كيف تنخرط الإمارات في الحرب الأهلية السودانية؟

رغم النفي… تتزايد الأدلة حول صفقات الذهب والسلاح التي تغذي الصراع الدامي في السودان
اكتُشفت أولى الخيوط في نقطة تفتيش نائية بولاية شمال دارفور في أبريل، عندما أوقفت قوات الجيش السوداني قافلة وبدأت في تفريغ صناديق ذخيرة. كان على أحد الصناديق حروف سيريليكية (روسية) — أمر غير مألوف في منطقة نادراً ما يفهم فيها أحد تلك الحروف.
بداخل الصندوق كانت هناك قذائف هاون تحمل أرقاماً متسلسلة قادت لاحقاً محققي الأمم المتحدة إلى مصنع أسلحة بلغاري — ثم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، التي كانت قد اشترت هذه الذخائر قبل خمس سنوات.
كان هذا دليلاً على ما ظل يُشتبه به منذ زمن: الحرب الأهلية السودانية — الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع — تحوّلت إلى ساحة صراع لقوى إقليمية تتنافس عبر وكلائها.
إمبراطورية حميدتي: ذهب وسلاح وداعمون خارجيون
نشأت قوات الدعم السريع من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت بمجازر ضد المدنيين الأفارقة في دارفور قبل عقدين. واليوم أصبحت واحدة من أقوى التشكيلات المسلحة غير النظامية في إفريقيا، بفضل تدفق الأسلحة من الخارج.
قائدها، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، القادم من عمق دارفور، حوّل هذه القوة إلى إمبراطورية خاصة تقوم على الذهب والسلاح والتحالفات الخارجية.
وتتزايد الأدلة التي تربط أسلحته المدمرة بدول الخليج — وخاصة الإمارات.
أدلة تتكشف… وإنكار إماراتي
قال مايكل جونز، الباحث في معهد RUSI البريطاني للأمن:
“جمعت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ومحققي الأمم المتحدة أدلة قوية على تورط الإمارات في تدفقات السلاح إلى السودان”.
وأوضح أن شبكة وسطاء عبر ليبيا وأوغندا وأفريقيا الوسطى وتشاد سهّلت تزويد الدعم السريع بكل شيء من الطائرات المسيّرة إلى المدافع الثقيلة والذخيرة.
الإمارات تنفي ذلك على الدوام. مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش دعا مؤخراً إلى وقف إطلاق النار، مؤكداً أن بلاده تريد انتقالاً مدنياً للسلطة.
لكن محققي الأمم المتحدة يقولون إنهم يكتشفون نمطاً متكرراً:
•وثائق شحن لا تتطابق مع الحمولة
•ذخيرة بأرقام متسلسلة تعود إلى مخازن إماراتية
•قادة الدعم السريع يتفاخرون بالدعم الخارجي
تقرير أممي مسرّب وثّق “عدة رحلات” لطائرات شحن من الإمارات حاولت التمويه على وجهتها لتصل إلى قواعد في تشاد — نقطة العبور الأساسية إلى غرب السودان.
الإمارات تقول إن تلك الرحلات كانت مساعدات إنسانية فقط.
ذهب دارفور… الوقود الخفي للحرب
السودان ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناجم دارفور.
يُهرّب الذهب عبر تشاد وأفريقيا الوسطى إلى دبي، حيث يدخل السوق الإماراتية ويختفي.
هذا الذهب يمول شراء السلاح ورواتب المقاتلين — ويمنح داعمي حميدتي نفوذاً ومكاسب مالية.
حرب بالوكالة متعددة الأطراف
الإمارات ليست اللاعب الوحيد:
•مصر والسعودية تدعمان الجيش السوداني
•إيران تزود الجيش بطائرات مسيّرة وصواريخ
•تركيا تبيع معدات عسكرية للطرفين
•خليفة حفتر يوفر للدعم السريع ممراً ومراكز خلفية في شرق ليبيا
وبينما يطول أمد الحرب، يشتد الحصار على المدنيين ويمتد الجوع في دارفور وكردفان.
الفاشر: مذبحة أمام العالم
سقوط الفاشر في 27 أكتوبر بعد حصار دام 18 شهراً سلّط الضوء على السلاح الأجنبي الذي يغذي الحرب.
الناجون رووا قصصاً عن:
•اغتصاب جماعي
•اختطاف
•مذابح جماعية
الدم غطّى الأرض لدرجة ظهوره في صور الأقمار الصناعية.
المجتمع الدولي يضغط… بصمت
دبلوماسيون غربيون يقولون إن رسائل غير معلنة أُرسلت للإمارات، بينما تطالب منظمات حقوقية بفتح تحقيق رسمي.
حتى داخل واشنطن — الحليف القريب للإمارات — يعترف مسؤولون بوجود أدلة يصعب تجاهلها.
الخلاصة
“قوات الدعم السريع قادرة على القتال لمدى طويل بفضل دعمها الحالي” — معهد تشاتام هاوس
الحرب في السودان اليوم ليست مجرد صراع داخلي — إنها حرب بمدخلات إقليمية وأموال ذهب، وسكوت دولي يطيل المعاناة.
من أجل المدنيين، تقول الصحيفة، يجب إيقاف تدفق الذهب والسلاح قبل وقف إطلاق النار



