رأي

قحت/تقدم تضرب الجيش لكي تدعم المليشيا

د. محمد عثمان عوض الله

أصداء انتصارات الجيش و استسلام كيكل كانت مزلزلة داخل تنسيقية قحت/تقدم و يظهر ذلك من خلال النشاط المحموم لقيادتها للتشويش عليه. خلال اليومين الماضيين تلا حمدوك خطابا، وكتبت رشا عوض مقالا و 4 منشورات، و أجرى فيصل محمد صالح حوارا، وغيرهم من قادة قحت/تقدم الآخرين و نشطائها في الاعلام. مجهودات مكثفة ومتزامنة كلها عن استسلام كيكل للجيش. لم تنظر قيادات تقدم، لهذا الحدث الكبير إلا من زاوية صراعاتها الحزبية الضيقة التي تقسم الشعب إلى كيزان و غير كيزان لتبث خطاب الكراهية لتلوي به ذراع الجيش. فقد نسبت رشا عوض كل المعلومات المتعلقة بإنجازات الجيش و انتصاراته إلى الكيزان بل و سمتها تسريبات كيزانية. و هي بهذه النظرة الحزبية، لا تعبر عن نفسها، إنما هي جزء من حملة ومنهج كلي اتخذته قحت/تقدم منذ ميلادها، و ظلت تقبض مرتباتها وتمويل انشطتها، مقابل ذلك من عدد من المنظمات الأمريكية و الأوروبية كما اعترفت هي بنفسها. إذاً هذا المجهود يأتي ضمن الوظيفة و الوصف الوظيفي الذي يتقاضون رواتبهم عليه. عماد هذا المنهج هو (أضرب الجيش لكي تدعم المليشيا)، (أضرب الجيش لتدعي أنك محايد)، بل أسوا من ذلك فقد دعت عدد من قيادات تقدم، الجيش للإستسلام لأن المليشيا تتفوق عليه (في ميدان ارتكاب الجرائم)، و دعى الناطق الرسمي لتقدم، الجيش للإستسلام (كما استسلمت اليابان سابقا).

بمجهودها هذا، ظنت هذه القيادات، أنها يمكن أن تشوش على الشعب فرحته بانتصارات الجيش. لذلك ما تركت وسعا ولا حيلة إلا و استخدمتها لمهاجمة الجيش و تبخيس انتصاراته وذلك أولا بنسبة الجيش كله إلى مظلة حزبية لتنفي عنه صفة القومية، كون أن الجيش يعتبر أحد أهم ركائز الدولة و بالتالي يمثل كافة الشعب ويقوم بواجب الدافاع عنهم. و لن يخفي على كل الشعب مدى الدعم الذي تقدمه قحت/تقدم، بهذا المنهج للمليشيا و مدى التخذيل ضد الجيش الذي تفعله.

أرادت هذه القيادات تبخيس انتصار الجيش باستسلام أحد أهم قادة المليشيا وهو كيكل. فنفت رشا عوض أن يكون هذا الحدث الكبير، استسلاما او هزيمته أو تم القبض عليه، وانما اسمته مجرد انضمام للجيش. حاولت أن تغبش على الرأي العام لتقول أن انضمام كيكل للجيش ماهو إلا مجرد تحويل قائد لموقعه من صفوف المليشيا إلى صفوف الجيش. أي أنه يتنقل بين طرفين، ولمزيد من السخرية و التبخيس اسمتها (لعبة القرود) و لكي تفجر في عدائها وصفتها (الفيلم المكسيكي).

