✍🏼 السفير عبدالله احمد عثمان
كوستا كما ينطقها أهل البر اليوناني و كوستي كما ينطقها أهل جزيرة كريت . هو قديس ارثوذكسي مسمى عليه آلاف الاغاريق و منهم الشاب كوستي من جزيرة كريت الذي قدم مع شقيقه إلى السودان عبر بورتسودان مع مجموعات من كريت و منهم أسرة كاترينا في العام 1896 و وصلا إلى الدويم 1897 بحثا عن مصادر الحليب الذي يجيدان صنع الأجبان منه كحرفة للعائلة . ( و لا علاقة لهما بخواجة بنيوتي الذي وصل إلى كازقيل بكردفان ) . استقر الأخ الأكبر في الدويم ، و سافر كوستي جنوبا و استقر في منطقة زينوبة شمال ربك . ثم عبر إلي حلة عباس غرب النيل موقع مرسى البنطون حاليا لكثرة الحليب بالغرب في 1899 . و أسس معمل بدائي لصناعة الجبنة ، ثم أسس كنتين و هي كلمة اغريقية فصيحة . و جلب له السكر و الشاي و توب الزراق و الفركة و القماش و الخردوات البسيطة للمقايضة مع الحليب من قبائل كرو الاحامدة و كرو العبيساب و قوز أبو شريف و غيرهم . و بدأ سكان المنطقة يرددون ( شايلين كوستي ، شايلين كوستي ) أي متوجهين إلى خواجة كوستي حتى صار الإسم علما للمكان و اندثرت حلة عباس لاحقا و عقب وصول طلائع خط السكة حديد و الكبري في 1905 ازدهرت المنطقة سريعا جدا و بإسم كوستي .
في أكتوبر 2017 تم اخطاري بواسطة وزير الخارجية بموافقة الرئاسة على ترشيحي سفيرا لدى اليونان . و من الوهلة الأولى و باعتباري إبن المدينة قررت في نفسي أن اجتهد في العثور على أسرة و أحفاد كوستي في اليونان و جلبهم لتكريمهم و تسليمهم مفتاح رمزي للمدينة . و قد كان أن وفقنا بحمد الله في الوصول إلى حفيده الطبيب في جزيرة كريت و قمنا بتكريمه ضمن حفل بهي بتاريخ 15 أكتوبر 2019 كرمنا فيه كسفارة 4 من كبار رموز الجالية اليونانية في السودان من 1843 – 2019 . و شمل التكريم حفيدة حفيد افيروف مؤسس موردة و حي ابروف الحالي عام 1843 . و هو شخصية وطنية يونانية أطلق إسمه على بارجة حربية يونانية شاركت في الحرب العالمية الثانية و الآن تحولت إلى متحف حربي بحري و قد كرمنا قائدها في ذلكم الحفل . ثم كرمنا حفيدة كترينا صاحبة الشارع الشهير بالخرطوم 3 .,و هي فتاة هاجرت إلى السودان من جزيرة كريت 1896 و وصلت الخرطوم في 1899 و فتحت مع زوجها كنتين صغير جدا و سار الإسم إلى اليوم . و كرمنا حفيد كوستي مؤسس مدينة كوستي و هو طبيب في جزيرة كريت حاليا . و كرمنا حفيد كونت ميخالوس رجل الأعمال الإغريقي الأشهر في السودان وكيل أول شركة طيران في السودان اوليمبيك 1939 . و مؤسس النادي الإغريقي في 1934 جنوب مستشفي الخرطوم ( حيطة البزيانوس )،كما يحلو للعوام تسميتها . و وكيل و مؤسس أول أسطول بحري سوداني . و كرمنا رئيس نادي الاغاريق السودانيين باثينا و هو نادي يضم جميع الاغاريق الذين هاجروا من السودان عقب قرارات التأميم و المصادرة في مايو 1970 و تم حينها مصادرة و تاميم كل شركات القطاع الخاص و البنوك و كانت الجالية اليونانية في السودان من أكثر المتضررين و رغم ذلك حافظوا على عشقهم للسودان إلى يومنا هذا فالنادي قطعة من السودان في قلب أثينا و الحديث في اروقته باللهجة السودانية، و قد اتفقنا مع قياداتهم على عودتهم أو أبنائهم للإستثمار مجددا خاصة في الصناعات التحويلية الجلود ، المنتجات الغذائية ، الزيوت النباتية ووووووو . و لكن للأسف الشديد، فقد تم قطع بعثتنا في اليونان بعد ثلاث ايام من هذا الحفل أي بتاريخ 18,أكتوبر 2019 و فصلنا من الخارجية .
