رأي

مأساة مزدوجي الجنسية(3) 

 

علي عسكوري

 

*من واقع متابعتي الطويلة لمخالفة الدولة السودانية للمواثيق الدولية التى وقعت عليها ثبت لى ان المشرعيين السودانيين لا يتذكرون مطلقا تلك العهود والمواثيق الدولة عندما يصدرون تشريعات جديدة ويتعاملون معها وكأنها لا تعنيهم! تري لماذا نلوم العالم اذن عندما يصفنا (بالدولة المارقة), اليست الدولة من ينتهك تلك المواثيق والعهود مرارا.

 

*هنالك سؤال مهم يجب أن اطرحه وهو: هل نريد أن تكون بلادنا جزء من المجتمع الدولي ام لا؟ إن كانت الاجابة نعم، علينا الإلتزام بما نوقعه من مواثيق وعهود، أما إن كانت لا، فعلينا قفلها بالضبطة والمفتاح, اما سياسة (ما بريدك وما بحمل براك) فقد اوردت بلادنا المهالك.

 

*تقع المسؤولية الاساسية في التعديل على السيد وزير العدل، الذي يكثر منذ فترة في (المساسقة) على جنيف ومجلس حقوق الانسان, و كان عليه نصح المجلسين – طالما كانت الدولة تستبطن خيانة مزدوجي الجنسية – إنه من الأفضل عدم ايراد ذلك النص في التعديلات والسكوت عنه ومعالجة الأمر بصورة داخلية لا تثير انتباه العالم ولا تمثل انتهاكا لميثاق حقوق الانسان أو غير ذلك، نصحهما بالغاء المادة في الدستور التي تبيح التجنس للسودانيين، لوضع حدا نهائيا للامر و لوضع حدا لخيانة اصحاب الجنسية المزدوجة من اصلها.

 

*أما ان تقوم بادخال تعديل يقسم تلاحم الصف الوطني داخليا وخارجيا ويمنح ذخيرة جديدة لخصومك واعدائك وما اكثرهم، فذلك أمر يثير الحيرة، ولا اعتقد أن السيد وزير العدل كان مدركا لتبعات ذلك التعديل الذي لا أرى مبررا لإدخاله كتابة في الوثيقة على الاطلاق.

 

*من المفارقات في الصراع السوداني كان السودانيون في الخارج دائما مؤيدين للمعارضة، ولذلك كانت الانقاذ تصفهم بأقذع الالفاظ ( خونة، عملاء، ماسونيين.. الخ) وذلك أمر مفهوم من واقع إنهم كانوا ضحاياها، إلا أن هذه الحرب ولأول مرة وحدت السودانيين في الداخل والخارج في لحمة وطنية غير مسبوقة واستقبلوا الرئيس في نيويورك وموريتانيا وارتريا وغيرهم استقبالا يليق به, ولذلك ما كان يجب التفريط في تلك الوحدة، بل كان يجب البناء عليها و تثمينها وحشدها لمعركة اعادة البناء، لكن ثبت ان تلك الوحدة لم تعجب السيد وزير العدل، فاختار غمط السودانيين في الخارج حقوقهم الدستورية ليدق اسفينا بينهم وبين وطنهم بطعنهم طعنة نجلاء واتهامهم في انتمائهم ووطنيتهم.

 

*ترى هل هنالك أيادي خفية لدويلة الشر التي أزعجتها احتجاجات السودانيين في الخارج امام سفاراتها، فحققت اختراقا داخليا لإرسال رسالة تثبيطية لهم، عقابا لهم على احتجاجاتهم المتكررة ضدها.

 

*ختاما وبعد أن كسرت الجرة، وثبت لحاملي الجنسية المزدوجة أن المشرعين ينظرون لهم كخونة سافرين أو كامنيين، أو في الحد الأدنى غير مرحب بهم للمساهمة في إعادة إعمار بلادهم، وأن الذين انفضحت خيانتهم لبلادهم حتى سارت بها الركبان من حملة الجواز السوداني فقط، أفضل منهم ومرحب بهم لتولى الوظيفة العامة، عليكم ايها الاحباب ان تلعقوا جرحكم الغائر، وتتناسوا حقكم المهضوم، وتواصلوا مجهوداتكم في خدمة مجتمعاتكم، ففي نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح، وسيكتب التاريخ أن دولة السودان التي تحتاج لكل الخبرات حرمت أول ما حرمت المؤهلين من أبنائها خدمتها, ولكم أن ترددوا قول أبي فراس الحمداني

 

وفيت وفي بعض الوفاء مذلة

 

لإنسانة في الحي شيمتها الغدر

 

ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به

 

وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر

 

سيذكرني قومي إذا جد جدهم

 

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

 

ولكم العتبى حتى ترضوا

 

هذه الأرض لنا

 

نقلا عن “أصداء سودانية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى