رأي

قراءة في تقرير المنظمة الدولية للهجرة حول النزوح الداخلي والعودة

د. أحمد عبد الباقي

أظهر تقرير حركة النزوح الداخلي في السودان (رقم 21) -الذي أصدرته المنظمة الدولية للهجرة في 15 سبتمبر 2025م وغطي حركة النزوح الداخلي في السودان قبل وبعد 15 أبريل 2023م وحتى أغسطس 2025م- إن نسبة النزوح الداخلي انخفضت بنسبة 15% في فترة 8 أشهر (يناير-سبتمبر 2025م) وذلك مقارنة برصد التقرير (رقم 15) الذي صدر في يناير 2025م. وعزا التقرير الانخفاض إلى حركة الرجوع إلى ولايات سنار، الجزيرة والخرطوم (يمكن الرجوع إلى تقرير مراقبة حركة العودة رقم 7).
أظهرت بيانات التقرير أن معدن الشعب السوداني ما زال بخير حيث بلغت نسبة استضافة المجتمعات المحلية لأسر للنازحين داخلياُ (47%) وجاءت نسبة الاستضافة بولايتي سنار والجزيرة (على قمة المجتمعات المضيافة بنسبة (93%) و (86%) على التوالي. وبلغت نسبة استئجار المساكن كمأوى للنازحين (4%) والمعسكرات (17%)، يستشف من التقرير أن نسبة النزوح صَاحَبها تضخيم مخل في وسائل التواصل الاجتماعي، بينما بلغت نسبة الرجوع داخلياً إلى ولايات السودان المختلفة، حتى أغسطس حوالي 1,650 مليون شخص، ومن دول الجوار حوالي 485 ألفاً لذات الشهر.
النزوح الداخلي بين ولايات
السودان حتى أغسطس 2025م

وفقا للتقرير، فإن الوقائع المؤدية للنزوح بلغت 630 واقعة بمعدل 24 واقعة في كل شهر، منها 69% واقعة تعزي للعمليات الحربية و31% تعزى لعوامل مناخية مثل هطول الأمطار الغزيرة في شهر أغسطس 2025م التي أدت إلى نزوح 13,150 شخصا؛ بسبب الفيضانات التي هدمت حوالي 2630 منزلا و200 خيمة وتضرر منها جزئيا حوالي 1,190 منزلا، معظم الأسر المتأثرة بالفيضانات آوت للأسر، وبعضهم استقر في المدارس أو مناطق مفتوحة أو مناطق تجمعات.
بلغ عدد النازحين داخلياً منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023م حتى أغسطس 2025م) (9,819,680) شخصا ينتشرون في (10,847) موقعا داخل (185) محلية بولايات السودان الـ 18. عدد النازحين المذكور يشمل النازحين داخل السودان بعد الحرب (7.46) مليون شخص بينما مثل النازحون داخليا قبل الحرب (2.36) مليون نازح (يمثلون 28% من إجمالي النازحين داخليا)، إذن إجمالي النازحين داخليا بعد حرب التمرد ضد المدنيين بلغ حتى أغسطس 2025م (7,46) مليون شخص، بلغت نسبة السودانيين منهم 99% بينما بلغت نسبة الأجانب 1% وأكبر نسبة من هؤلاء الأجانب بولاية النيل الأبيض، ويمثلون 17% من إجمالي النازحين داخلياً (سودانيين وأجانب) بالولاية.
النزوح الداخلي إلى دول الجوار حتى أغسطس 2025م

بلغ عدد النازحين داخلياً الذين عبروا إلى دول الجوار حتى أغسطس 2025م (4,306,398) شخصا (70% منهم سودانيون، 30% أجانب) من بين هذا العدد استضافة مصر 35% منهم (1,514,827)، جنوب السودان 29% (1,236,66)، تشاد 28% (1,190,495)، ليبيا (142,809)، إفريقيا الأوسطي (45,386) وإثيوبيا (176,217)، بينما بلغ عدد العائدين من هذه الدول إلى السودان حوالي (481,338) شخصا، توزيعهم من الدول التي عبروا إليها كالآتي: مصر (42%)، جنوب السودان (33%)، ليبيا (14%)، منطقة الخليج (10%) وتشاد (1%).
النسب المئوية للنزوح الداخلي وفقا للفئات العمرية

53% من إجمالي النازحين أطفال تبلغ أعمارهم أقل من 18 عاما، وبلغت نسبة الرجال 46% ونسبة النساء 54% وسط النازحين داخليا، ويمكن تلخيص الفئات العمرية بين النازحين داخليا على نحو ما يلي:
الأعمار من 18-59 عاما (18% ذكور و21% إناث)
الأعمار من 6-17 عاما (12% ذكور و14 أنثى)
الأعمار من 1-5 أعوام (7% ذكور و9% إناث)
أقل من سنة واحدة (5% رجال و6% إناث)
مأوى النازحين داخلياً بالولايات

استقر النازحون داخل السودان بين المدن والأرياف، وأبان التقرير بأن 58% منهم استقروا في المدن، و41% في الأرياف، بينما بلغت نسبة الاستقرار في الأرياف في الولايات الشمالية 73% و27% في المدن، وفي البحر الأحمر بلغت نسبتهم 96% في المدن و3% في الأرياف، واستضافت المجتمعات المحلية 47% من أسر النازحين داخليا، واستقر منهم 22% في مناطق مفتوحة،17% في معسكرات، 7% في المدارس والمباني العامة، الاستئجار 4% ومأوى غير ملائمة 3%. بلغت نسبة استضافة المجتمعات المحلية للنازحين داخليا في ولاية سنار (93%) وفي الجزيرة (86%)، أما في شمال دافور، فقد بلغت النسبة 42% في مناطق تجمعات، 30% أسر و22% في معسكرات.
بشريات العودة

زف التقرير بشريات العودة حيث انخفض عدد النازحين داخليا بنسبة 15% أي ما يعادل (1,647,940) شخصا مقارنة بأكبر عدد من النازحين داخليا الذي بلغ ذروته في شهر يناير 2025م ووصل العدد 11,5 مليون شخص (وليس 17 مليوناً كما تروج بعض وسائل التواصل الاجتماعي) وانخفض ذلك ليصبح عددهم حتى أغسطس 2025م 9,819,680 شخصا بعد رجوع حوالي 1,7 شخص من 11 ولاية من ولايات السودان الـ 18، وبلغ عدد العائدين من خارج السودان (481,338) شخصا ليصل عدد العائدين الكلي من داخل وخارج السودان حتى أغسطس (2,129,278 شخصا).
الولايات التي رجع منها النازحون هي: كسلا (18%)، البحر الأحمر (14%)، القضارف (10%)، الجزيرة (8%)، النيل الأبيض (7%)، نهر النيل (4%)، النيل الأزرق (4%). هذا وقد رجع النازحون داخليا من ولايات الاستضافة المذكورة إلى ولاياتهم الأصلية، تحديدا: الجزيرة، الخرطوم، سنار، النيل الأبيض، النيل الأزرق ونهر النيل.
أكبر الولايات استضافة للنازحين داخلياً هي: جنوب دافور (19%)، شمال دارفور (18%) ووسط دارفور (10%)، أما الولايات التي ازدادت نسبة النزوح منها مؤخرا، تشمل: الخرطوم (14%)، شمال كردفان (3%).
تكمن أهمية مثل هذه التقارير المرصودة -في ظل غياب إحصائيات وطنية دقيقة- في أنها تعطي قراءات ومؤشرات بيانية مفيدة لجهات الاختصاص في السودان ومنظمات الغوث الإنساني لوضع خطط لترتيب الأولويات، توزيع المساعدات الإنسانية وإعداد خطط الطوارئ العاجلة للتدخل السريع،
على إثر ازدياد حركة العودة ينبغي للدولة التركيز على التشجيع على العودة الطوعية بتهيئة الظروف مثل بسط الأمن من خلال تكثيف إجراءاته عبر الشراكة بين الشرطة، الجهات الأمنية والمواطنون في مناطق سكنهم عن طريق إنشاء دوريات مشتركة، زيادة سيارات النجدة والأطواف الأمنية وعودة شرطة الخيالة إلخ….،
أبان التقرير بأن عدد النازحين داخليا (داخل وخارج السودان) الذين عادوا بلغ حوالي 2,2 مليون شخص؛ مما يحتم على الدولة ضرورة التركيز والاهتمام بتكثيف حملات صحة إصحاح البيئة بتشجيع المبادرات المجتمعية وتوفير المعينات لها وعقد شراكات بين المبادرات المجتمعية وبين منظمات المجتمع المدني وعقد ورش داخل الأحياء لتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ على نظافة البيئة والتخلص من النفايات على أن تضطلع الدولة بمسؤولياتها بتوفير المعدات والسيارات التي يمكن أن تغطيها التكاليف التي تنفق على زيارات المسؤولين وتلميعهم مع العلم أن الإعلام أيضا مهم، ولكن لا بد من ترتيب الأولويات.
يمكن تشجيع الشركات ورجال الأعمال وحثهم على صرف أموال المسؤولية المجتمعية على حاجات المجتمع الملحة مثل إصحاح البيئة وبسط الأمن على أن يصاحب ذلك التشجيع تحفيز مثل منح إعفاء ضريبي للشركات التي تساهم في تقديم خدمات ملموسة للمجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى