رأي

متى ينجلي ضباب الخلافات وضجيجها. 2/3

د. إبراهيم الأمين

ثم ماذا بعد 9 يناير 2011م؟

سؤال على درجة عالية من الأهمية، من واجب الجميع في السودان وفي دول الجوار وفي بقية دول القارة التفكير بعمق في ما حدث في ذلك اليوم الحزين 9 يناير 2011، تاريخ إعلان انفصال جنوب السودان عن الدولة الأم. فالحديث عن المخاطر المترتبة على الانفصال لم ينتبه لها الناس إلا في الشهور الأخيرة، علماً بأن للانفصال آثارًا مدمرة على جنوب السودان وشماله وعلى القارة كلها.

البعد الإقليمي للانفصال يتمثل في أن معظم دول إفريقيا تواجه نفس التحديات، وانفصال جنوب السودان سابقة سوف تتكرر في دول أخرى، لذلك عندما نتحدث عن التغيير فإننا نعتبر أن التغيير هو نتيجة لعمل الإنسان وآماله وتطلعاته، ومن هذه الشطحات حل العقدة بقطعها بحد السيف بدلاً من محاولة ابتكار حلول مقنعة ومقبولة للجميع، حلول تحقق العدالة والمساواة وتحافظ على وحدة التراب الوطني، وذلك هو الأسلوب الأمثل والأفضل لإحداث التغيير في إطار الوطن ولمصلحة كل مواطنيه.

أهمية هذا التوجه في أن له آثارًا إيجابية لدول الجوار، خاصة ونحن نعيش في عصر تداخلت فيه القضايا المحلية والإقليمية والدولية، عصر أصبح التدخل في الشأن الداخلي للدول أمراً مشروعاً دولياً، بل مرغوباً فيه ومسنوداً بدول كبرى في غياب تام للأمم المتحدة ومؤسساتها.

في منطقة حوض النيل كمثال توجد نزاعات داخلية وحروب بينية، وتجزئة هذه القضايا ومحاولة علاجها بالقطاعي لا يجدي. لذلك لابد من توفر بيئة إقليمية مستقرة ومتعاونة وقيادات مسؤولة وأمينة وقادرة على استيعاب ومعالجة كل القضايا بعيداً عن تدخلات الدول الكبرى، وعلى وضع استراتيجية بعيدة المدى لتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول المنطقة.

أما دول حوض النيل ففي إطار فدرالية حوض النيل التي نأمل قيامها في القريب العاجل، فالمخاطر التي تهدد مستقبل دول حوض النيل كثيرة ومتنوعة وتحتاج إلى توجه راشد وعمل متواصل يمكن دول المنطقة من مخاطبة تطلعات شعوبها، ومن تنمية محيطها الحيوي تنمية مستدامة محورها الإنسان، والإنسان في إفريقيا عموماً لم يجد الاهتمام من كل الحكومات الوطنية في القارة.

لقد درج برنامج الأمم المتحدة للتنمية منذ عام 1990م على إصدار تقرير سنوي عن تنمية الإنسان، اعتمد فيه على عدد من المعايير التي تستخدم لقياس حال الناس في العالم. تشير هذه المعايير إلى قدرة الفرد على الإسهام الإيجابي والمشاركة الفاعلة في أمور مجتمعه، ومن أهم هذه المعايير مستوى التعليم. هنا نتبين وجهتي العملية التعليمية وهما:
تعليم الفرد وتعليم المجتمع.

لذلك استعداداً للمرحلة الجديدة بقيادات جديدة ومؤهلة يمكن الاعتماد عليها في القيام بتطوير وتنمية المنطقة تنمية مستدامة، بكل ما تحمل من التزامات أخلاقية تجاه المستقبل.

تنمية الريف والاهتمام بمواطنيه عامل مهم لوقف النزوح المستمر نحو المدن والتصدي للهجمة البشرية على الأراضي من دول تريد أن تستغلها خدمة لمصالحها، ولتوفير الغذاء لشعوبها والوقود الحيوي البديل للبترول، ولا يهمها إن تم ذلك بحرمان المواطنين من خيراتها.

المطلوب بالنسبة لنا في حوض النيل هو مخاطبة كل القضايا التي تعاني منها شعوب الحوض والدخول في إطار تجمع إقليمي فدرالي.

مركز 6 أبريل للدراسات الاستراتيجية والثقافية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى