تقارير

“كتالك وحجازك” .. ما وراء الاشتباكات على الحدود الليبية التشادية؟

الأحداث – وكالات

نشرت وكالة نوفا الإيطالية تقريراً حول صراع نشب في جنوبي ليبيا بين قوات لحفتر وقوات لمليشيا تشادية كانت إلى عهد قريب تعمل تحت إمرته، وجاء القتال المرير متزامنا مع الاجتماعات التي عقدت بين السودان وليبيا ومصر عقب هجوم مليشيا الدعم السريع، مسنودة بقوات إحدى الفصائل التابعة لحفتر، على المثلث الحدودي بصورة تجعل المرء لا يستطيع إلا أن يذكر المثل السائر عندنا “الله كان جاب كتالك بجيب حجازك” .

وأشارت الوكالة في تقريرها المنشور على موقعها منذ الأسبوع الماضي أن الهجوم المسلح الذي وقع مؤخرا على طول الحدود الجنوبية لليبيا، عند المعبر رقم 17 مع تشاد، أدى إلى تسليط الضوء على واحدة من أكثر المناطق هشاشة وتعقيدًا في القارة الأفريقية، وهي مفترق طرق لتهريب جميع أنواع المواد: مهاجرون، أسلحة، مخدرات، وقود، وسجائر.

وقالت إن الضحايا كانوا من الجنود التابعين للجيش الوطني الليبي، بقيادة الجنرال خليفة حفتر، وتضاربت الروايات وفقاً للوكالة حول أعداد مَن قُتلوا أو أُسروا على يد تلك الجماعة المسلحة والتي لا تزال الروايات تتضارب أيضا حول أصولها.

فمن جهة، تحدثت شعبة الإعلام العسكري التابعة للجيش الوطني الليبي عن عملية ناجحة ضد “معارضين تشادين مسلحين” ينشطون في المنطقة. ومن جهة أخرى، تتواتر شائعات بأن الهجوم نفذته قوات كانت متحالفة سابقًا مع حفتر نفسه، وتحديدًا مجموعة يقودها صالح حبري، ابن عم الرئيس الشادي الأسبق حسين حبري، والذي كان تابعًا سابقًا للواء 128 التابع للجيش الوطني الليبي، والذي فُصل منه بتهمة العصيان.

وتقول الوكالة إنها استقت في مقابلة حصرية نفياً من محمد شريف جاكو، نائب الأمين العام لجبهة التناوب والوفاق في تشاد (FACT) في أوروبا، أي تورط للمعارضة التشادية في الاشتباكات مع قوات الجيش الوطني الليبي.

وأكد جاكو: “لم نشارك في أي هجوم” ، وأضاف زعيم المعارضة: “ما حدث على الحدود هو صراع داخلي بين خليفة حفتر وصالح حبري. كان الأخير جزءًا من قواته، لكنه قطع العلاقات بعد استخدامه لحماية القوافل المرتبطة بتجارة المخدرات وتعدين وتهريب الذهب”.

وفقًا لقائد الجبهة التشادية للتغيير، فان حفتر يُجنّد بانتظام ميليشيات مختلطة، تتألف من عناصر محلية وأجنبية، يُصنّفها لاحقًا على أنها “إرهابية” أو “معارضة” لتبرير أعماله القمعية واكتساب الشرعية في نظر المجتمع الدولي.

ويؤكد جاكو مجددًا أن جميع جماعات المعارضة التشادية كانت خارج الأراضي الليبية منذ نهاية عام 2024، بعد ما وصفه بـ “هجوم غادر” شنّه الجيش الوطني الليبي. هذه الحادثة، وفقًا لجاكو، ليست حادثة معزولة. يُقال إن الهجوم كان يهدف إلى تبادل أسرى: جنود من الجيش الوطني الليبي مقابل حسن موسى كيلي، وهو شخصية بارزة في مجتمع التبو، أُلقي القبض عليه مؤخرًا لمحاولته إمداد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، خصم حفتر، بعناصر من ميليشيا التبو.

ويُحذّر من أن عدم إطلاق سراح موسى قد يُؤدي إلى تصعيد في جميع أنحاء فزان، وهي منطقة استراتيجية لتهريب البشر وتدفقات الهجرة، لكنها لا تزال تفتقر إلى السيطرة الشاملة للجيش الوطني الليبي.

وتقول الوكالة في تقرير مفصل ومطول نقلا عن جاكو إن “أبناء حفتر مسؤولون مباشرةً عن عدم الاستقرار في جنوب ليبيا “، في إشارة إلى صدام وخالد حفتر، قائدي القوات البرية والقوات الخاصة للجيش الوطني الليبي على التوالي.

