تقرير – أمير عبدالماجد
عندما تقلد منصب رئيس الوزراء في هذه الفترة الصعبة والمعقدة كان أبرز ما جرى الحديث عنه بشأن الرجل أنه إبن المؤسسات الدولية وقادر على فك عزلة البلاد وفتح مسارات لها في المجالات السياسية والاقتصادية وحتى في مجال الاستثمار وجلب الشركات الكبرى لاعادة اعمار البلاد، ووجد الرجل عند تقلده المنصب ترحيباً مقدراً على الأقل من الشارع العام الذي احتاج وقتها إلى تطمينات بان الدولة التي تواجه اختباراً وجودياً لا زالت موجودة ويقود مجلس وزرائها رجل كان على رأس إحدى المنظمات الدولية.. مع الوقت بدأت الثقة في الرجل تتراجع لان وجوده على المستويين المحلي والخارجي كان باهتاً وبلا بصمات لا استطاع اقناع الداخل ولا استطاع كسب ثقة الخارج.. فرص كثيرة وجدها الرجل يؤخذ عليه انه لم يستغلها بالصورة المثلى التي تخدم قضية وطن يعيش اوضاعا صعبة ومعقدة ثم هاهي الفرصة تأتي مرة أخرى ليجد نفسه على طائرة تحمله إلى امريكا للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك حيث من المنتظر أن يقدم بيان السودان أمام الجمعية العامة ويعقد لقاءات على هامش اجتماع الجمعية مع رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية والاقليمية، ومن المتوقع أن يشارك في الاجتماع الوزاري السنوي لمجموعة البلدان الاقل نمواً واجتماع مجموعة الـ (77) والصين وغيرها من الاجتماعات التي تعقد على هامش اجتماع الجمعية العامة وهي فرصة للرجل ليقدم شرحاً للعالم حول ماحدث في السودان من انتهاكات طالت مدن كاملة ومجازر راح ضحيتها الاف السودانيين وان يدعو الحكومات والمنظمات الحقوقية للالتفات إلى الماساة التي تحدث للسودانيين بسبب السلاح الاماراتي الذي يتدفق عبر الحدود ويفتك بالملايين، السؤال هنا والرجل اصطحب معه عددا من مستشاريه ووزير الاعلام والثقافة ووزير الخارجية هل يستطيع ان يعود هذه المرة وهو (حازمة) كما يقول المثل السوداني وان يحقق مكاسب للدولة السودانية من خلال خطاب مقنع ومتماسك في اجتماع الجمعية العامة ومن خلال لقاءاته مع مسؤولي الدول والمنظمات وان يقود جهدا دبلوماسياً يفتح مسارات العلاقات بين السودان والخارج ويقدم اضافة نوعية؟، وهل هناك مفاوضات فعلاً ستجري بين السودان والامارات برعاية امريكية حول الدعم الاماراتي للمليشيا؟ هل الرجل قادر لو كان الامر كذلك على التفاوض ومواجهة الضغوطات؟.
يقول د.عزالدين الجمري المحلل السياسي إن الرجل ظلم لانه جاء إلى السلطة في وقت صعب تتجاذبه نيران البنادق وصيحات الثكالي والمنهوبين وفي وقت انهارت فيه بنيات الدولة وباتت حتى الدولة نازحة في بورتسودان في هذا التوقيت الامور صعبة جدا ومعقدة والوصول إلى ما يصبو له الناس ايضا صعب ومعقد ودونه متاريس كثيرة مرتبطة بالدولة نفسها)، وأضاف (الرجل يملك القدرة على التواصل مع المجتمع الدولي والتعامل مع مؤسساته وسيرى الناس تغييرات في تعامل السودان مع القضايا ومع المجتمع الدولي لو تخلى عن سماع الاراء المتعصبة حوله وسعى إلى تكوين راي منفتح وخارج صندوق الدولة وقادر على التواصل مع افكار الاخرين ويتعاطى معها ايجاباً وهذا لا يعني بالضرورة التخلي عن الثوابت الوطنية أو المهادنة لكن صدقني التعامل مع المؤسسات وحتى مع المجتمع الدولي بالشعارات لن يقود إلى تغيير في رؤيتهم الاصل هنا أن تطرح رؤيتك مستصحباً معها شواغل الاخرين ومصالحهم وان تستوعب ان هذا الامر لا يعني استسلامك ولا تقديم الهدايا المجانية بل ايجاد لغة تفاهم وأرضية للحوار بينك والاخر حتى تصل إلى منطقة جيدة تحقق من خلالها جوهر ما تصبو له)، و هو رأي يختلف معه د.أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان الذي يرى أن الرجل بمشاركته يضيع على السودان فرصة ان يذهب مسؤول قادر على حمل الحقيبة الثقيلة والتعبير عن محتوياتها)، وأضاف (صدقني هذا الرجل اتيحت له فرص كثيرة أهدرها ولم يقدم أي إضافة للمشهد السوداني عموماً لذا لا اعتقد أنه قادر على تقديم الاضافة الان والمشهد أكثر تعقيداً واكثر ضراوة ويحتاج إلى حسم حتى في الخطاب الدبلوماسي الذي يمكن أن يسمعه منا العالم)، وتابع (لا نملك الان رفاهية الوقت نحن بحاجة إلى خطاب سوداني وصوت سوداني قوي واضح يصل إلى المؤسسات والدول ويعيد تعريف الحرب السودانية لدى دوائر عديدة في العالم ويضع اصبعه على الجرح وهذا لن يحدث من كامل ادريس لذا اعتبر ان فرصة مخاطبة العالم من خلال منصة الجمعية العامة للامم المتحدة فرصة مهدرة).
