وكالات – الأحداث
مقطورة تتحرك بإطارين، تقودها الدواب، تتحرك بين الحقول ومنازل المزارعين، خاصة في ولاية الجزيرة. خلال الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، تحولت إلى وسيلة نقل شائعة بسبب انعدام السيارات، التي تعرضت إلى النهب، وشح الوقود إذا توفرت مركبات محدودة العدد.
حلول سهلة :
لجأ السكان إلى “مقطورة الدواب” أو “الكارو” كما يسميه السودانيون، خاصة سكان القرى، من يقيمون وسط المشاريع الزراعية، كونها من الحلول السهلة التي لا تتطلب توفير الوقود أو الطاقة الكهربائية، يكفي أن يكون الإطاران المطاطيان بحالة جيدة وملأى بالهواء.
يشمل عمل “المقطورة” الأسواق الشعبية لنقل السلع من الشاحنات إلى المستودعات، أو إلى المتاجر الصغيرة. على الأغلب، يمتهن عامل قيادتها من خلال وضع “اللجام” على “الحمار” أو “الحصان”. الأخير أعلى سعرًا لأنه يعمل في الطرق الوعرة، ولديه قدرة التحمل لساعات طويلة.
يقول مصعب محمد الهادي الناشط في رصد انتهاكات ولاية الجزيرة لـ”الترا سودان”، إن المقطورة أو الكارو ساعدت النساء والأطفال والمسنين والمرضى على تحمل رحلات النزوح، وإن كان يسير بشكل بطيء، في نهاية المطاف يصل إلى وجهته بأمان.
ويرى الهادي أن مليشيا الدعم السريع، عندما تهاجم قرى ولاية الجزيرة يضطر السكان الى البحث عن هذه المقطورات البدائية، لأنها غير مستهدفة بالنهب من عناصر قوات حميدتي، فهي بطيئة وغير فعالة.
وتابع: “في بعض القرى منع السكان من استخدام الكارو بواسطة هذه القوات لغرض الانتقام فقط، وفي بعض الأحيان أطلقوا الرصاص على الدواب حتى يفقد النازحون وسيلة النقل التي بحوزتهم”.
خيار متاح :
جرى استخدام المقطورة في بعض مناطق الجزيرة كوسيلة عمل مقابل الأجر المالي، وقال نازحون من قرى جنوب الجزيرة مثل قرية فارس إنهم غادروا منازلهم بدفع مئات الآلاف من الجنيهات لعمال وسائل النقل البدائية “الكارو”، لأنها كانت الخيار المتاح أمامهم للهرب من بطش قوات حميدتي.
وتوفيت ثلاث نساء على الأقل أثناء رحلات النزوح من شرق الجزيرة إلى محليات الفاو وحلفا الجديدة وكسلا، فارقن الحياة في طرق ترابية شبه صحراوية لانعدام الرعاية الصحية والغذاء المناسب، وهن في حالة على وشك المخاض.
أطلق عاملون في المجال الإنساني نداءات للمنظمات ووزارة الصحة الاتحادية لنشر سيارات الإسعاف على طرق النزوح، لإنقاذ المرضى والمسنين والأطفال والنساء الحوامل.
حركة نزوح:
يقول ياسر فتح العليم الذي تابع حركة النزوح بين شرق الجزيرة، مرورًا بمنطقة البطانة، إن الأوضاع الإنسانية حرجة. فقد دفعت هجمات الدعم السريع عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح. حتى القرى الآمنة والتي لم تصلها هذه القوات فضلت المغادرة بدلًا من انتظار دورها في الانتهاكات المروعة التي أرتكبت بحق المواطنين، واستباحة مناطق بأكملها، ودفع سكان قرى كاملة إلى النزوح بقوة السلاح.
وتابع: “أخبر بعض جنود حميدتي المواطنين في قرى مثل السريحة والعزيبة، لا تحرصوا على إغلاق أبواب منازلكم، لن تجدوا القرية عندما تعودون يومًا ما، لقد شعر الرجال بالصدمة من المآسي التي شاهدها الأطفال والنساء”.
يقلل عبد العليم من الإحصائيات التي أصدرتها الأمم المتحدة بنزوح 45 ألف شخص من مناطق شرق الجزيرة نهاية أكتوبر 2024، على خلفية الهجمات الانتقامية لانشقاق قائدها أبو عاقلة كيكل وانضمامه للجيش. ويقول إن الإحصائيات لا تقل عن 180 ألف شخص، لأن الحملات الانتقالية شملت 45 قرية وست مدن كاملة مأهولة بعشرات الآلاف من النازحين.