لاعب جديد في ميدان قديم… تلك الشركة… هذا الملتقى

عبداللطيف البوني

أما الشركة فهي… الشركة المصرية السودانية (خد نفس) للتنمية والاستثمار (خد نفس) المتعددة الأغراض (أخدت نفس؟) لك أن تتساءل عزيزي القاري.. لماذا لايقتصد أهل الاقتصاد في اللغة؟… يبدو أنهم أرادوا التعبير عن سعة مجال العمل… وإظهار ذلك في الاسم لذلك ضحوا بجماليات الاسم من أجل إبراز الغرض… هذا والله أعلم…
نأتيكم من الآخر، هذة الشركة تأسيساً على وظيفتها أقامت في العام الماضي.. الملتقى السوداني المصري لرجال الأعمال… قررت المواصلة في هذا الدرب… فقررت إقامة الملتقى الثاني بذات الاسم في ديسمبر 2025 (خير وبركة).. ولتعبيد الطريق للملتقى الثاني… أقامت ثلاث ورش تحضيرية، الأولى عن الصناعات الغذائية و الدوائية في البلدين… الثانية عن قطاع النقل المعابر في البلدين… الثالثة عن قطاع المصارف في البلدين… (الأغنية السودانية تقول (الاتنين الليلة وين… ما كنا متحابين ذي العنب والتين) أظن المغني له علاقة بمصر بدليل ذكر العنب والتين… وربما يكون أخدها من القرآن مباشرة … ففي كل خير… المهم هذه الورش التحضيرية سبقتها جلسات تحضيرية لكل ورشة… (شفتوا الناس ديل بسوقوا الكورة من بعيد كيف؟) هذا ما يسمى باللعب الممرحل… لكن اللافت للنظر أن أي ورشة من الورش القطاعية الثلاث كانت مؤتمراً قائماً بذاته.. في كل ورشة كان هناك عصف ذهني قام به خبراء ومختصون وأكاديميون ورجال دولة… مخرجات هذة الورش جاهزة الآن لملتقى ديسمبر القادم… هذا العمل التصاعدي (قنطر الكورة) لذلك الملتقي الموعود.. طبعاً مافي داعي للاستعجال فخلونا شوف الملتقى حا يشوت الكورة دي كيف… هذا للحي البعيش إن شاء الله..
إن كان ثمة تعليق وإن شئت قل تحليل للكلام المكتوب أعلاه فإن هذة الشركة قدمت لاعباً جديداً في ميدان قديم… وهو ميدان العلاقات المصرية… السودانية.. هذا اللاعب الجديد هو الاقتصاد… نعم الاقتصاد وهو لاعب ما عنده غير (أمسك لي وأقطع ليك)… لا يعرف التحايل واللف والدوران… (هم يستفيدوا ونحن نستفيد) وإن شئت السودنة قل (بارك الله فيمن نفع واستنفع) .. حتى في الاقتصاد اختارت الطبقة الرأسمالية اسم الدلع (رجال الأعمال) وما على الدولة في البلدين إلا أن تفسح الطريق و (تشيل) متاريسها وحواجزها… وتترك رأس المال يمضي بحرية بين البلدين… يا جماعة الخير الدولة في البلدين عائق أكثر من أنها محفز… وهذه قصة أتمنى أن تثار في ملتقى ديسمبر..
هذا العمل المشار إليه أعلاه يتجاوز كل المحاولات السابقة للتقارب بين البلدين… الإشارة هنا… لوحدة وادي النيل.. والتكامل بين البلدين… والعلاقات الازلية… والأمن القومي بين البلدين… وكل هذه الاكليشهات التي كانت في أحسن حالاتها تعبيرا عن أشواق للتقارب مع قلة المردود…
الأمر الذي قد يكون مجمع عليه أن العلاقات بين البلدين علاقات مصيرية بمعنى الكلمة… وهذا ليس أمرا اختياريا إنما فرضته الجغرافيا وما قام عليها من تاريخ… والأمر الثاني المجمع عليه أن التداخل والتقارب بين البلدين… ينبغي أن يكون متقدما على ما هو عليه الآن من وضع بائس.. أما لماذا… فهذا قد يظهر لنا في الملتقى القادم أو أي مؤتمر آخر… فالمهم أن ادبيات هذا الموضوع على قفا من يشيل… ولكنها تحتاج لمن يلملمها ويحللها ويضع الوصفة المناسبة لعلاجها…
الطبقة الرأسمالية، وإن شئت قل الطبقة البرجوازية، هي التي وحدت أوروبا… بعد طول احتراب وتعصب للدولة القطرية.. السوق الأوربية المشتركة كبنية تحتية ثم الاتحاد الاروبي كبنية فوقية… ثمرة من ثمرات تلاحم الطبقة البرجوازية هناك.. إن البداية بالاقتصاد تعني وضع الحصان أمام العربة…. فدعونا نتفاءل هذة المرة رغم كل المواجع والقصور والتاريخ غير المشجع..
بالمناسبة التاريخ المشترك بين البلدين يحتاج إلى إعادة نظر فقد كتبه من كانت استراتيجيته هي المباعدة بين البلدين… وهذا ليس من موضوعات الملتقى القادم (شايف يا عزيزنا دكتور نصر الدين… الليلة ما جبنا سيرة محمد علي باشا).
إن كان فيما ذكرنا أعلاه دعوة لإبعاد السياسة والتركيز على الاقتصاد… فهذا لايعني الاستغناء عنها… فهي شر لابد منه… فهي الإطار العام الذي تتشكل داخله الوحدات الأخرى… وهي التي بيدها كل المحركات… ولكن المطلوب أن تعمل السياسة بلغة الاقتصاد وليس العكس… فالنشاط الاقتصادي يدور في فلك سياسات كلية يضعها صانع القرار السياسي… فمثلا السياسات الضريبية والسياسات الجمركية وسعر الصرف كلها من المتحكمات في أي نشاط اقتصادي… لذلك أتمنى للملتقى القادم أن يضع في الاعتبار أن هذة السياسات الكلية يجب أن تخضع للتنسيق بين البلدين…
التنازل الطوعي عن بعض عناصر ما نسميه بالسيادة من أجل مكسب أكبر… هو الطريق الوحيد المفضي للتقارب و التكامل وهذا ما اثبتته تجارب كل الدنيا… الحتة دي محتاجة لشوية فضفضة فإن شاء الله في مرة قادمة…
في تقديري إن الظرف الذي يمر بالبلدين الآن خاصة بالسودان يتيح فرصة لإحداث Break Through أي اختراق في العلاقة بين البلدين… فدعوا (لغلغة) الفضائيات لمن يحترفها… وافتحوا هذه الصفحة التي كتبت الشركة ذات الاسم الطويل أول سطر فيها….

Exit mobile version