لماذا تجتهد رشا و حمدوك وكل تقدم، كل هذا الاجتهاد لتبخس انتصارات الجيش؟ السبب الذي يؤرق مضاجعهم و يؤلمهم هو عدم قبول الجيش للتفاوض مع المليشيا، إلا وفق اتفاق جدة. (يريدون العودة إلى الحكم عبر المفاوضات تحت بند تسليم السلطة إلى القوى المدنية)، لذلك أرادت رشا عوض أن تلوي عنق المنطق لتصنع منطقا جديدا تقول فيه: (السبب الذي جعل الجيش يوافق على التفاوض مع كيكل، لماذا لا يجعله يتفاوض مع حميدتي و مع المليشيا). لابأس أن نسأل جميعا هذا السؤال ونجتهد في الإجابة عليه بموضوعية. لكن رشا أرادت من هذا السؤال إرباك نفسها و إرباك الرأي العام. فقفزت إلى دغدغة المشاعر باختلاقات و توهمات على شاكلة: (يختفي تماما الحديث عن شرف الحرائر والثأر للمغتصبات وشهداء ود النورة والحديث المتشنج على شاكلة لا مكان بيننا للجنجويد المجرمين وان تعلقوا باستار الكعبة). هذا الذي استطاعت أن تكتبه عن انتصارات الجيش وعن استسلام كيكل. ولنبدأ بالسؤال التالي: هل عرض حميدتي ومرتزقته، الاستسلام وفق شروط الجيش، كما فعل كيكل، و رفض الجيش؟ هل قبل حميدتي و مرتزقته تسليم أنفسهم والاستفادة من العفو العام لقائد الجيش، و رفض البرهان ذلك؟ بل هل توسطت رشا عوض نفسها، أو حمدوك، في أن يسلم حميدتي نفسه و جنوده، وفق شروط الجيش، ورفض الجيش ذلك؟

الحقيقة الاولى هي أن الجيش تفاوض مع حميدتي و أتفق معه ووقعوا جميعا على اتفاق حدة، ثم نكث عنه حميدتي. والحقيقية الثانية هي أن كل من حميدتي وكيكل كانوا يهجمون على القرى و يرتكبون الجرائم، وكان الجيش يصدهم و ينتصر عليهم الاثنين. إلا أن كيكل أراد أن يستسلم، وفق شروط الجيش، أما حميدتي فقد رفض و مازال الجيش يطارد جنوده مرتزقة مرتزقه و يحقق الانتصارات عليهم. (رشا عوض تريد أن تقول يجب على الجيش أن يرفض استسلام كيكل ويقول له، طالما أن حميدتي رفض تنفيذ اتفاق جدة ورفض الاستسلام، اذهب وقاتل معه ولا تأتي للسلام ولا تتوقف عن ارتكاب الجرائم إلا معه أيضا). الحقيقة لا مكان للمقارنة بين موقف الرجلين إلا بما تلوي به رشا عوض، عنق الحقيقة.

رشا عوض فأرادت أن تؤدي واجب وظيفتها، و تقبض مرتبها فاسمت ذلك الانتصار (فلم مكسيكي). بل أخرجت أسوأ ما يفضح موقفها حين قالت (إنه صراع مجرد تماما من اي قيمة او مبدأ وطني او اخلاقي! صراع بوصلته الوحيدة مصالح هذه العصابات المتقاتلة ! انها ليست حربا وطنية). طبعا هذا قول من أمتهن مهنة أن يناطح جدار الحقيقة الخرساني الصلب برأسه و عناده، عله يقبض ثمن جروح شعبه و الالامهم، غير مبال بهم. لكنه في حقيقة الأمر قد استنزاف مكانته و استبدل واجب الدفاع عن اهله، بدولارات و تذاكر طائرات.

أما الجانب المضحك في مقالها هو وصفها لنفسها و جماعتها بالآتي: (أما اصحاب الايادي الطاهرة التي لم تتلوث بدم ولم تنهب مال احد ولم تنتهك حرمات احد عندما ترفع راية السلام والحل التفاوضي لايقاف هذه الحرب اللعينة يطالبون الانتربول بالقبض عليهم كمجرمي حرب). الرد الشافي الكافي لهذا القول، ليس من البرهان أو النائب العام أو مئات الآلاف من المستنفرين، فحسب، ولكن من الجاليات السودانية في جميع بلاد العالم من باريس و جنيف و حتى الاسكندرية و القاهرة وغيرها. فلتجاوب رشا عوض لماذا لم يستطع حمدوك، ان كان بكل هذا الطهر، الخروج من قاعة المؤتمرات في باريس لمقابلة الجالية السودانية في باريس بعد انتهاء مؤتمر المانحين فيها؟ دع عنك هذا، والان فلتقم تقدم (باياديها الطاهرة) محاضرة أو ندوة مفتوحة وعلنية في أي مدينة شاءت داخل او خارج السودان، لا فرق مهما كان عنوان المحاضرة، فقط تكون مفتوحة للجمهور!!!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى