قطع الغيار (المشفشفة)

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد المصطفى ابراهيم 

إدارة الازمات تتطلب توزيع الأدوار، والعمل في عدة مسارات. ذلك يتطلب تحريك كل الطاقات البشرية وغيرها. والحمد لله السودان غني بالعنصر البشري المؤهل في كل مناحي الحياة ويقولون -بإحصاء ولا كلام مقطوع من الرأس- إن نسبة الشباب 60%، ماذا لو حركنا كل هذه الملايين في مشاريع مدروسة جيداً وفق خطط محكمة يضعها متخصصون وكله متوفر إذا أتاح لهم جعجاعو السياسة الفرص.

نعود الى عنوان مقالنا. بعد تحرير الخرطوم والجزيرة وجدت مئات آلاف السيارات والمركبات على الطرقات منها المحروقة ومنها المصدومة ومنها المشفشفة وقلَّ أن تجد فيها مركبة سليمة على الأقل كلها بلا كفرات.

أما التي هرب بها المجرمون الى حواضنهم ودول الجوار فهي الأغلى وعلى وزارة الداخلية ولجان الأمن الوطني إعادتها بالتعاون مع الانتربول وحكومات الدول المجاورة. أما التي بالداخل لابد من أن يأتي يوم تردّ فيه هذه المسروقات لأهلها. (اليوم الحديث عن المركبات فقط،،الخسائر الأخرى لها يوم آخر).

كل من وجد سيارته أو شاحنته مشفشفة دخل في نزاع كبير مع نفسه كيف يثم نواقصها؟ من أي الأسواق؟ المحلية أم الخارجية؟ ما يعرف بأسواق دقلو في كثير من أنحاء الخرطوم ومدني بها أطنان من قطع الغيار المشفشفة في شكل جبال: جبل لديترات ،جبل استارترات ، وتل من الأبواب. كلها مصنفة. أما الكفرات وعجلات الحديد (بالخليجي جنوط) ويجلس خلف كل كوم اسبيرات رجل يعلم أنه يبيع مالاً مسروقاً. والمشتري يعلم أنه يشتري مالاً مسروقاً وهو حرام وجريمة جنائية.

البديل لأسواق دقلو هو اللجوء لاستيراد قطع الغيار من دول الجوار مصر والسعودية وأحياناً الامارات. من الوكالات أو أسواق المستعمل التي تعرف بالتشليح. ونسبة لزيادة الطلب على هذه الأماكن ارتفعت فيها الأسعار جداً.

لذا حفاظاً على العملات الصعبة والتي هي في أسوأ حالاتها, وقبل ذلك حفاظاً على أخلاق الناس ودينهم لابد أن تتدخل أجهزة الدولة لحل هذا الاشكال الكبير. أما إذا سألني سائل، كيف؟ لقلت لابد من إشراك عدة جهات كل حسب تخصصه. أولها: المجلس الأعلى للإفتاء، بإخراج فتوى توضح كيف للدولة أن تضع يدها على هذه المسروقات، وقد يحتاج المجلس معلومات يوفرها له جهاز الأمن ووزارة الداخلية. وإذا جوزت الفتوى مصادرة ما انطبقت عليه معلومات الامن أنه مسروق ومجهول الذي سرق منه (وهذا ما أتوقعه وبنيت عليه مقالتي) ندخل في كيف تتصرف فيه وزارة الداخلية.

ما من مركبة الا لها سجل في إدارة المرور، فيه كل معلومات السيارة يهمنا منها رقم الهيكل واسم المالك وهاتفه. بعد أن تضع وزارة الداخلية يدها على قطع الغيار الذي ثبت بالفتوى والإجراءات الإدارية، تضع لها أسعار رمزية بقدر الجهد الإداري الذي بذل في ترحيلها وتصنيفها.

لمن تباع؟ لا تباع إلا لمن يأتي بصورة سيارته ورقم هيكلها والمفقود منها ويطابق كل ذلك على معلوماته في إدارة المرور ويدفع ما يطلب منه من تكلفه. ويسجل كل ذلك في سيستم المرور حتى لا يجعلها البعض تجارة.

بهذا المقترح نكون قد رفعنا الحرج عن الذين يتوخون الحلال ووفرنا من العملات الأجنبية والوقت على الذين يبحثون عن قطع الغيار في الخارج, وأنقذنا هذه المسروقات من لهيب الشمس والصدأ.

ظهر تحايل على الحرام حيث يأتيك ميكانيكي يقول: ادفع كذا من المال واسلمك سيارتك جاهزة. من وين لا تسأل. كمن طلعت عليه الشمس في رمضان وأكل سحوره يقولون له الشمس طلعت يقول: ما شفتها.

كل مرة تأتي التعليقات: ليتهم يسمعون. السيد وزير الداخلية (أسمعنا مرة).

Exit mobile version