لماذا تصر “تقدم” على استجلاب قوات أجنبية للسودان؟
مساع حثيثة تبذلها تنسيقية القوى السياسية والمدنية “تقدم ” التي يترأسها عبد الله حمدوك “لنشر قوات دولية في السودان” وفرض حظر الطيران، في ظل انهيار مليشيا الدعم السريع بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على عدة مواقع استراتيجية منذ إندلاع الحرب في البلاد.
وتثير تلك المساعي تساؤلات عديدة حول وجود دور للإمارات لتحريض المجتمع الإقيلمي في الدخول كلاعب جديد في المشهد السوداني، بعد أن تبعثرت أحلام أبوظبي في السيطرة على السودان عبر مليشيا الدعم السريع لتحقيق مصالحها الاقتصادية وهيمنتها على القرار الوطني في السودان.
كما تعكس تلك الرغبة، وفق محللين سياسيين، تخوف “تقدم” من عدم إيجاد موطئ قدم لها في المشهد السياسي السوداني جراء التطورات الميدانية وإحراز الجيش لتفوق واضح، وإجراء تعديلات وزارية على طاقم الحكومة استعدادا للفترة الانتقالية المقبلة، بعد تصريحات قادة الجيش السوداني وتأكيداتهم على إجراء تعديلات في الوثيقة الدستورية.
ووفق بيان لتنسيقية “تقدم”، تلقى المحقق نسخة منه طالب حمدوك بإنشاء مناطق آمنة وتفويض ونشر قوات دولية لحماية المدنيين من “انتهاكات الحرب التي تعصف بالبلاد”.
وأكد حمدوك على ضرورة “فرض حظر طيران على السودان من أجل حماية المدنيين العزل من القصف الجوي، بما في ذلك المسيرات”.
لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، طالب مجلس الأمن الدولي في 28 أكتوبر الماضي، بتقديم الدعم اللازم لحماية المدنيين في السودان الذي تعصف به الحرب، لكنه قال إن “الظروف غير مواتية لنشر قوة من الأمم المتحدة هناك”.
وأكد غوتيريش وجود دعوات من جانب السودانيين وجماعات حقوق الإنسان لزيادة التدابير لحماية المدنيين، بما في ذلك النشر المحتمل لقوة محايدة، قائلا إن هذه الخطوة تعكس “خطورة الوضع وإلحاحه”.
وقال غوتيريش أمام مجلس الأمن “في الوقت الراهن، الظروف غير مواتية لضمان نجاح نشر قوة من الأمم المتحدة لحماية المدنيين في السودان”، لكنه أضاف أنه مستعد لمناقشة سبل أخرى للحد من العنف وحماية المدنيين. وذكر غوتيريش أن هذا “قد يتطلب اتباع أساليب جديدة تتواءم مع الظروف الصعبة التي يفرضها الصراع”.
اصرار ” تقدم”
وكان خالد عمر يوسف نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو أمانة “تقدم” قد كشف أن المطالب التي طرحها رئيس التنسيقية عبد الله حمدوك على مسؤولين بالحكومة ومجلس اللوردات البريطانيين ركزت على المساعدات الإنسانية للمتضررين وحماية المدنيين في بلاده.
وذكر يوسف، في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر، أن اللقاء جرى مع المسؤولين في لندن حين زارها مع حمدوك باعتبارها حاملة القلم للسودان في مجلس الأمن الدولي وتترأس الدورة الحالية للمجلس، ودعت إلى اجتماع في 12 نوفمبر الجاري بشأن السودان.
وأشار إلى طلب إقامة مناطق آمنة لحماية المدنيين تكون منزوعة السلاح، يحظر الطيران فوقها وتكون خالية من المظاهر العسكرية، كما طالبوا كذلك بحظر السلاح والطيران في السودان، وحظر الصادرات السودانية وخاصة الذهب حتى لا تستخدم عائداته في جلب السلاح.
مكالمة هاتفية بين واشنطن وأبوظبي
المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر قال: “تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد آل نهيان، وفيما يتعلق بالسودان، شدد الوزير بلينكن على أهمية توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية ووقف القتال ودعم العملية السياسية لتشكيل حكومة مدنية،
من جهتها قالت الخارجية الإمارتية بأن عبد الله بن زايد آل نهيان حث الأطراف السودانية على العودة إلى الحوار، واحترام التزاماتهم وفق إعلان جدة، وإلى الآليات التي اقترحتها “مجموعة العمل من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان – ALPS” المتعلقة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وعاجل ودون عوائق، وعلى الامتثال لالتزامات القانون الإنساني الدولي.
وشدد على ضرورة أن ينعم المدنيون بالحماية الكاملة بموجب القانون الإنساني الدُّولي، وضرورة ألا يكونوا طعماً للصراع.
فولكر على الخط
كما أعرب رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان ” يونيتامس” – تمت إنهاء مهامها – السابق فولكر بيرتس، عن قلقه على مستقبل السودان من التقسيم مجدداً و إنفصال إقليم دارفور عن البلاد.
وقال بيرتس في حوار مع مجلة زينيت الألمانية، أنا قلق على مستقبل البلاد. ولا يمكن استبعاد أن تستمر هذه الحرب لفترة طويلة وتنتهي بتقسيم فعلي للبلاد، وهذا ليس في مصلحة السودان ولا ينبغي أن يحظى بدعم دولي.
ولم يستبعد فولكر أن تتبع الأطراف في السودان استراتيجية الاحتفاظ بجزء من البلاد على الأقل لنفسها، وأضاف “من المحتمل أن تكون النتيجة دولة غير ساحلية أخرى في المنطقة، وهي دارفور”.
محللة استراتيجية : الامارات قد تدعم تشكيل قوة أفريقية
وقالت محللة استراتيجية سودانية مقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية فضلت حجب اسمها بأن الإمارات قد تدعم تشكيل قوة أفريقية للتدخل في السودان، بعد أن رأت هزيمة مليشيا الدعم السريع على الأرض”،
وأشارت إلى قرارات الاجتماع التشاوري السنوي المشترك الثامن عشر (18) بين مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي وأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك يوم 18 أكتوبر الماضي لمناقشة قضايا السلام والأمن.
وفي بيان مشترك للمجلسين، أكد مجلس السلم والأمن الأفريقي وأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة تمنح مجلس الأمن المسؤولية الأساسية عن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وعلاوة على ذلك، أكدوا على ولاية مجلس السلم والأمن الأفريقي فيما يتعلق بتعزيز السلم والأمن والاستقرار في أفريقيا، وفقًا للبروتوكول المتعلق بإنشاء مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.
كما أشار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي وأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى أحكام الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة بشأن دور الترتيبات الإقليمية في التعامل مع المسائل المتعلقة بصيانة السلم والأمن الدوليين قبل إحالتها إلى مجلس الأمن، حسب الاقتضاء، وسلطة مجلس الأمن في استخدام مثل هذه الترتيبات الإقليمية، بما يتفق مع مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة.
وفي 17 أكتوبر الماضي، عقد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي وأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الندوة السنوية غير الرسمية المشتركة التاسعة لتبادل وجهات النظر حول تفعيل أساليب العمل بين مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2719 (2023) بشأن تمويل عمليات دعم السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي، وناقشوا بشكل أكبر قضايا الشباب والمرأة والسلام والأمن والأطفال المتضررين من النزاعات المسلحة والآثار السلبية لتغير المناخ على الاستقرار والتنمية في أفريقيا.
وسبق الاجتماع غير الرسمي المشترك مشاورات تحضيرية للجنة خبراء مجلس السلم والأمن، وفريق العمل المخصص التابع لمجلس الأمن المعني بمنع النزاعات وحلها في أفريقيا، والتي عقدت في نيويورك من 11 إلى 15 أكتوبر الماضي.
وقال البيان :” بمناسبة الاجتماع التشاوري السنوي المشترك الثامن عشر، عقدت لجنة السلم والأمن التابعة للاتحاد الأفريقي والأعضاء في مجلس الأمن الدولي مناقشات حول الأوضاع في السودان والوضع في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد،بما في ذلك مواجهة تهديد الإرهاب؛ والوضع في الصومال والأمن بعد إنشاء نظام إدارة العمليات العسكرية في الصومال.
وحول الوضع في السودان أعربت لجنة السلم والأمن التابعة للاتحاد الأفريقي وأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛عن قلقه العميق إزاء الصراع المسلح وأدان انتشار الأسلحة ونهب الإمدادات الإنسانية والهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني وتدمير البنية الأساسية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، وأعرب في هذا الصدد عن قلقه العميق إزاء استمرار انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في السودان والثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون، ودعوا إلى المساءلة عن هذه الانتهاكات. وذكّر جميع أطراف الصراع في دارفور بالالتزام بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وأكدوا مجدداً أن أولئك الذين يرتكبون انتهاكات للقانون الإنساني الدولي سيُحاسبون.
كما أكدوا على أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في السودان ودعوا جميع الأطراف إلى وقف الأعمال العدائية على الفور وإرساء وقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى المفاوضات يليها حوار وطني شامل وانتقال سياسي، من أجل إنهاء معاناة الشعب السوداني.
وطالبوا قوات الدعم السريع برفع الحصار عن الفاشر، وأكدوا التزامهم بحماية المدنيين وأشاروا إلى عمل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتحقيق هذه الغاية، ورحبوا في هذا الصدد بتوصية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بدعم الفريق الرفيع المستوى التابع للاتحاد الأفريقي المعني بالسودان واللجنة الرئاسية المخصصة لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لتعزيز المشاركة مع أصحاب المصلحة المعنيين بتنفيذ خارطة طريق الاتحاد الأفريقي بما في ذلك حماية المدنيين كأحد ركائزها الأساسية، وفق البيان.
كما أكدوا على ضرورة إشراك جميع أصحاب المصلحة السودانيين في العملية السياسية، بما في ذلك المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة والآمنة للنساء والشباب، فضلاً عن المجتمع المدني، وضمان عملية سياسية حقيقية وشاملة بقيادة سودانية وملكية سودانية تعكس التطلعات الحقيقية للشعب السوداني.
نقلا عن موقع “المحقق” الإخباري