ما في قبيلة بتغلب دولة 1-3  تنمر ما بعد الحرب: هلك عني سلطانية

 

د. كرار التهامي

خروج القبائل أو الحركات المسلحة على الدولة المركزية ليس حكرا على السودان بل هي ظاهرة عالم-ثالثية و إفريقية في المقام الاول ولقد نال السودان كغيره نصيباً وافراً من هذا الصراع بسبب شروخ الهوية وهشاشة الدولة في مرحلتها التأسيسية المضطربة و في معظم الاحوال لم تجنِ القبيلة ولا الحركات المتمردة على الدولة في السودان او البلاد الإفريقية الاخرى غير الحصرم و الخراب ونقص الأنفس والثمرات مقابل بعض الامتيازات الشخصية والمؤسسية الضئيلة.

دفع الوطن أثمانا غالية بسبب حروب بلا مقدمات وبلا نتائج جعلت الموارد تشح والنسيج الاجتماعي ينفتق ومعدلات النمو تتراجع و على هذا الشعب المكلوم ان يعي الدرس وأن يتعلم من الدم وجراحات التاريخ و ان ينتبه لهواجس ما بعد الحرب حيث ستواجه الدولة تنمر من نوع جديد ويدعي كل حامل بندقية انه صاحب الجُعل الأكبر في مدافعات الجهاد والانتصار وتنبرئ كل قبيلة متغطرسة و تكشر عن انيابها وتطالب بحصتها وتوزير اولادها وستتعرض الدولة لحالات من الابتزاز والوعيد والجهر بالصوت

إذا انحنت الدولة و خضعت للابتزاز ومارست الإرضاءات ستصطدم سفينتها بالصخرة وهي في ثُبات ولولا ان صمدت و سعى المجتمع لتفادي هذه الحالة او لجمها ستكون العقابيل اسوأ من الحرب فعلى الذي يريد تطوير نفسه او قبيلته او يفرض رويته الفكرية ان ان يتخذ المسارات الديمقراطية و الأساليب الحضارية في التعبير عن ذلك إذا كانت منافسة سياسية او علاقات عامة او دفع ثقافي و إعلامي لكن من يريد لوي ذراع الدولة فليعتبر بتجربة الدعم السريع ومافيها من عبر حيث عجز ثالوث القبيلة و المال والعمالة عن إسقاط الدولة وسقط هو من اعلى سلطانه هشيما تذروه الرياح وكانّه يقرأ من الكتاب المقدس “ما أغنى عني مالية هلك عني سلطانية”.

بحكي أحد الولاة السابقين وهو رجل عدول وله مكانةوجلال بين قومه واهله حكى عن قبيلة كانت ذات حول وطول ومنعة ومكنة و غطرفة و اشتهرت بالثراء وحيازة المال والسلاح وذكر الوالي السلطان ان أحوال تلك القبيلة تدهورت و وأصابها نقص في الأنفس والثمرات بسبب الحروب التي افتعلتها مع الدولة وبقدر ما أصابت البلاد والعباد من خسران وضرر لكنهم كانوا الاخسرين.

في افريقيا مثلا قبائل لها شوكة ونفوذ و وزن اجتماعي كقبيلة (الإيغبو )قادت تمردا على الدولة المركزية في نيجريا بحجة التهميش و ظلم المركز واستمر الصراع لثلاث أعوام أدت الحرب الى مقتل ثلاثة مليون من المدنيين والعسكريين و دخلت القدم الغريبة كالعادة في الصراع و وقفت فرنسا واسرائيل مع قبيلة (الإيغبو )الانفصالية ودائما فرنسا واسرائيل في الموقف الضرار في معادلة التاريخ ،،،نجحت الحكومة المركزية في كسر شوكة واحدة من اكبر القبائل في افريقيا و تسبب الحصار الذي فرضه الجيش الوطني عليها في مجاعة لسكان الإقليم و ظهرت صور الأطفال الناحلة الهزيلة التي هزت الضمير العالمي وقتها.

وفي رواندا كانت قبيلة (الهوتو) هي القبيلة الغالبة عددا وعتادا ، حازت السلطة بسبب قوتها القاهرة وكتلتها السكانية التي تصل إلى اكثر من ٨٥٪؜ من السكان في رواندا وبورندي وبعض منطقة البحيرات ولكنها تمردت على الدولة وعبرت عن تمردها بارتكاب اكبر إبادة جماعية في أفريقيا وذلك ضد أقلية (التوتسي) بسبب حادث الطائرة الذي راح ضحيته الرئيسان البورندي والرواندي والاثنان ينتميان لقبيلة الهوتو واندلعت معركةً النفس الطويل بين القبيلة والدولة استعادت فيها الدولة المركزية المبادرة و استأصلت شأفة التمرد و اصبحت القبيلة العملاقة قزم صغير بين الفاعلين واصبحت القبلية من المحرمات في رواندا

في الحزائر و بعد استقلالها، تمرد الطوارق في الجنوب مطالبين بحكم ذاتي ،استخدمت الحكومة الجزائرية الجيش لسحق التمرد بالقوة، وأجبرت زعماء الطوارق على الاستسلام أو الفرار إلى الدول المجاورة والى يومنا لم يرتفع منهم صوت

في باكستان سعت قبائل البلوش إلى الاستقلال عن باكستان، وشنت عدة تمردات ضد الحكومة استخدمت الحكومة الباكستانية عمليات عسكرية واسعة، واغتالت قادة التمرد مما أدى إلى سحق التمرد في السبعينيات. ومع ذلك، استمرت بعض الجماعات المسلحة، لكن تم تهميشها بشكل كبير.

معظم الحركات في أفريقيا تقوم على عصبية قبلية ودعاوي تهميش ومعظم الحركات في امريكا اللاتينية تقوم على اطروحات سياسية فكرية و في اسيا على خلافات عقائدية دينية وفي اوروبا على انقسامات تاريخيّة وجغرافية لكن في معظم الاحوال هنالك طموحات شخصية تختفي وراء هذه العناوين

بدأت معاناة السودان مع الحروب الجهوية قبل الاستقلال في بداية الخمسينات ولقد سمع السودانيون في تلك الحقبة عن حركات التمرد في طورها الهيولي أمثال حركة سوني واللهيب الأحمر التي تطالب بحقوق المناطق المهمشة ثم تفاقمت المشاكل والحروب من وقتها بدات الحركات في الاستنساخ و التناسل إلى ان أدركنا تمازج الاولى والثانيةو الثالثة في الطريق إلى العاشرة ولات حين مندم

نواصل

Exit mobile version