الأحداث – متابعات
أصدر المفكر والكاتب السوداني، غسان علي عثمان، كتابا جديدا، عن منشورات (بوكتينو) الجزء الأول (نحو جابريَّة جديدة في الوعي العربي) محمد عابد الجابري – من الفلسفة إلى سيسيولوجيا الوعي (قراءة نقدية تحليلية في كتاب “تكوين العقل العربي”) 2024م.
وقد قدم المؤلف لهذا الكتاب بأن مشروع المفكِّر العربي محَمَّد عابد الجابري (1935م-2010م) أهم مشروع للنَّهْضة في تاريخ الفكر العربي المعاصر.. مشروع يَتَحَرَّى علاقة نقدية بين العرب وتراثِهِم الثقافي.. مشروع يستَند على نَقْدانِيَة تَحْتَرِف المَوضُوعيَّة عبر مساءلة عقلانية للذاكرة.. طموحٌ في صياغةٍ ايِبُيستيميولُوجِيَّةٍ للوَاقِعِ، فالعرب يعيشون حاضرهم المشحون بهزائم الوعي الذاتي وهُمْ بعدُ ينشدونَ مَاضٍ مصنوع بعناية الخيال يواجهون به راهن مُؤَسلَّب.
إن قِرَاءة الجابري للتُّراث لا تريد نقد الذَّاكرة التاريخية لمُجَرَّد شَهْوَة بَحْثَيْة عَابرَة، بل لتوفير شَفْرَات الحل الاجتماعي لواقع مَأَزُوم.. والحل في فحص ونقد هذا التراث؛ التراث العربي الإسلامي.
كتب المؤلف في مقدمة الجزء الأول وحول طبيعة المشروع، بأن (نَحْو جَابِرية جديدة في الوعي العربي) محاولة لتجذير “المنهج الجابري” فِي فهم التراث العربي، طمعاً في تحقيق الوظيفة الاجتماعية للفيلسوف والتي تكمن في نقد ما هو ميت ومهيمن في الوعي، وذلك لصالح فاعلية منتجة تأخذ بأيدينا إلى نهضة ممكنة، وأنه في الجزء الأول لا يطمح إلى أكثر من قِرَاءَة مَوضُوعِيَّة بغرض إحياء درس الجابري، ومشاغله طمعاً في إخراجنا من خانة اللَّأَشيء إلى الفَاعليَّة الحضاريَّة، أن ننتقل من إعرابنا “مفعول به” إلى – فاعل- حتى لا يَنطَبق علينا قولنا: “أَحَقُّ الْخَيْلِ بِالرَّكْض المُعَار..”.
واشتمل الكتاب على فصول سبعة، منها ما عالجه المؤلف تحت عنوان: “دراما التكلس.. “الأعْرَابيَّ” صَانِعَ اللُّغَة.. و”أَصُول” الشَّافِعِيَّ تَحْجُرُ على الزَّمن الثَّقَافِيِّ الْعَرَبِيِّ”، وفي الفصل الثالث اشتغل على تتبع طبيعة التحولات الكبرى التي جرت في الوعي العربي، ليأتي الفصل المعنون: هذيان “اللامعقول العقلي”.. العقل العربي الذي “التهم نفسه”. ذلك حين احتدمت المعركة بين “أرسطو” و”هرمس” الشيء الذي عجَّل بانهيار العقلانية العربية لصالح العرفان الفلسفي المؤدلج.