“في السنوات الأخيرة، استغلوا الجماعات المسلحة لإدارة تدفقات الهجرة، مستخدمين قضية الهجرة غير الشرعية كورقة ضغط للحصول على التمويل والاعتراف السياسي من أوروبا. جهاز الأمن التابع للجيش الوطني الليبي هو الذي ينقل المهاجرين إلى الساحل الليبي، مستفيدًا بشكل مباشر من ذلك”.

وأقول ربما نقلت عنهم مليشيا الدعم السريع ذات المنهاج في تخويف الأوربيين آنفاً، وربما كان أحد أسباب الهجوم على المثلث.

وتمضي الوكالة إلى القول أنه وفي غضون ذلك، أعلنت القوات البرية الليبية بقيادة صدام حفتر عن نشر وحدات النخبة في منطقة الحدود مع تشاد. ويُظهر مقطع فيديو نُشر مؤخرًا على قنوات الجيش الوطني الليبي على مواقع التواصل الاجتماعي أرتالًا من المركبات العسكرية تتحرك ليلًا، ترافقها مركبات مدرعة وقوات خاصة، أثناء مرورها عبر قاعدة مضاءة جيدًا، ثم تتجه إلى عمق الصحراء.

يُظهر الفيديو بعد ذلك رتلًا طويلًا من مركبات الدفع الرباعي والمركبات العسكرية يتقدم بشكل منظم على مسارات رملية في منطقة صحراوية خافتة الإضاءة، مما يُشير إلى عملية واسعة النطاق. وفيما يتعلق بالوضع الداخلي في تشاد، يؤكد جاكو أن المعارضة المسلحة اتخذت موقفًا احتوائيًا منذ عام 2021، معلنةً وقف إطلاق نار من جانب واحد مع حكومة نجامينا في ظل حالة عدم الاستقرار الخطيرة التي تؤثر على منطقة الساحل والدول المجاورة مثل السودان وليبيا.

ويضيف قائلًا: “لدينا روابط تاريخية واجتماعية عميقة مع الشعبين الليبي والسوداني. هذا ليس وقت الصراع المسلح المفتوح”. ومع ذلك، يُحذر جاكو قائلًا: “يواصل النظام الشادي إرسال إشارات سلبية، وقد يُفقدنا صبرنا. لقد أوضح قائدنا، مهدي علي، أننا لم نُهزم بعد”.

وبالتحول إلى السياق الإقليمي، يتناول جاكو الوجود الروسي المتزايد في منطقة الساحل، لا سيما في دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر. ويرى أن “الوجود الروسي خيار اتخذته الشعوب الأفريقية، التي شهدت فشل النموذج الفرنسي في إدارة العلاقات الدولية. لقد سيطرت فرنسا على القارة لعقود دون تحقيق فوائد ملموسة، بل غذّت منطق الاستغلال الاستعماري والإمبريالية”. وخلال فعالية مغلقة نظمها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في روما، دق دبلوماسي أوروبي ناقوس الخطر بشأن تعزيز رواية تروج لها روسيا، مفادها أن أوروبا قوة استعمارية سابقة في طور الانحدار، بينما تُصوَّر موسكو كجهة داعمة ومحررة”.

وأوضح الدبلوماسي أن “هذا النوع من الرسائل يتجذر بسهولة بين الشباب الأفارقة. من الضروري تعلم كيفية التواصل معهم بمصداقية، ومواجهة التضليل الإعلامي، وتعزيز قيم الحقيقة والشفافية والحكم الرشيد”. في سياق هذا الارتياب الواسع تجاه باريس تحديدًا وأوروبا عمومًا، أفادت التقارير أن موسكو استغلت الطلب المتزايد على الحماية والتعاون البديلين. ويشير جاكو إلى أن “روسيا تقدم نموذجًا يُنظر إليه، على الأقل في الوقت الحالي، على أنه أكثر احترامًا للسيادة والمصالح المحلية”.

وأخيرًا، يُعلق ممثل الجبهة الشعبية لتحرير نشاد (FACT) على الحرب في السودان، التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع المتمردة بقوله: “لم نشارك في الصراع. نحافظ على علاقات اجتماعية مع جميع الأطراف المعنية، ونأمل في حل مستدام لأزمة تبدو بلا نهاية”.

أتكون هذه التطورات سببا في إسراع الجهات المختلفة إلى “لملمة” أطراف التطورات في المثلث؟؟

نعم “الله كان جاب كتالك بجيب حجازك”.. أي من يمنع قصداً أو دون قصد أن يحيق بك الهلاك!!!

نقلا عن “المحقق”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى