رأي

في نعي الفريق طيار الفاتح عروة

 

علي حسن أحمد البشير 

تشرفت بالعمل معه في شركة زين زهاء العشر سنوات ، وسافرت معه كثيراً ، وكنت لصيقاً به في كثير من المواقف والمنعطفات ..

رحم الله الفاتح صاحب القلب الكبير ، أخو الأخوان ، سليل الأسرة العريقة والأب الروحي لكل أهله وأسرته الكبيرة الممتدة .. رحم الله الفاتح المتفقد لزملائه وأصدقائه وراعي أسرهم..

رحم الله الفاتح إبن البلد الأصيل الضابط العظيم والمهني المتميز الذي لا يشق له غبار .. أفنى زهرة شبابه في خدمة وطنه تخطيطاً استراتيجياً وتكتيكات عسكرية وتنفيذاً عملياتياً وقتالاً وعملاً دبلوماسياً ورائداً لأكبر الشركات الإقتصادية في البلاد وكل المنطقة ..

من قدم لهذه البلاد مثلما قدم الفاتح عروة ؟؟

حينما كان الخطر الأعظم يواجه البلاد من نظام منقستو في أثيوبيا تصدى الفاتح عروة وسخّر علاقاته وإمكاناته الأمنية وقاد مع آخرين عملية تغيير النظام الأثيوبي ، بل إنه خاطر بحياته وقاد بنفسه طائرة ملس زناوي وهبط بها في قلب أديس أبابا قبل اكتمال عملية تأمينها..

من قدّم لهذه البلاد مثلما قدّم الفاتح عروة ؟

الفاتح عروة أول من أدخل خدمة ال GPS في عمليات الجنوب ، وحينما احتاج الجيش لإدخال أسلحة نوعية جديدة كانت الهيليكوبتر المقاتلة الأبابيل ، انبرى الفاتح عروة وهو وزير فقاد بنفسه إحداها وأحدث فارقاً كبيراً في ميزان القوى مع حركة التمرد ..

كم خاطر الفاتح عروة بحياته وهو يتجول مع الشهيد إبراهيم شمس الدين في أحراش وأدغال الجنوب يتفقدان القوات المتقدمة ويرفعان الروح المعنوية للجنود ..

من قدّم لهذه البلاد مثلما قدّم الفاتح عروة ؟

حينما اشتدت الضغوط الخارجية علينا وازداد الحصار لم تجد الإنقاذ أفضل من الفاتح عروة الذي صال وجال في أروقة الأمم المتحدة ونافح عن البلاد وحقق نجاحات كبيرة بشهادة الدبلوماسيين الذين عملوا معه ..

من قدّم لهذه البلاد مثلما قدّم الفاتح عروة ؟

ختم حياته المهنية برئاسته لشركة زين للإتصالات فجعل منها أكبر شركات الإتصالات في السودان وفي كل المنطقة ، وأصبح من رواد هذا القطاع ومن المتميزين فيه ..

وختم حياته بتسجيلات وثائقية ، وثّق فيها لتجربته العملية الأمنية والسياسية ، وكتب مذكراته صوتاً وصورة أنصف فيها من يستحق الإنصاف ، وألقى باللوم لمن يستحقه .. وحكى الوقائع مجردة .. وأزال عن نفسه الشبهات .. وكانت ردوده عملية للمتشككين في ولائه لدينه ووطنه ، وتجاوز عن من أساء به الظنون ..

لقد قدم الفاتح رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته لحركة الإسلام خدمات جليلة ومعلومات قيمة وكان يحظى بالثقة المطلقة من قبل الشيخ حسن الترابي رحمه الله والأخ المشير عمر البشير .. ورغم أنه كان خارج أسوار الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني إلا أنه بحكم مسؤوليته الوطنية كان ناصحاً وموجهاً ومراقباً ومنافحاً .. بل إنه حتى بعد سقوط الإنقاذ كان على علاقة وتواصل مع أعضاء المجلس العسكري الانتقالي ثم مجلس السيادة ناصحاً ومحللاً وداعماً بقوة للقوات المسلحة التي تربى في كنفها وواقفاً بحزم ضد الجنجويد وحلفائهم ..

لقد كان فقيدنا مع معاناته المرض واثناء فترة علاجه علي تواصل مع قادة القوات المسلحة والمستنفرين في الخطوط الامامية ما استطاع الي ذلك سبيلا رفعاً للروح المعنوية للقادة والافراد……

وهكذا الأرض تُنتقص كل يومٍ من أطرافها برحيل الوطنيين المخلصين الصالحين أمثال الفريق الفاتح عروة ..

رحم الله فقيدنا العزيز وأعلى منزلته وأكرم نزله ، وجعل البركة في زوجه وأبنائه وإخوانه وأخواته وأحفاده و أسرته الممتدة ..

” إنّا لله وإنّا إليه راجعون ”

وإنّا والله لفراقك يا أبا محمد لمحزونون .. لمحزونون ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى