كن مثل “لطيف”… حين يكون الشعر طريقًا للنهضة

عبدالعزيز يعقوب 

في خضمّ اليأس المجلجل، حيث يوشك الظلام أن يُقنعنا بأنه قدرٌ أبدي، ينبثق صوتٌ مثل “لطيف”، سوداني  لا ينتظر البيان من شاشات النشرات، بل يصنعه من روحه، ويُحيله أبياتًا تمشي على قدمَي الإيمان والعمل، داعما للشباب ونهضة السودان.

كان المقال بعنوان “جيلٌ يصنع المعجزة حين يقود المستقبل أبناء اليوم لا أوزار الأمس”، رسالة مفتوحة إلى شباب السودان، حُفرت كلماتُه بأملٍ صادق في جدار المحنة، نداءً إلى أن يكون شبابنا صنّاع القرار لا أسرى التاريخ، وأن يقودوا النهوض لا أن يُقادوا من رمادٍ يتجدد.

وما إن نُشرت الرسالة حتى جاء الرد من الباشمهندس محمد عبداللطيف المقيم ببلاد الحرمين والذي  لم يكن في صدارة المنابر ولا في مقدمة الوفود، لكنه كان في الطليعة من حيث الروح، والإرادة، واللغة. ورده لم يكن تعليقًا عابرًا، بل قصيدة كاملة، تُحاور المقال وتحلّق به إلى سماوات الأمل

في لحظة واحدة، جعل من القصيدة منبرًا، ومن الكارثة رحمًا لنهضة، ومن الإعصار محفّزًا للمسير لا مبررًا للجمود. قالها بصوت واثق: “ما كان عسرٌ في الأمور ضراوةً… إلا ليسرٍ قد يلوح مفتّح الأزهار”

أبنـــاءُ يومـي لا باوزار القـــــــدامى

جيـلٌ يقــــود الركبَ صُنَّاع القــــرار

سنظلُّ نحفــر في الجــــــدارِ بِعُنـوةٍ

أمَـلَاً لنفتحَ ثغـرةً الأنوارِ للإبصـــــار

أو قد نمـوتُ فِدىً خِـــــلال ركــامِه

لا يَأسَ تُدركُهُ معـاوِلُنا مِن الإِبهــــار

بتكاتـفِ الشٌبَّـانِ نجتـــــازُ الثريـَّــــا

ونحقق الأَمَلَ الأبيَّ بكاملِ الإصـرار

المُشـرئبُ إلى العُـلَا بمـودةٍ وتفـاني

شمِّر إزارَك يافتى مع نخبةِ الأحـرار

فدعِ القديم بعاره وعيوبه متجاهلاً

إبدأ جديدَك للنمـاءِ بمنطق المعيــار

مِـن رِحــــمِ كــارثةٍ تُوَلَّــــدُ نهضـــةٌ

فكـــذا السُكـــونُ مُسـابقُ الإعصـار

مـا كان عسرٌ في الأمـــور ضــراوةً

إلا ليسرٍ قـد يلــوحُ مُفتّحَ الأزهـار

هكذا يكون الشعر. لا ترفًا ولا تسلية، بل إعلانًا عن موقف، وشحنةً من إرادة، ومشروعًا في سطور.

ما فعله “لطيف” لا يحتاج لقبًا ولا رتبة ولا مؤتمرًا صحفيًا. كل ما احتاجه هو قلب شاب، وقلم، وهمّة لا تعرف الشكوى. وهو بذلك يُذكّرنا بما يمكن أن نصبح عليه نحن إن تخلينا عن ثقافة الانتظار.

يا شباب السودان، لا تسألوا: “من القائد؟”، بل كونوا أنتم القادة. لا تقولوا: “ما بال البلد؟”، بل قولوا: “ها نحن نبنيه”.

كونوا كـ”لطيف”، لا يخجل من الشعر، ولا يتهرّب من الأمل، ولا يتردد في أن يكون أول الحالمين والعاملين كونوا معه في هندسة وصناعة المستقبل.

ففي هذا البلد المنكوب، لا نحتاج فقط إلى الجنرالات، بل إلى الشعراء الذين يحملون في دواخلهم معاول البناء، ويكتبون تاريخًا جديدًا بكلماتٍ لا تسيل دمًا بل تُثمر.

يا فتى، ويا فتاة…

لا تنتظروا من يأخذ بيد الوطن. خذوا أنتم بيده.

وابتسموا، ثم امضوا، وفي صدوركم بيتٌ من شعر لطيف، “فدعِ القديم بعاره وعيوبه متجاهلاً، ابدأ جديدَك للنماء بمنطق المعيار”.

Exit mobile version