رأي

ماذا عن دقلو .. بل ماذا عن خالد نفسه؟!

كتب إبراهيم عثمان

تكررت سخرية خالد عمر يوسف من الجيش وداعميه، لأنهم، كما يقول، (كانوا يعتبرون كيكل متمرد وخائن لكنهم الآن يتعاملون معه وكأنه بطل).. وفي الحقيقة تغيير الحكم بتغيير السلوك هو استجابة طبيعية.. والحكم على الاستجابة يجب أن يكون على اتساقها، بحيث تكون إيجابية إذا كان تغيير السلوك إيجابياً. وتكون سلبية إذا كان تغييره سلبياً.

١. السؤال الذي يطرح نفسه على خالد عمر: ماذا عن دقلو؟ ماذا عن ميليشياته التي غيرت حكمها على كيكل من بطل إلى خائن؟ لماذا يتجنب تماماً السخرية من هذا التبدل في الحكم رغم توفر العوامل التي تدعوه إلى ذلك. منها كثرة خوضه في موضوع تبدل الأحكام، واعترافه بأن كيكل كان في قلب الإجرام عندما كان مع الميليشيا، ومخالفة حكم الميليشيا للاتساق بالكلية حتى بمعياره هو؟

٢. بل ماذا عن خالد عمر نفسه؟ ألا يغير أحكامه على الآخرين مع تغير  سلوكهم؟ ألم يغير موقفه من كيكل عندما انشق من الميليشيا؟ ألم يمتنع قبل انشقاقه تماماً من ذكر اسمه، وعن تخصيصه بانتقاد، ولو لمرة واحدة، ولو في شكل عتاب؟ ألم يبدأ هجومه العنيف المباشر عليه بعد انشقاقه؟

٣. إذن هو نفسه يسلم ــ عملياً ــ بأن كيكل (كان) في موقف يستحق الانتقاد، والفرق بينه وبين الآخرين هو (فرق توقيت). لأنه أصبح ينتقده (الآن) بالاسم بما (كانوا) ينتقدونه به في وقته. فلا فارق جوهري ــ الآن ــ بين خالد والجيش وداعميه في الحكم على (ماضي كيكل) على أنه ماض سيئ.

٤. الفرق المتبقي بينه والآخرين هو فقط الحكم على انشقاق كيكل. فهم يحكمون عليه بأنه تحول إيجابي، وهو لا يحكم عليه كذلك، بل يجعله مناسبة (لبدء) الهجوم العنيف المباشر عليه!

٥. قياساً إلى مواقف خالد عمر منذ بداية التمرد وحتى الآن، فالمؤكد أن (عدم انشقاق) كيكل واستمراره مع الميليشيا كان سيعصمه من هجوم خالد عمر عليه بالاسم، اللهم إلا إن كان سيفكر لاحقاً في استثنائه من بقية قيادات الميليشيا الذين لا يخصهم أبداً بانتقاد!

نستنتج من هذا:

١. وقف الجيش في الترحيب بمنشق عن خصمه هو موقف مفهوم في منطق الصراعات، وقد كان له أثر إيجابي في هزيمة الميليشيا في ولاية للجزيرة. ويفترض أن يكون مفهوماً حتى بمعيار خالد نفسه الذي يعترف بأن كيكل كان في قلب الإجرام عندما كان مع الميليشيا، فعلى الأقل خروجه من هذا المستنقع هو أمر إيجابي.

٢. أن تغير موقف خالد عمر  بعد انشقاق كبكل، وسخريته من تغير موقف المرحبين بالانشقاق، وتجنبه الحديث عن تغير موقف الميليشيا، كل هذا  هو الذي يحتاج إلى البحث عن تفسير.

٣. أن انشقاق كيكل كان سبباً لغضبه منه، أو على الأقل سبباً لمجاهرته بالغضب منه.

٤. أنه يمنح قادة الميليشيا (حصانة كاملة) من النقد مباشرة بالاسم، طالما ظلوا على رأس عملهم الإجرامي، ويسحبها بعد انشقاقهم. (وقد زادت واقعة “ماذا عن دقلو؟” هذه الحقيقة تأكيداً).

٥. انه يتعامل بمعيار مزدوج لصالح الميليشيا: معيار للنقد (صارم مع قادة الميليشيا المنشقين، ومتساهل مع قادتها المستمرين في الإجرام)، ومعيار للسخرية (مسرف في السخرية من الجيش، وممتنع تماماً عن السخرية من الميليشيا).

بينما يوجه خالد عمر سخريته نحو تغير موقف خصومه/ خصوم الميليشيا من كيكل، ينسى أن السخرية يجب أن توجه إلى تغير موقفه هو نفسه!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى