متى ينجلي ضباب الخلافات وضجيجها؟ (1- 3)

د. إبراهيم الأمين
الاختلاف حول القضايا العامة في أي بلد في العالم مشروع، بل ومطلوب، خاصة في البلاد التي توجد بها مجتمعات مركّبة، والسودان أهم ما يميّزه التعدد الإثني والثقافي والديني.
ولكن للاختلاف حدوداً وآداباً يفترض التزام الجميع بها، أما الصراعات غير المبررة والخلط بين الخاص والعام، والاختفاء وراء أنصاف الحقائق، والجنوح نحو تنزيه الذات وتجريم الآخر بهدف البقاء في السلطة بأي ثمن، أو الوصول إليها بأي وسيلة، فهو شيء آخر غير مقبول وغير مبرر أخلاقياً ودينياً، ولا علاقة له بالتعددية ولا الديمقراطية، وإن تسمّى باسمها لتكون مجرد لافتة تخفي خلفها أهدافاً مسكوتاً عنها كالانفراد بالسلطة ونفي الآخر.
وعندما يكثر الجدل حولها — كما هو الحال اليوم في بلادنا المنكوبة — تختلط الألوان وتتداخل الأصوات، ويؤدي هذا، وفقاً لما هو معلوم للكافة، إلى تزايد كثافة الضباب والضجيج، فتنعدم الرؤية وتسود الاجتهادات الفردية والانعزالية، وإن اختلفت الأسباب والمبررات، المهم في النهاية يصبح من الصعب تحديد معالم القضايا الكبرى، وتضيق مع الزمن فرص الوصول إلى حلول وفاقية هدفها الأوحد مصلحة الوطن ومخاطبة قضايا المواطن الأساسية.
ما يحدث اليوم في بلادنا في سوق السياسة ممارسات عقيمة ومتخلفة لغياب الصدق فيما يُقال.
فهو مختلف شكلاً وموضوعاً عمّا يُمارَس كل يوم دون خجل ودون مراعاة بأن للناس عقولاً، وفي زمن السماوات المفتوحة وإعلام الصورة أصبحت المعلومة متاحة لكل الناس بصورة يصعب معها التمييز بين من يرى أنه سياسي من الطراز الأول وبين المواطن العادي في الريف أو في أطراف المدن من حيث الوصول إلى المعلومة.
ممارسة السياسة بهذا الأسلوب المختلف تعني أننا على حافة الهاوية.



