات التي انقطع عنها الإمداد الكهربائي قبل أن يعود في وقت لاحق بالليلة نفسها.
سقوط دانات
يقول علي العبيد وهو سائق ركشة كان في محيط سقوط الدانات (إعتدنا عندما تسقط دانة أن تتلوها أخرى في غضون ثوان معدودة إلى دقيقة وتسقط في نفس المكان لكن هذه المرة كانت الدانات كثيفة ومتفرقة بحيث أوقعت قتلي كثر لا زلنا لا نعرف عددهم بالتحديد لان مساحة انتشار الشظايا واسعة)، واضاف (كنت في الشارع عندما سقطت الدانات إلى جوارنا وقتلت أشخاصاً كثر لا أعرف حتى الآن كيف رفعنا الأجساد والأشلاء.. كان مشهداً قاسياً وأنت ترفع أشلاء أطفال ونساء لا علاقة لهم لا بالسياسة ولا بالخلافات العسكرية)، وتابع (كانت لحظات صعبة لكن الناس تقاطروا على المكان ونقلوا الجثامين والجرحى ولا أعلم حتى الآن كيف نجوت ولم تقتلني شظية رغم أنها انتشرت في المكان).
حمام دم
الجثث والجرحى نقلوا إلى مستشفي النو الذي يتوسط الحارة الثامنة بالثورات وهناك كان المشهد لونه أحمر إذ يتم نقل المصابين بالأيادي الى الداخل من بكاسي ورقشات وحافلات نقلوا بها إلى المستشفي الذي اكتسى باللون الأحمر .. ما الهدف من حمام الدم هذا وقتل الناس بهذه الطريقة؟.
يقول اللواء معاش محمد المعتصم الخبير العسكري إن قصف المدنيين وقتلهم وترويعهم ليس فعلاً استثنائياً لدى مليشيا الدعم السريع بل هو من صميم عقيدتها القتالية فقد ارتكبت مجازر في كل مكان تواجدت فيه لذا لا أجد قتلها لأهلنا في قرية ود النورة أو في أم درمان منفصلاً عن عقيدتها القتالية، وأضاف (استراتيجياً لن يحقق لها قصف المدنيين انتصار بل هو في النهاية فعل مدان لا أثر له فعلياً على المعارك التي يحقق فيها أي طرف الانتصار عندما يهزم الطرف الآخر وليس بضرب مدنيين أو تهجيرهم أو نهبهم الجيوش لا تفعل مثل هذه الأمور)، وتابع (الدعم السريع خلال هذه الحرب كشف عن عقيدته القتالية المؤسسة على القتل والترويع والنهب والسرقة هذه هي انتصاراتهم)، وقال (لو أرادوا من هذه الأفعال كسر إرادة الناس ودفعهم إلى طاولة مفاوضات يعود بعدها الدعم السريع للمشهد فهذا لن يحدث).
آلة قتل
وكان القائد العام للقوات المسلحة قد وصل الى مدينة كوستي التي أكد فيها انهم لن يفاوضوا الجناح السياسي للدعم السريع ويقصد تنسيقية تقدم وأن هؤلاء لن يحكموا السودان في رد مباشر على ما يفهم أنها رسالة الدعم السريع من خلال قصف المدنيين وفهم الحكومة لها يقول الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي (ما صرح به البرهان برأيي رد على مليشيا الدعم السريع وحاضنتها السياسية بأن قتل المواطنين لن يجعل الجيش يقبل بالذهاب إلى مفاوضات جدة، يبدو لي أن الإمعان في القتل هدفه إجبار الجيش على القبول بمفاوضات جدة لذا كان الرد بأننا لن نذهب)، وتابع (يجب أن نشهد الآن على الأرض تغيرات تشي بأن الأمور ذاهبة إلى الحسم لنتلافى ارتكاب المليشيا للمزيد من المجازر لأن الواضح الآن أن هذه المليشيا إما باتت خارج السيطرة بمعنى أنها عصابات غير مسيطر عليها بقرار مركزي أو مصابة بلوثة تجعلها تعتقد انها تفكر بصورة صحيحة وانها قادرة عبر آلة القتل على كسر عزيمة السودانيين وإجبارهم على القبول بها مرة أخرى في المشهد).